الرئيس السيسي يشدد على ضرورة التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    قصة وفاة محامٍ ونجله.. مرض الابن فتوفي الأب كمدًا ولحق به الابن    بحوزتهم اسلحة ومواد مخدرة بقيمة 90 مليون جنيه.. مصرع مسجلين خطر اثناء مداهمة امنية بقنا    لدعم مراكز ريادة الأعمال.. جامعة الدول العربية تستضيف قمة ريبل 2025    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    أسعار زيت الطعام على بطاقات التموين بعد إضافة عبوة جديدة (تفاصيل)    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    تشديد أمني في مطار بفلوريدا بعد رصد برج مشبوه قرب طائرة ترامب    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    كلوب يفتح الباب أمام عودة محتملة إلى ليفربول    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    افتتاح مدرسة الشوحط الثانوية ببئر العبد    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    الروح الطيبة.. طليقة أمير عيد تنعى والدته برسالة مؤثرة (موعد ومكان العزاء)    بعد غد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا على مسرح النافورة بالأوبرا    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    ملتقى شباب المخرجين.. أبطال «بين ثنايا الحقيقة» عن العرض: رؤية جديدة للنص الكلاسيكي    وزير الخارجية ومحافظ أسوان يزوران مركز مجدي يعقوب برفقة وفود منتدى أسوان للسلام    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للجنة التنسيقية لمنظومة التأمين الصحي الشامل    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    ارتفاع الذهب واستقرار الأسعار في مصر منتصف التعاملات اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    أليجري يوضح سبب تغيير مركز لياو.. ورسالته بعد تصدر ميلان الدوري الإيطالي    هل اقترب رحيل أليو ديانج وأشرف داري من الأهلى فى يناير المقبل؟ اعرف التفاصيل    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    عاجل.. فتح باب المرافعة من جديد في محاكمة محمود عزت و80 قيادي أخواني ب "التخابر مع تركيا"    إصابة 7 أشخاص في حادث إنقلاب سوزوكي بطريق اسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة بخط الكيلو 21 بالإسكندرية.. توجيه المحافظ للنقل العام لتيسير حركة المرور أوقات الذروة    جامعة قناة السويس تستعرض تشكيل لجنة المكتبات    صحة غزة: مستشفيات القطاع استقبلت 57 شهيدا و158 مصابا خلال 24 ساعة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الصومالي تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين (صور)    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    رمز لهوية الأمة.. المتحف المصري الكبير يوحد وجدان المصريين    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    مواقف محرجة على السجادة الحمراء.. حين تتحول الأناقة إلى لحظة لا تُنسى    محافظ الجيزة يفتتح مركز خوفو للمؤتمرات بميدان الرماية أمام المتحف المصري الكبير    فوزي لقجع يهدي لقب مونديال الشباب للملك محمد السادس    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    باكستان: الهدف الأساسى من اتفاق وقف إطلاق النار مع أفغانستان القضاء على الإرهاب    وزير التعليم العالي يعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في الدوري.. والقنوات الناقلة    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    مجدي يعقوب: مصر بقيادة الرئيس السيسي تظهر للعالم معنى السلام    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    السجن 5 سنوات للمتهم بتهديد بنشر صور وفيديوهات خادشة لربة منزل في قنا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريون بترت الحرب أطرافهم... فحرمتهم الحياة الماضية والمستقبل
نشر في محيط يوم 06 - 06 - 2014

ليس السؤال ما اذا كان ضحايا الحرب السورية في "مركز الأبرار" بلبنان (متخصص في معالجة إصابات الحرب السورية) قادرون على العودة الى بلادهم، بل إذا كانوا يستطيعون مواصلة الحياة أصلا.
كل هؤلاء بترت على الأقل إحدى أطرافهم، وبعضهم فقد النظر وتشوه وجهه، وآخرون يعانون حالات عصبية وشلل.
