امام المصريين معركة ضارية ضد الانفلات الأخلاقى والسلوكى فى الشارع المصرى .. إذا كانت الثورات قد اخرجت اجمل ما فينا وهو رفض القهر والاستبداد فى السلطة او الطغيان بأسم الدين فقد اخرجت اسوأ ما فينا وهو العنف والفوضى وسوء الأخلاق .. لم يكن الشارع المصرى فى يوم من الآيام يعانى من حالة انفلات مثل التى نعيشها الأن .. إذا فتحت التليفزيون هاجمتك حشود من الكلام الهابط والحوارات المبتذلة والشتائم الرخيصة ونقول ان هذه هى حرية الإعلام..وإذا وقفت فى احد الميادين امام جامعة الأزهر او جامعة القاهرة او عين شمس او الاسكندرية حاصرتك البذاءات قبل الحجارة وشاهدت الأساتذة وهم يهرولون امام الطلاب وتلال الطوب تحاصرهم ونقول هذا هو التعليم الجامعى .. وإذا وقفت امام احدى النقابات وهى جزء اصيل من النخبة شاهدت اللافتات وعليها الشتائم البذيئة وإذا مررت على اسوار السفارات والجامعات والمؤسسات الحكومية شاهدت اسوأ الشعارات واقبح الألفاظ مكتوبة بالخطوط العريضة على الجدران لم تكن هذه هى اخلاق المصريين فى يوم من الأيام والسؤال هنا هل اخطأنا فى فهم معنى الحرية .. هل تجاوزنا فى لغة الحوار .. هل هو الكبت والقهر الذى تصورنا معه انك إذا لم تكن معى فأنت ضدى .. هل هى امراض الاستبداد التى ظهرت على عقولنا مرة واحدة حين اغلقنا ابواب الخلاف فى الرأى او عدم الاعتراف بالآخر واننى وحدى وبعدى الطوفان ام هى الأنانية التى سيطرت على سلوكيات الناس ولم يعد احد يرى غير نفسه ولا يرى الآخرين .. ان ازمات الاقتصاد والسياسة ومعارك التنمية تحتاج الى وقت وجهد وعمل ولكن قضايا الأخلاق تحتاج الى التعليم والتربية والأسرة والمدرسة والجامعة وقبل هذا كله هى تحتاج الى مناخ يوفر الانضباط والمحاسبة والالتزام وهذه اشياء تحتاج الى وقت ولهذا فإن العدو الحقيقى للمصريين هو الزمن اما نكون او لا نكون ومعاركنا الأخلاقية هى اخطر واهم المعارك .. وانما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا ورحم الله امير الشعراء . نقلا عن صحيفة " الاهرام" المصرية