لم تلقب بأم المؤمنين.. ولم تقم في دور النبي الملحقة لإبراهيم بن محمد »[«. ولدت مارية بنت شمعون في إحدي قري صعيد مصر لأب قبطي وأم مسيحية رومية.. انتقلت مع اختها سيرين في مطلع الشباب إلي قصر المقوقس عظيم القبط. دعا الرسول »[« المقوقس إلي الاسلام في رسالة قال فيها.. اسلم تسلم يؤتيك الله أجرك مرتين.. أكرم المقوقس رسول النبي »[« الذي حمل رسالته وبعث معه جاريتين - مارية وسيرين - وثياباً من حرير.. كما أرسل معتذراً للنبي »[« بما يعلم من تمسك القبط بدينهم.. تلقي الرسول كتاب المقوقس والهدية.. وأعجبته مارية فاكتفي بها وأهدي اختها سيرين لشاعره حسان بن ثابت.. وكان ذلك في السنة السابعة من الهجرة. مضي عام ومارية سعيدة بحظوتها لدي الرسول وأرضاها أن يضرب عليها الحجاب شأن أزواجه امهات المؤمنين.. كانت مارية مصرية حلوة.. جعدة الشعر.. جذابة الملامح.. استقبلت مارية عامها الثاني في حياة المصطفي.. وفجأة أحست ببوادر الحمل وأخبرت الرسول »[« فرفع المصطفي وجهه للسماء يشكر لخالقه ذلك العزاء الجميل الذي منَّ الله به علي الرسول بعدما فقد ابنتيه رقية وزينب وقبلهما ولداه عبدالله والقاسم. أكرم الرسول القابلة عندما بشرته وأعتق مارية من الرق، وحمل الوليد في سرور وأسماه ابراهيم تيمنا باسم الخليل، وتصدق بوزن شعره فضة وذبح كبشين لفقراء المدينة. مرض ابراهيم ولما يبلغ عامين من عمره.. وأخذت الحياة تنطفئ رويدا رويدا.. دمعت عينا الرسول وهو يري ولده الوحيد يعالج سكرات الموت، وأصغي واجما الي حشرجة احتضاره مختلطة بعويل الأم الثكلي.. أخذ الاب جثمان فقيده وقبله وفاض الدمع من عينيه وقال وهو يحاول أن يتمالك نفسه: إن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول الا ما يرضي الرب وإنا لفراقك يا ابراهيم لمحزونون وإنا لله وإنا إليه راجعون.. ثم نظر إلي مارية في عطف ورثاء وقال يواسيها: إن له لمرضعاً في الجنة.