هؤلاء الذين خرج معظمهم في ثورة يطالبون بالحرية، فقدوا حرية الحركة، فلم يعودوا قادرين على رفع بندقية أو حتى لافتة في تظاهرة سلمية، ولم يبق ربما إلا إصرارهم بعناد للمطالبة بحقوق طالما حلموا بها.
يتميز المركز الكائن في مدينة طرابلس شمال لبنان بأنه الوحيد المختص باستقبال من فقدوا أعضاءهم بسبب الحرب، لكن على الرغم من الجهود التي يبذلها الأطباء على صعيد العلاج الفيزيائي وتركيب الأطراف الصناعية، يبدو واضحا أن هؤلاء لن يستعيدوا حياتهم السابقة أبدا، وستبقى أجسادهم شاهدا على ثورة واجهها النظام عسكريا منذ بدايتها وتحولت مواجهة دموية مفتوحة مع المعارضة.
على الرغم من الاهتمام والعناية التي يشيد بها الضحايا، فإن المركز يبقى ملوّنا بالأسى ويضج بحكايات عن أحبة رحلوا، ووطن ضاع، وعزيمة عند البعض بعدم الاستسلام للنظام "الطاغية".
التقت "الأناضول" الضحايا والمسؤولين عن المركز لتكون أول وسيلة إعلامية يسمح لها بدخول هذا المبنى، حيث تجمع المصيبة المدني منهم والمقاتل في صفوف الجيش السوري الحر، الذي رفع البعض إعلامه ورايات اسلامية فوق اسرّتهم، وكلهم يعانون من اصابات لن تندمل جراحها وستترك آثارا نفسية وجسدية لبقية عمرهم.
يختصر أحد الضحايا، الذي قال إنه أصيب في ريف حماه قبل نقله إلى "مركز الأبرار"، الكثير من الحكايات والإصابات.
ويروي الشاب، الذي فقد بصره وتشوه وجهه كما بترت يده اليمنى ومعظم اصابع يده اليسرى، كيف خضع لعدة عمليات جراحية لترميم فمه واسنانه ويديه المشوهتين.
وقال، وهو يتكلم بصعوبة، "كان وجهي مشوها وفقدت اسناني" بحيث لم يعد قادرا على تناول الطعام، وبالاضافة الى ذلك "فقدت البصر واحتاج الامر الى عملية جراحية في عيني اليمنى حتى صرت قادرا على الرؤية بشكل افضل".
مصاب آخر وصف كيف هرب وعائلته من قرية الى اخرى من قصف الطيران الحربي بالبراميل المتفجرة "فقتل الكثير من الناس... كان القصف يلاحقنا من قرية الى اخرى".
واشار الى انه اصيب "بشظية من برميل متفجر في رجلي ما ادى الى بترها قبل ان يسعفني الشباب" الى الحدود التركية اولا ومن ثم الى لبنان "حيث نصحت بالمجيء الى مركز الابرار وتلقيت معاملة جيدة".
وأضاف أنه خضع لعمليتي بتر لرجله "الاولى تحت الركبة والثانية فوقها"، وحالياً "استخدم طرفا صناعيا".
مصاب آخر يعاني بالاضافة الى اصابته الجسدية من صدمة عصبية بعدما هزه مقتل والده الى جانبه في السيارة نفسها.
رحلة علاجه الطويل بدأت في مدينة القصير ومن ثم يبرود في منطقة القلمون السوري وبعدها الى بلدة عرسال البقاعية الحدودية داخل لبنان، لكن "بسبب اصابتي الخطرة نقلت الى مركز الابرار حيث اجريت لي عملية جراحية وبدأت العلاج الفيزيائي".
وفي هذا السياق، أوضح "ابو خالد"، المسؤول في مركز الابرار، أن "المركز يستقبل اصابات متنوعة اكثرها عظمية وحالات بتر"، بالاضافة الى اصابات في العيون والاذنين والشرايين والجهاز الهضمي.
