انتخابات مجلس النواب.. إقبال كبير على التصويت في النمسا وتوقعات بزيادة مشاركة المصريين بالخارج    البلشي يدعو الصحفيين إلى الامتناع عن نشر معلومات حول الأطفال ضحايا الاعتداء بمدرسة العبور    ساحة الابتكار Innovation Arena تقدم حلولاً في الصحة والتعليم والمدفوعات والطاقة خلال 2025 Cairo ICT    رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة يدعو الحكومة لمراجعة رسوم الإغراق على البليت لضمان التنافسية وتشغيل المصانع المتعطلة    الرئيس اللبناني: الجيش جاهز لتسلم النقاط المحتلة في الجنوب ومستعدون للتفاوض    جعجع: مزارع شبعا ذريعة بيد حزب الله... والحل القانوني متاح وواضح    اضرب بكل قوة.. مصطفى بكري يوجه رسالة حاسمة للرئيس السيسي    جدول ترتيب دوري المحترفين بعد انتهاء الجولة الثالثة عشر    الأهلى يهزم الطيران في الجولة الخامسة عشر بدورى محترفي اليد    التموين تتحفظ على 2.4 طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    «عالم النبات» يفوز بجائزة أفضل فيلم آسيوي طويل في القاهرة السينمائي    نيكول سابا تتألق خلال تكريمها بأفضل ممثلة عربية: مصر دايمًا مغرقاني بحبها    وكيل صحة شمال سيناء يزور وحدة الشلاق بالشيخ زويد لمتابعة الخدمات    فيديو وصور.. السيدة انتصار السيسي تصطحب قرينة رئيس كوريا الجنوبية في زيارة للمتحف الكبير    الترسانة يتعادل مع المنصورة في ختام الأسبوع ال13 بدورى المحترفين    أهلي جدة المنقوص يتقدم على القادسية في الشوط الأول    آية عبد الرحمن: الشيخة سكينة حسن شهد لها كبار القراء بخشوع صوتها ودقة آدائها    للمرة الثانية في تاريخه.. الجيش الملكي بطلًا لدوري أبطال أفريقيا للسيدات    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    سقوط عصابة تقودها فتاة استدرجت شابًا عبر تطبيق تعارف وسرقته تحت تهديد السلاح بالدقي    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر صواريخ على سواحل الكاريبي ردًا على التهديدات الأمريكية    أحمد فؤاد سليم يكشف سر استمرار زواجه 50 عاما: الحب هو الأساس والأحفاد فلفل الحياة    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    نتنياهو يهاجم الشرع: عاد مُنتفخا من واشنطن    اتحاد جدة يستعيد الانتصارات أمام الرياض في الدوري السعودي    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي بتوقيع الموسيقار هاني فرحات    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    ضبط طفلان تعديا على طلاب ومعلمي مدرسة بالسب من سطح منزل بالإسكندرية    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    «المال في مواجهة الطموح».. هل يحسم «طوفان اللافتات» مقاعد البرلمان؟    ميدو عادل: خشيت فى بعض الفترات ألا يظهر جيل جديد من النقاد    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    بالصور.. استعدادات حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال46    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    فليك: ميسي أفضل لاعب في العقد الأخير.. وتدريبه ليس من اختصاصي    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    إصابة 3 شباب في حادث مروري بنجع حمادي    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    11 قرارًا جمهوريًّا وتكليفات رئاسية حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات ورسائل قوية للمصريين    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة تحت النار .. الورقة المصرية استنساخ لاتفاق الهدنة (37)
نشر في محيط يوم 25 - 07 - 2014

كأن التاريخ يعيد نفسه من جديد، على الأرض نفسها، وللأسباب ذاتها، وبين الفرقاء والأطراف أنفسهم، وبنفس الوسطاء الدوليين، وتحت مظلة الأمم المتحدة مرةً أخرى، وبرعاية ومباركة أمينها العام، لكنه يعيد نفسه بصورةٍ أقسى وأشد، وأكثر إيلاماً وأبلغ وجعاً، إذ فيه استخفافٌ بالفلسطينيين واستفرادٌ بهم، وتخلي عنهم، ومحاولة لخديعتهم والتغرير بهم، وجرهم إلى اتفاقٍ مذل، ومعاهدة مخزية، تضيع الحقوق، وتفرط في التضحيات، وتثبت وقائع جديدة، وكأن العرب لا يتعلمون من ماضيهم، ولا يقرأون تاريخهم، ولا يستفيدون من خيباتهم، ولا يعون الدروس التي مروا بها وآباؤهم، فيقعون في ذات الأخطاء، ويسقطون في نفس المزالق.
في العام 1948، وبعد أن احتلت العصابات الصهيونية مساحاتٍ كبيرة من أرض فلسطين التاريخية، وسيطرت عليها بقوة السلاح، وطردت مئات آلاف الفلسطينيين من أرضهم وبلداتهم، واستولت على مساكنهم وبيوتهم، وحلت فيها مكانهم، كانت الجهود الدولية كلها منصبة باتجاه وقف إطلاق النار فقط، وتأمين القوات العسكرية الصهيونية، التي كانت تحتاج إلى الهدنة لتثبيت نفسها، دون المطالبة بخروجها من البلدات التي احتلتها، وتخليها عما استولت عليه من أراضٍ بقوة السلاح.
