أعلنت مصادر سياسية ودينية مطلعة أن اتفاقا لانتخاب رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا الشيخ القاضي عبد اللطيف دريان خلفا للمفتي الحالي الشيخ محمد قباني نهاية هذا الأسبوع، جاء نتيجة لجهود شخصيات لبنانية سنية و مبادرة مصرية "بتوجيه من الأزهر الشريف" ويمنع "أي انقسام قاتل" قد يؤدي إلى انتخاب مفتيين اثنين للبنان. وقال الوزير السابق عبد الرحيم مراد خلال مقابلة مع وكالة "الأناضول" الإخبارية: "إن التوافق على اسم القاضي دريان "تم وهو سيكون مفتي لبنان العتيد" ابتداء من 16 أيلول/سبتمبر المقبل، بعد يوم واحد على انتهاء ولاية المفتي الحالي الشيخ محمد قباني". وأوضح مراد، الذي كان على اطلاع واسع بالمساعي التي أفضت لهذا الاتفاق، أن عدة شخصيات لبنانية سنية سعت خلال الأيام الماضية مع رؤساء الحكومات السابقين من جهة ومع المفتي قباني من جهة أخرى من أجل التوصل لاتفاق يحول دون انتخاب مفتيين اثنين للبنان "الأمر الذي سيكون كارثيا ومعيبا". وأشار مراد إلى أن هذه المساعي "نجحت بالتوصل لتوافق على اسم دريان". وأكد أن هذا الاتفاق "أتى نتيجة مبادرة مصرية قادها القنصل المصري في لبنان شريف البحراوي بتوجيه من قيادته والأزهر الشريف ودعم من السفير السعودي في لبنان علي عسيري والسفير السوري علي عبد الكريم علي". وأوضح مراد أن السفيرين السعودي والسوري في لبنان "أيدا أي اتفاق بين السنة حول مفت واحد للبلاد بغض النظر عن اسمه". وأشار إلى أن من بنود هذه المبادرة أن يتراجع المفتي قباني عن الدعوة لانتخاب مفت جديد للبلاد في 31 آب/أغسطس الجاري ويكتفي بالدعوة التي وجهها رئيس الحكومة تمام سلام لنفس الغاية في العاشر من هذا الشهر. وكان المدير العام للأوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة دعا في وقت سابق مجلس الانتخاب الاسلامي الى انتخاب مفت جديد للبنان يوم الاحد في 31 آب/أغسطس المقبل في دار الفتوى. الا ان سلام حدد الاسبوع الماضي، يوم الاحد المقبل موعدا لانتخاب المفتي الجديد. ولفت مراد إلى أن ضمانات عديدة طلبت من الشيخ دريان، أهمها أن لا ينحاز لأي فريق لبناني دون طرف آخر وأن يكون على مسافة واحدة من الجميع، مضيفا أن المطلوب منه أيضا إنجاز إصلاحات حقيقية لمؤسسات دار الفتوى والأوقاف الإسلامية "وليس إصلاحات تخريبية كان قد اقترحها رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة". ومن أهم التعديلات التي اقترحها السنيورة على المرسوم 18 الخاص بدار الفتوى، والبالغة 19 تعديلا، والتي يحاربها المفتي قباني، تعديل المادة الأولى منه والتي تنص على أن "المسلمين السنيين مستقلين استقلالا تاما في شؤونهم الدينية، وأوقافهم الخيرية"، فألغى التعديل المقترح كلمة "الخيرية" . ومن المقترحات أيضا تعديل المادة الثانية من المرسوم، والتي تنص على أن "مفتي الجمهورية اللبنانية هو الرئيس الديني للمسلمين، وممثلهم بهذا الوصف لدى السلطات العامة"، فأضاف مشروع التعديل المقترح كلمة "السنّة" ليصبح نص المادة "مفتي الجمهورية اللبنانية هو الرئيس الديني للمسلمين السنة" . وتعتبر دار الفتوى أن هذه التعديلات لم تبق لمفتي الجمهورية اللبنانية من الصلاحيات سوى استقبال الزائرين وإجابة المستفتين عن أسئلتهم، وهو أمر "لا يسوغ في بلد كلبنان يتمتع رؤساؤه الدينيون بمرجعيتهم لأوقافهم وبصلاحيات واسعة في مؤسساتهم الدينية والاجتماعية" . وختم مراد بأن "السنّة في لبنان خرجوا بهذا الاتفاق من مأزق خطير كان سيهدد كيانهم". وقالت مصادر دار الفتوى ل"الأناضول": "إن هذا الاتفاق أتى "بسبب الظروف الحرجة التي يمر بها لبنان، والأجواء المتوترة في المنطقة، منعا لأي انقسام قاتل وحرصا على وحدة المسلمين وصونا لدار الفتوى ومقام مفتي لبنان". وأوضحت المصادر أن الاتفاق ينص على أن يكون الشيخ دريان مفتيا للبلاد لمدة 5 سنوات فقط، يدعو خلالها لانتخاب مجلس إسلامي شرعي جديد، ويعقد "لقاء مصالحة" بين رؤساء الحكومات السابقين والمفتي قباني، إضافة للتحضير لمؤتمر إسلامي موسع في مقر الدار في بيروت. ولفتت الى أن المطلوب من الشيخ دريان، وفق الاتفاق، تحديث دار الفتوى والحفاظ على صلاحيات المفتي ودار الفتوى ك"مرجعية وطنية إسلامية" دون "ممارسة أي كيدية أو إقصاء لأي طرف".