قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر). فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً ، فقال: (إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق، وغمط الناس) . الكبر هو: أن يعتقد الإنسان أنه خير من الناس، وأنه فوقهم جميعاً، وأنه أفضل منهم، وأن يعتقد أن عمله خير من عمل الناس. والتواضع هو: أن يرى الإنسان نفسه بسيطاً،لا يرتفع على غيره بعلم، ولا بمال، أو بعمل، بل يخفض جناحه لهم أي يكون لينا، رفيقاً بهم. رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من تواضع: *لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هو أكثر الناس تواضعاً وهو خير خلق الله، وخير الناس، فقد قال الله تعالى له: (واخفض جناحك للمؤمنين) . *وقال الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . فالناس كلهم من آدم، وآدم خلق من تراب، فالكل متساو أمام الله عز وجل، لا فضل لأحد على أحد إلا بالإيمان والعمل الصالح. *وقد كان سيدنا بلال بن رباح أسود الوجه لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه، ويقدره، وكان يقول عنه: (سيدنا) لأنه كان من أوائل المسلمين، ولما قال له أحد المسلمين: يا ابن السوداء ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، حتى نام الرجل وقال لبلال: ضع قدمك على رقبتي يا بلال حتى لا يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعفا عنه سيدنا بلال. *لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد). *لقد سأل رجل رجلاً آخر فقال له: كيف تنظر إلى الناس؟ وكان الرجل متكبراً فقال: أراهم مثل الذباب K فقال: وهم ينظرون أيضاً إليك أنك ذبابة. *وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تواضع أحد لله إلا رفعه). فالتواضع يرفع الإنسان، ولا يخفضه، فقد تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعه الله، حتى أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة دخل وهو مطاطئ الرأس حتى كادت ذقنه تلتصق بسرج بغلته التي كان يركبها. *كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يساعد أهله في بيته، ولا يخجل من هذا أو يتكبر، وبعض الصغار يتحرجون من مساعدة أمهاتهم أو آبائهم وهذا من الكبر. *وكان صلى الله عليه وسلم يحمل التراب مع أصحابه يوم الخندق، حتى غطى التراب بطنه وشعره. *وكان يجلس على الأرض، ويوضع طعامه بالأرض، ويعلف دابته – أي حماره أو بغلته أو جمله، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تطروني -ولكن قولوا: عبد الله ورسوله). *وكان صلى الله عليه وسلم إذا ناداه أحد كبير أو صغير، غني أو فقير، سيد أو عبد، سيد أو خادم قال: لبيك، ولم يقل لأحد يوماً ما: أف. معنى قوله تعالى: (واخفض جناحك للمؤمنين) . لقد انزل الله عز وجل هذه الآية يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتواضع للمؤمنين، ولكن لماذا قال: (وأخفض جناحك)؟. لأن المتكبر يظن نفسه أنه يطير في السماء مثل الطائر يطير بجناحيه، ولكن حينما يقف على الأرض ويضم جناحيه إلى صدره وبقية جسده يكون متواضعاً ساكناً، وهكذا أراد الله عز وجل من نبيه صلى الله عليه وسلم وأراد منا رسول الله أن نكون مثله ولنا فيه صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، والأسوة. من صور التواضع ومظاهره: *ويوماً خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فأرادوا أن يذبحوا شاه، ويضعونها على النار ، فقال صحابي من الصحابة: أنا سأذبحها ، وقال آخر: وأنا أسلخها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأنا علي جميع الحطب)، فتواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشارك في جمع الحطب لتشعل به النار. *وكان الخليفة عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه – يجلس مع أحد عماله في يوم، وانطفأ المصباح ، فقال الرجل : أنا أشعله يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : بل أفعل أنا، ثم ذبه وأوقد المصباح ، ولما عاد قال للرجل: ذهبت وأنا عمر، وعدت وأنا عمر، وما نقص مني شيء، وخير الناس من كان عند الله متواضعاً. *وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يلبس ثوباً مرقعاً يمشي به في المدينة وهو حاكم للمسلمين. ونحن إذا أردنا التواضع فهذه صوره ومظاهره: *السلام على الكبير والصغير، والغني والفقير. *التواضع للناس بمساعدتهم، وتقديم العون لهم. *ألا يتكبر واحد منا فيقول: أنا من عائلة كذا الشهيرة، أو نحن أغنياء وأنتم فقراء. *إذا جاء إلينا الكبير يسلم علينا قمنا له توقيراً واحتراماً، وتواضعاً له. *التواضع للوالدين، بتسوية ملابسهم، وتنظيف نعالهم، وتقبيل أيديهم. *إجابة الدعوة من الغني والفقير. *زيارة اليتيم، والفقير، والمسكين، والمريض، والتواضع لهم. قصة طريفة: وقفت بعوضة على شجرة، فقالت البعوضة: وقفت على الشجرة العظيمة، فقالت الشجرة: وقفت وأنت ذبابة، وظللت أنا شجرة. من مظاهر الكبر: وعلى الناحية الأخرى يقف المتكبرون، يذمهم الله تعالى، ومن مظاهر الكبر: *بطر الحق: وبطر الحق معناه عدم الاعتراف به، والتصميم على الكذب، تكبراً على الناس. *غمط الناس: وهو احتقارهم، فتجد الشخص يحتقر أصدقاءه بحجة أنه أغنى منهم، أو أنه من عائلة شهيرة، أو أن أباه صاحب منصب كبير، فيحتقر الناس جميعاً وهو من الكبر. *إعجاب الإنسان بنفسه، فيقول: أنا أفضل الناس وخيرهم، وأشجعهم، وهذا هو الغرور بعينه والإنسان المتكبر مغرور دائماً لا يحبه الله عز وجل ولا يحبه الناس. من قصص المتكبرين: *وأكثر الناس تكباً كان هو قارون صاحب المال الكثير على عهد موسى –عليه السلام -، فكان جزاؤه حين قال: (إنما أوتيته على علم عندي) أي المال، وأنكر فضل الله عز وجل أن زلزل الله الأرض به، فهلك، وهلكت معه أمواله. *وحكى لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً لبس ثوباً جديداً – وكان الرجل مغروراً متكبراً – فمشى متكبراً -، فخسف الله به الأرض – أي زلزلها – فهو في بطن الأرض يعذب فيها إلى يوم القيامة. ليس من التكبر !! ولكن إذا لبس ثوباً نظيفاً، وحذاءً نظيفاً، واهتم بمظهره الخارجي، هل يكون متكبراً؟ يجيبنا النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال). فليس هذا من التكبر، ولكن من الجمال والنظافة، والله تعالى يحب المسلم الطاهر، النظيف الجميل، لأنه سبحانه جميل يحب الجمال. جزاء المتكبرين: *لا يكلمهم الله تعالى يوم القيامة، فالله عز وجل لا يكلم المستكبرين يوم القيامة. *يدخلون النار مع قارون، وفرعون، وكل المتكبرين. *يجعلهم الله تعالى يوم القيامة على هيئة وصورة الذر – وهو صغار النمل – فيدوسهم الناس بالأقدام، ثم يدخلون الناس يعذبون فيها. *يعذبهم الله عز وجل في النار عذاباً شديداً. *يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشفع فيه يوم القيامة، ويبتعد عن مجلسه في الجنة. *يكرهه الناس وينفرون منه. *أما المتواضع فهو من أهل الجنة، وقريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه الناس جميعاً، ويقدرونه.