من أصعب القرارات التي تحتار كثيرا قبل الشروع في تنفيذها، هو اختيار شريكة حياتك، ولأنه غاية نبيلة ومطلب شرعي وصيانة للنفس، فقد قدم لك الشارع العليم ما يساعدك في حسن الاختيار ووضع أسس سليمة من البداية كي تكتمل رحلة الإنسانية على الفطرة التي يريدها الله تعالى. وشرع الله الزواج لأنه الوحدة الأولي لبناء مجتمع متماسك قوي لا تقهره الظروف، فالمنهج الذي وضعته الشريعة الإسلامية في الزواج هو منهج يلائم طبيعة الوجود ويتفق مع حياة العالم الاجتماعية . ومن أهم الغايات النبيلة للزواج، أنه الطريق الأمثل والأرقى للتعبير عن عاطفة الحب، وقد روى عبدالله ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال "لم نرى للمتحابين مثل التزوج " رواه ابن ماجه. حض الإسلام علي الزواج ورد في القرآن الكريم كثير من الآيات التي حض الله فيها علي الزواج مبينا أهميته، منها ما جاء في سورة الروم "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " أي ومن نعمه عليكم أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ليكون كل منكم سكن للآخر. والتعبير القرآني اللطيف الرفيق يصور هذه العلاقة تصويرا موحيا, وكأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب وأغوار الحس: (لتسكنوا إليها). . (وجعل بينكم مودة ورحمة). ومما ورد من السنة النبوية في الحض علي الزواج الحديث المشهور عن عَلْقَمَةَ ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ الله بِمِنىً، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمٰن أَلا نُزُوِّجُكَ جَارِيَةٌ شَابَّةً، لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَىٰ مِنْ زَمَانِكَ. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ الله: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ الله : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ». رواه البخاري ومسلم . كيف تختار زوجتك وضع الرسول صلي الله عليه وسلم خريطة لمن يريد الزواج حتى يعيش حياة سعيدة بعيدا عن الضغط النفسي والإحساس بالندم وعدم الاختيار الصحيح بعد الزواج فقال : " ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء، المرأة الصالحة: إذا نظر إليها سرته وإذا غاب عنها حفظته وإذا أمرها أطاعته " فعبر صلي الله عليه وسلم عن المرأة الصالحة بأنها تمثل كنز للرجل والتي تتسم ببعض الصفات من بشاشة الوجه أمام زوجها وحفظه في ماله وفي عرضه وطاعته . وجعل صلى الله عليه وسلم اختيار صاحبة الدين مقدم على الحسب والنسب والجمال فقال " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" أي ففز بصاحبة الدين وان الزواج من غير صاحبة الدين لا قيمة له كالتراب. ومن النصائح التي نصح النبي بها المتزوج، أن تكون الزوجة كريمة العنصر وطيبة الأصل فقال "تزوجوا في الحجر الصالح، فإن العرق دساس" ومن طريف ما يروى في هذا المعني أن أبا الأسود الدؤلي قال لأولاده "أحسنت إليكم صغارا وكبارا وقبل أن تولدوا ، فقالوا كيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ فقال: اخترت لكم أمهاتكم". وكان من أهم ما جعله النبي صلي الله عليه وسلم مقدما في الرجل الدين والخلق فقال " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" فكما جعل المرأة الصالحة كنز للرجل جعل أيضا الرجل الذي يمتلك قدرا عال من الأخلاق والدين مقدم على غيره .