ولا تريد من ينهش لحمها يامن تستترون بأرضها وتنعمون بخيرها وتأكلون من ترابها وترتون من نيلها—حياكم الله ها هى الأحوال قد تبدلت والنفوس قد تغيرت وأصبح الكل لايقول مصر بل يقول أنا—وحينما تسأل عن السبب فلن تجد إجابه عن السبب ، الكل مشغول وبالأحوال مهموم ويتمنى لغيره إن النعمه تزول ، تمسكنا بالحياه وغاب عنا الممات ، أصبح المال هو عزوتنا والشهوه هى رجولتنا ، تذكرنا الخيانه ونسينا الأمانه ، أصبحنا كلنا فقهاء وبالأسرار علماء , إستبحنا الخوض فى الأعراض وتشدقنا بالقيل والقال ، وأصبحت آذاننا لاتسمع إلا البذاءات ولانتكلم إلا فى التفاهات ولا نذكر إلا الإساءات ، كأن الموت عنا قد غاب—وكأننا لم نقف يومآ وقفة العبيد ، ونقول يارب ويقول هذا يوم الوعيد . وتجىء الملائكه بالصحف—ونجد كل ما قيل فى الكتب -( إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبآ) - ولقد نسينا من قبل قول عز من قائل ( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) فنحاسب بالأقوال قبل الأفعال—وقال الصادق الأمين ( وهل ينصب الناس على وجوههم يوم القيامه إلا من حصاد ألسنتهم )—ياشعب مصر العظيم—توحدوا ولا تتفرقوا وأنتم تعلمون أن بالإتحاد قوه وبالمشاحنات والفرقه ضعفآ ، ونحن جميعآ من تراب فلماذا الإنقسام ؟ هذا مسلم وذاك مسيحى - هذا سنى وذاك شيعى - هذا إخوانى وهذا علمانى - هذا ثورى وذاك ليبرالى - ألسنا كلنا من تلك البقعه الطيبه التى ذكرت بالقرآن ؟ ماذا ستقولوا لربكم عن الخلاف والجفاء والقتال ؟ هل ستقولون كنا نسب بعضنا ونخون بعضنا وإستبحنا دماء بعضنا محبه فيك ياربنا ؟ أنسيتم قوله ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) هل التقوى تجعل منك قاتل وتستبيح دماء هذا لأنه مع ودماء هذا لأنه ضد ، حتى ببيوتنا إنقسمنا وكانت النتيجه طلاق بين الأزواج وخصام بين الأخوات وهجر بين الأحباب وجفاء بين الأخلاء - لو توجهنا الى مصرنا وسألناها هل يرضيكى ذلك يا أماه ؟ لقالت حد الله بينى وبين ما ألقاه - وستتوجه بالسؤال هل ياشعبى ربيتكم على الشحناء والبغضاء هل شاهدتم أم تشرب من دماء أبناءها ؟ هل خضتم معركه وكنا فيها فرقاء ؟ هل إنتصرنا يومآ إلا وكنا معتصمين ؟ إذا كان كذلك فلا أريد حبكم وسأبحث عن أولاد غيركم وإن لم أجد سأنجب من يصون عرضى ويحفظ شرفى - سأبحث عن من يحمى نيلى وسمائى ، ومن يحمى ترابى وأنهارى وعن من يفخر بقناتى وأهرامى وسألفظ كل من يريد أن يستولى على ثرواتى ومن يريد أن يجلس على كرسى العرش لينهب ممتلكاتى - وسأضم فى صدرى كل من تجمع حولى من أولادى محمد ويا حنا هايمدوا أديهم مع كل مسلم ونصرانى ليأخدوا الثورى والليبرالى والناصرى والأخوانى والشيعى والعلمانى وكل من كان على أرضى وشعر بتراثى وها أقف بينهم وأعلمهم وأتلوا آيات ربى لأحفظهم ( وإعتصموا بحبل الله جميعآ ولا تفرقوا ) صدق الله العظيم