كانت المفاوضات تجري بين العصابات الصهيونية والدول العربية بواسطة الأمم المتحدة، لكنها كانت برغبةٍ إسرائيلية، لحاجتها إلى التهدئة، وأهميتها بالنسبة لها في ذلك الوقت، لتثبيت وقفٍ فوري لإطلاق النار، على أن يتبعه مفاوضات مفتوحة بين الطرفين، للتفاهم على الأوضاع المستجدة، والتوصل إلى حلولٍ مشتركة.
لم تكن هناك نقاط متفق عليها للحوار، ولم تفرض شروط مسبقة كعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل مايو/آيار من العام 1948، ولم تكن هناك آلية لعودة مئات آلاف اللاجئين إلى بيوتهم وقراهم، بل ركزت المفاوضات على الحفاظ على الأوضاع الراهنة المستجدة، والتي تعني اقتطاع 70% من أرض فلسطين التاريخية، وبقاءها تحت السيادة الإسرائيلية، إلى حين إجراء مفاوضات بين الفرقاء لتحديد الصورة المستقبلية والدائمة للأرض والسكان، وتركت هذه القضايا الأساسية للضمير الدولي والنوايا الإسرائيلية، التي كانت مبيتةً ومحسومةً لدى الطرفين معاً، بأنه لا عودة إلى الوراء، ولا تراجع عن المكتسبات.
وهكذا كانت الهدنة الأممية الأولى التي أنهت الحرب، وأوقفت إطلاق النار، وفرقت العرب إلى اتفاقياتٍ مستقلة، في رودس ورأس الناقورة، الخطوة الأولى نحو تأسيس الكيان الصهيوني، وتكريس واقع الاغتصاب، إذ أصبحت الهدنة الطويلة الأمد هي الأساس، واعتبرت أي محاولة لاستعادة الحقوق، والعودة إلى الأرض، وإعادة السكان، بمثابة خرق لاتفاق إطلاق النار، وتهديد للهدنة القائمة بين الفريقين، وبدلاً من أن تقوم الأمم المتحدة بضمان استعادة العرب لحقوقهم، قامت برعاية اتفاقيات ضمان منع الاعتداء العربي على دولة الكيان الصهيوني الجديدة، وما زال العرب إلى الآن يحتكمون إلى اتفاقيات الهدنة، التي أصبحت القاعدة القانونية والمرجعية الدولية لأي خلافٍ أو نزاعٍ بين الطرفين.
إنه الحال نفسه يتكرر، فالعدو الصهيوني يريد وقفاً لإطلاق النار، وإنهاءً لحالة الحرب القائمة، وفق هدنةٍ طويلة، ترعاها الأمم المتحدة، على أساس نزع سلاح المقاومة، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، ليأمن العدو الصهيوني هذه الجبهة، ويتفرغ للعمل الاستيطاني في القدس والضفة الغربية، ويبدو أن الأنظمة العربية التي وافقت على الهدنة القديمة، وفرضتها على جيوشها بالقوة، هي نفسها اليوم التي تريد أن تفرض الهدنة الجديدة، بالشروط الإسرائيلية، والضمانات والكفالات الدولية التي كانت، والتي أشرفت على رعاية تأسيس الكيان وضمان استمراره آمناً مطمئناً.
لا أدعي أن الفلسطينيين في قطاع غزة، أنهم ليسوا في حاجةٍ إلى تهدئة تعيدهم إلى الحياة، وتمكنهم من التقاط أنفاسهم، وأخذ قسطٍ من الراحة لنفوسهم وأجسادهم، التي أنهكتها الحرب، ومزقتها القذائف، وهدنةٍ تمكنهم من استعادة بناء ما دمره العدوان، بل هم في حاجةٍ ماسةٍ لها، ليستجموا عن عناء الحرب المتواصلة، وليتفرغوا لدفن شهدائهم، وتضميد جراحهم، وإزاحة الركام وإبعاد الردم الذي ملأ شوارعهم، بعد أن دمر بيوتهم ومساكنهم ومساجدهم، ليباشروا حياتهم المجهدة من جديد، ومواصلة عملهم المعدوم مرةً أخرى.
لكن الفلسطينيين الذين كوتهم الهدنة الأولى، ودمرت حلمهم القديم في دولتهم ووطنهم، لا يريدون أن تكون الهدنة الجديدة على حسابهم، ولا أن تكون التهدئة لصالح عدوهم، إذ لا يقبل عاقلٌ أن يتوقف عن مقاومة من قتل أهله، ودمر بيته، واعتقل إخوانه، في الوقت الذي يتهيأ فيه لمعركةٍ أخرى، يكرر فيها ذات الجرائم، ضد نفس السكان والمناطق.
فحتى تكون التهدئة منطقية ومقبولة، وتكون مخالفة لاتفاقية الهدنة لعام 48، ينبغي أن تطرح كل الملفات على الطاولة، وأن يتم الحوار حولها مرةً واحدة، وأن تتخذ القرارات المتعلقة بها مسبقاً، ليعرف الفلسطينيون مآل تضحياتهم، ونتيجة صمودهم، وإلا فإن العدو ماكرٌ خبيث، لا يؤمن جانبه، ولا يصدق كلامه، ولا ثقة في وعوده وتعهداته، والمجتمع الدولي كاذبٌ ومخادع، لا يعدل ولا ينصف، ولا يناصر الحق، ولا يقف مع المظلوم، بل عودتنا سيرته أن يكون دوماً مع العدو الظالم ضد الفلسطينيين وهم الضحية، وعلى الأنظمة العربية أن تعي ماضيها، وأن تتعلم من تاريخها، وأن تكون نصيرةً لأهلها، وعوناً لأمتها، لا أن تكون بيد العدو سيفاً يقتل، وسكيناً تقطع، وخنجراً يطعن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.