تحاول وزارة الزراعة في حكومة قطاع غزة المقالة الحفاظ على "المياه الجوفية" التي تشهد "نقصا حادا" في القطاع من خلال إعادة معالجة "مياه الصرف الصحي" واستخدامها في ري الأشجار المثمرة. وأنشأت وزارة الزراعة خلال الأعوام الخمسة الماضية، بتمويلٍ دولي، 4 مشاريع قائمة على فكرة "معالجة" المياه العادمة. وقال شفيق العراوي منسق وحدة إعادة استخدام المياه المعالجة التابعة لوزارة الزراعة لوكالة الأناضول إن "محطات المعالجة الأربع الموجودة في القطاع تعيد استخدام 42 مليون و500 ألف لتر مكعب من المياه العادمة سنوياً". وأوضح العراوي أن وزارته بلورت فكرة إعادة معالجة المياه العادمة لتعويض العجز في كمية المياه المستخدمة في الري، في ظل الأزمة المائية التي تعيشها غزة، مشيراً إلى أن النسبة الإجمالية للعجز المائي في القطاع وصلت إلى 100 مليون لتر مكعب سنوياً. ورغم أن فكرة معالجة المياه العادمة (الصرف الصحي) لإعادة استخدامها "فقط" في سقاية الأشجار مكلفة مادياً، إلا أنها الأنجع لضمان سير العملية الإنتاجية الزراعية في القطاع، حسب العراوي. وأضاف أن "تكلفة تشغيل محطة واحدة من محطات معالجة مياه الصرف الصحي، تبلغ (6) آلاف شيكل (1800 دولار) يومياً". وذكر العراوي أن معالجة المياه تتم وفق المعايير الفلسطينية للمعالجة، والتي تمنع استخدام المياه في ري المحاصيل التي تنبت أوراقها أو ثمارها على مسافة قريبة من التربة، وذلك نظراً لارتفاع احتمالية ملامسة أرواق المحاصيل للمياه المعالجة، مما ينتج عنها تلوث، وبالتالي إصابة المستهلك بأمراض عديدة. وعن المعايير الفلسطينية لمعالجة مياه الصرف الصحي، قال العراوي: "ضرورة أن تكون نسبة الأكسجين المستهلك حيوياً (BOD) أقل من 60 في كل 100 ملم، ونسبة الأوكسجين المستهلك كيميائيا (COD) أقل من 200 في كل 100ملم، وأما المواد العالقة فالحد الأقصى لكمياتها هي 90 في 100 ملم، كما تكون مسببات الأمراض أقل من 1000 في 100 ملم من المياه المعالجة". وتصل لمحطات معالجة المياه العادمة، يومياً، ما يعادل 130 ألف لتر مكعب من مياه (الصرف الصحي)، كما أوضح العراوي. وفيما يتعلق بمحطات المعالجة الأربع، بيّن العراوي أن المحطة الأولى والتي تقع في مدينة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، تعالج (23) ألف لتر مكعب يومياً وتغطّي (45) دونما من الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة. وأشار إلى أن محطة المعالجة المركزية تقع في مدينة غزة، وتنتج 60 ألف لتر مكعب من المياه المعالجة يومياً لتستخدم في ري (13) دونما من الأراضي المزروعة بالأشجار. وأما المحطة الواقعة في المحافظة الوسطى للقطاع، فهي حديثة النشأة، وتنتج (11) ألف و(500) لتر مكعب يومياً، لتزود (90) دونما من الأراضي المشجّرة بالمياه المعالجة، حسب العراوي. وأضح أن المحطة الرابعة، الواقعة في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، تزود (40) دونما من الأراضي المشجرة بالمياه، إلا أن هذه المحطة معطلة حالياً. ولفت العراوي إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ساهمت في تمويل إنشاء عدة محطات في قطاع غزة. وتخضع مياه الصرف الصحي لعدة مراحل للمعالجة كي تسمح وزارة الزراعة بإعادة استخدامها في الري، بحيث تمر بدايةً بأحواض الترسيب، للمعالجة اللا هوائية، لتصل بعد ذلك إلى أحواض معالجة هوائية، ومن ثم تمر على "البرج الحيوي" لإجراء معالجة حيوية للمياه، بحيث يتم التخلص من المواد العالقة والرواسب. وذكر العراوي أن المياه المعالجة تخضع لبرنامج "رقابة" وزاري، يعتمد على فحص عينات كل من "المياه المعالجة، والتربة التي تصل إليها المياه المعالجة، والنباتات المروية، كما يتم أخد عينات من الحيوانات التي تتغذى على تلك النباتات". وفي أوائل الثمانينات، تم إنشاء أول محطة لمعالجة المياه العادمة لإعادة استخدامها في ري الأشجار المثمرة، شرق وغرب صلاح الدين، شرق قطاع غزة، حسب العرواي. وتابع:" لكن هذا المشروع باء بالفشل، نظراً لتخوف أصحاب البيارات، من أن تسوء سمعة ثمار (البرتقال) التي كانت تصدر من القطاع للخارج". وكانت سلطة "جودة البيئة" في حكومة غزة المقالة، قد ذكرت في دراسة سابقة أن القطاع يعاني من عجز مائي كبير يصل إلى 100 مليون متر مكعب سنويا. ووفق الدراسة التي نشرت في ديسمبر/كانون أول العام الماضي، فإن قطاع غزة يعاني من أزمة مياه شديدة تزداد حدتها على المستوى الكمي والنوعي كل عام، فيما وصل انخفاض المياه في الآبار الجوفية إلى أكثر من 12 مترًا تحت مستوى البحر