أم إبراهيم مارية القبطية بنت شمعون، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تكن من إحدى زوجاته بل كانت ملك يمين لنبي الله محمد، كان أبوها قبطي مصري وأمها مسيحية رومية، أرسل الرسول محمد كتابا لزعيم القبط يدعو المقوقس إلى الإسلام، فرد المقوقس بكتاب وجاريتين هما مارية وأختها سيرين. احتفظ النبي بمارية لنفسه وأهدى أختها لحسان بن ثابت، ولما بلغ خبر مارية لنساء الرسول صلى الله عليه وسلم ثارت غيرتهن بسبب مكوث النبي لديها وقتا طويلا، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها "ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية فكانت جميلة جعدة فأعجب بها رسول الله". أسلمت مارية وتحجبت شأنها شأن بقية أمهات المؤمنين، عاشت مع رسول الله في المدينة وذات ليلة أخبرتها بحملها واستقبل الخبر بفرحة شديدة فقد كان عمره قارب الستين، ولدت مارية في العام الثامن للهجرة وانشرح صدر النبي بعدما بشر بالغلام، واسماه إبراهيم وبعد مرور عدة أيام من ولادته أعتقها رسول الله. عاش الطفل إبراهيم يحظى برعاية أبيه خاتم المرسلين لكنه قبل أن يتم عامه الثاني من العمر مرض مرضا شديدا وأخذت حالته تزداد سوءا، عندما رآه دمعت عيناه وقال "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون"، وكسفت الشمس بوفاة إبراهيم. حزنت مارية لموت ابنها لكنها اقتدت برسول الله وصبرت وكانت تردد "إنا لله وإنا إليه راجعون"، عاشت بعد رسول الله في عزلة عن الناس ولا تخرج إلا لزيارة قبر خاتم المرسلين بالمسجد أو قبر ولدها بالبقيع، حتى انتقلت إلى الرفيق الأعلى عام 16 من الهجرة خلال عهد الفاروق عمر بن الخطاب وصلى هو عليه ودفنت بالبقيع.