وأوضح أن "المركز يُخضع كل حالات البتر لعلاج فيزيائي مكثف داخل المركز لتركيب اطراف صناعية لهم"، مؤكداً حقيقة مرة وهي أن كل المصابين سواء الذين في المركز او غادروه لكنهم بقوا داخل لبنان "يعانون من بتر في الاطراف او فقدان العيون" بما يمنعهم من متابعة حياتهم السابقة.
وأشار الى ان الفكرة كانت "اللجوء الى انشاء مركز طبي يكون بديلا لاستقبال هذه الحالات وهكذا تم انشاء مركز الابرار في الشهر السادس من العام 2012" في طرابلس، بقدرة استيعاب تصل الى 96 مصابا من الذين يحتاجون الى علاج وتأهيل بعد اجراء العمليات الجراحية لهم.
وأشار إلى أن الدفعة الأولى التي استقبلها المركز "بلغ عددها 40 جريحا من مشافي طرابلس والمشافي الميدانية من داخل سوريا"، وأوضح ان المركز مخصص لاستقبال "جرحى الحرب السورية سواء المدنيين منهم او العسكريين".
وقال ابو خالد، ان المركز يستقبل شهريا نحو "70 جريحاً مقيماً"، بينما تظهر سجلات المركز أنه منذ انشائه في حزيران/يونيو 2012 وحتى العام 2014، "استقبلنا نحو 400 جريح، مع تقديم الخدمة لنحو 700 جريح خارجي (من دون ان يقيموا في المركز) من خلال المساهمة بكلفة عمليات جراحية او اجراء صور وتحاليل طبية".
وكشف انه "تم صرف حوالي مليون دولار منذ 2012 وحتى الان كمصاريف عمليات جراحية داخل المشافي اللبنانية".
من ناحيته، لفت المعالج الفيزيائي خالد سلطان، الذي يعمل في المركز، الى انه "تأتينا حالات كثيرة والضغط كبير خصوصاً اننا اصبحنا المركز الوحيد هنا تقريبا الذي يقدم خدمات علاج فيزيائي مجاني للنازحين السوريين بينما غيرنا يطلب اجورا مادية"، مشددا على انه مع ذلك "نحاول استقبال اكبر عدد ممكن من الجرحى والمصابين بحالات البتر والنازحين الذين يحتاجون الى علاج فيزيائي، خصوصاً اصابت الكسور والشلل العصبي وشلل الاطراف واهتراء الاطراف".
وشدد رشيد محمد، الطبيب المعالج في المركز والمختص في امراض الجهاز العصبي، الى أن المركز يستقبل حالات "عصبية قوية واغلبها في الاطراف والنخاع الشوكي كالرقبة والظهر والدماغ ويعقبها شلل واغماء".
أحد الجرحى تم نقله من المشفى الميداني في القصير بريف حمص الى الحدود اللبنانية حيث تسلمه الصليب الاحمر اللبناني وادخله المستشفى الحكومي في طرابلس، وهناك اجريت له عدة عمليات ومن ثم "اخذوني الى مجمع الابرار للعلاج الفيزيائي حيث كانت المعاملة جيدة".
وعلى الرغم من اصابته يصر على انه بعد انتهاء العلاج "سيعود كل جريح الى المكان الذي اصيب فيه ليرد ظلم النظام الغاشم الطاغية (رئيس النظام السوري) بشار (الاسد) ورفع راية النصر".
الحلم بالنصر لا يزال يراود احد مرضى "مركز الابرار"، الذي آثر القاء قصيدة كتبها عن الثورة والجيش الحر بدل التحدث عن اصابته. وبدأ يتلو بعض ابياتها وهو يحرك يديه بحماسة ، والى جانبه عكازين: "الثورة تنتظر بسمة على وجوه البشر... والنصر يعانق جناح النسر لان جيشنا الحر الصقر ابن الصقر".
لعل هذا الإصرار الذي يبديه هؤلاء الضحايا على العودة الى سوريا لتحقيق النصر على "الديكتاتور" هو الارادة البديلة التي تعوضهم نفسيا على الاقل عن عجز سيبقى محفورا في اجسادهم وفي عيون من حولهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.