اتسم موسم الأمطار في كوت ديفوار هذا العام بقسوته على سكان الأحياء الفقيرة بأبيدجان بعد أن أتت السيول الطوفانية والانهيارات على بيوت العديد منهم، وحتى الفرحة التي شعر بها البعض لنجاته من غضب الطبيعة، سرعان ما تبددت بعد أن طالت عملية انتظار إعادة إيوائهم من قبل السلطات. في حي "سانتي 3" المعروف باسم "موسيكرو"، على مستوى خط النقل العمومي الرابط بين "ادجامي - يوبوغون" في مدينة أبيدجان، تظهر آثار الأمطار الطوفانية والانهيارات التي خلفت 39 ضحية، وعددا مهولا من المشردين، بادية للعيان. في مركز شرطة الدائرة 28 من أبيدجان، يجد عونا الأمن المكلفان بتحديد موقع المنكوبين صعوبة في العثور على من عصف بهم غضب الطبيعة. المعلومات تفد مخبرةً عن ضرورة تفقد مدرسة ابتدائية على بعد نحو 150 مترا من المركز. في ساحة المدرسة، لا وجود إلا لبعض أطفال يؤكدون أن بعض من فقدوا بيوتهم لا يأتون إلى هنا (المدرسة) إلا ليلا بغية النوم، ليغادروا في الصباح. في نفس المنطقة، اختار بعض المتضررين قضاء لياليهم داخل مسجد الحي، من بينهم رجل طاعن في السن، يفترش حصيرا، بكل طمأنينة. "دياكيتي توماني" اضطر إلى إرجاع زوجته لتبيت في بيت أهلها فيما اختار هو المسجد للنوم، تماما كما "نيامبيلي بينوغو". وقال "توري سليمان" المتحدث باسم هؤلاء المتضررين قال للأناضول أن "تدابير الدعم وحدها لا تكفي، هناك العديد من الإخلالات في عملية إعادة الإيواء القسري" (للأشخاص الذين يعيشون تحت أسقف هشة). وعلى امتداد شهر رمضان سارع المسلمون بدعم للمتضررين عبر تقديم معونات تشمل مواد غذائية وبعض المبالغ المالية. علاوة على ذلك، قامت الجالية المسلمة هنا بتقديم الدعم للمتضررين الذين توزعوا على بيوت أسر تأويهم وبين دار الشباب "أتيكوبي" والقاعدة العسكرية البحرية "لوكودجورو". الشيخ "نيامبيلي"، يؤمن بأن "كل ما يحدث ، هو من عند الله ويجب شكره على كل شيء"، كما يصرح بذلك في هدوء للأناضول. الحكومة الإيفوارية من جهتها، أطلقت بتاريخ 16 يوليو/تموز من الشهر الجاري حملة تدمير للمواقع التي اعتبرتها تمثل خطرا على الناس في أبيدجان. ليس بعيدا عن "كوكودي - دانغا"، أحد الأحياء الراقية في أبيدجان، قامت البلدية بتدمير أحد الأحياء الهشة ناحية الجرف، ويطلق على هذا الحي إسم "بوركينا الصغيرة" وهو يأخذ إسمه من الجالية البوركينية الكبيرة التي تعيش فيه. في الأثناء، تلاقي عمليات إخلاء الأحياء الهشة سخطا كبيرا في صفوف المتضررين. "ساوادوغو عبدولاي" أب ل 4 أطفال يقول للأناضول في نبرة العاجز: "لقد طلبوا منا المغادرة الأسبوع الماضي، جاء أعوان المصالح البلدية للحي وأعلمونا بذلك (احتمال الإزالة)، لا ندري متى سيقع طردنا". ويرفض العديد من الذين تضررت مساكنهم، التي تعتبر الحكومة أنها تمثل تهديدا على حياة الناس، إخلاء بيوتهم معتبرين أن مبلغ 150 ألف فرنك إفريقي (333 دولارا) التي خصصتها الحكومة للمنقولين، هو مبلغ زهيد جدا أمام غلاء أسعار الكراء في أبيدجان. في الأثناء، يواصل الأطفال التمتع بعطلتهم المدرسية بعيدا عن الضغوط التي يعيشها ذويهم، يركضون بصدور وأقدام عارية غير عابئين بشيء، هو الأمل، الاسم الآخر للحياة.