نور الدين : الآلاعيب السياسية تستهدف آثارنا المصرية البنهاوى : موسوعة وصف مصر لم تضيع و لدينا 50 نسخة أصلية البنهاوى : زهير الشايب فصل من عمله لترجمته "وصف مصر " البنهاوى لمحيط : الميول الاستعمارية لفرنسا لم تؤثر على " وصف مصر" " وصف مصر " أضخم موسوعة وضعت عن مصر ، فما هى أسرار تأليف هذة الموسوعة و نشرها ؟ ، و لما تم إهمال نقل عمل ضخم كهذا للعربية لمدة قرنين من الزمان ؟، هذا ما كشفته ندوة المجلس الأعلى للثقافة عن كتاب "وصف مصر لعلماء الحملة الفرنسية.. أسرار تأليفه وترجمته ونشره" . شارك فى الندوة الدكتور حسين البنهاوى، مدير تحرير موسوعة وصف مصر ونائب مقرر لجنة الكتاب والنشر ويناقش الكتاب الدكتور عبد الحليم نور الدين، مستشار مدير مكتبة الإسكندرية والدكتور أيمن فؤاد سيد أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية. و كشف د. حسين البنهاوى مدير مشروع موسوعة وصف مصر ، أنه تم تكليفه بعمل " موسوعة حديثة عن مصر " ، قائلا أنه لا يصح أن يخط علماء فرنسا عمل بهذة الضخامة عن مصر و تاريخها و جغرافيتها و جولوجياتها و طرقها و آثارها ، و لا يكون هناك عمل حديث من قبل علماء مصر . و فى تصريحات خاصة لشبكة " محيط " قال البنهاوى أن حلم عمره أن يكتمل مشروع موسوعة مصر الحديثة على غرار " وصف مصر " ، متابعا أنه تمت الموافقة عليه شفهيا بالفعل و يجرى حاليا تكوين فريق العمل ، و لكنه ينتظر أن تصله الموافقة الرسمية ، و أن تهدأ أحوال البلاد للبدء فى هذا المشروع الضخم . و قال البنهاوى أنه تقدم للمشروع من قبل لحكومة أحمد نظيف و للرئيس المخلوع مبارك و لم يتلقى أى رد ، و قال أن المشروع سيتناول مصر بشكل عصرى ، كما سيتناول كل ما لم يتم عنه دراسة وافية فى موسوعة وصف مصر ،مستعينا بيالتكنولوجيا الحديثة و التقدم العلمى الذى نعايشه الآن ، و أنه سيستعين بعلماء فى كافة المجالات المختلفة . كما أكد البنهاوى أنه يرى الجوانب الايجابية أكثر من السلبية فيما نتج عن الحملة الفرنسية على مصر ، نافيا تخلل النوايا الاستعمارية لمشروع موسوعة وصف مصر الذى وضعه علماء الحملة الفرنسية . و فى حديثه عن المشروع بالندوة ، قال د. حسين البنهاوى أنه شرف بمشاركة 45 دكتور لإكمال مشروع موسوعة مصر ، حيث توفى المترجم زهير الشايب قبل أن يكمل ترجمة هذا السفر الهام ، و لم يكن قد ترجم سوى ربع الموسوعة فقط . و تعجب البنهاوى من إهمال ترجمة عمل ضخم بهذا الشكل عن مصر لمدة قرنين من الزمن، حتى جاء زهير و بدأ مشروع الترجمة ، و لم يجد زهير من ينشر له هذا العمل الهام ، و تم فصله من عمله لتغيبه عشرة أيام لانكبابه على هذا العمل الهام ، و حاولت ابنتاه أمل ومنى الشايب إكمال المشروع و لم يستطيعا . وواصل البنهاوى أنه كلف بعد ذلك بإكمال المشروع و معه فريق عمل مكون من 45 دكتور و أتموا الترجمة حتى تمت على أكمل وجه ، و اكتشف نور الدين عند بدأهم العمل أن زهير لم يبدأ الموسوعة من الجزء الأول ، لكن من الجزء العاشر الخاص بالدولة الحديثة ،و كان يقوم بتجميع الأجزاء و يضمها ، لذا كان أمامهم عمل كبير . مصر هى أول دولة يوضع عنها موسوعة بهذا الحجم فى ذلك الوقت كما قال البنهاوى مدير المشروع قائلا أنها ضمت ثلاثة أجزاء عن مصر القديمة و مصر الحديثة ، و هذة الموسوعة تعد حلقة من حلقات دراسة الشخصية القومية ، حيث شهدت حينها تكون الدولة بمفهومها الحالى . كما يعد الكتاب أيضا تاريخ للكتابة ، ففى العصر العثمانى الذى زامن وضع الكتاب ، كان هناك تدهور فى الكتابة وفقا للجبرتى لتسريب الكتب التاريخية من قبل العثمانين خارج البلاد ، و تدهور العلماء فى ذلك الوقت . و عن مسمى " وصف مصر " قال بنهاوى أن رينو ديملييه ألف كتاب باسم " وصف مصر" قبل قدوم الحملة بمائة عام و اعترف نابليون أنه أخذ هذا الاسم و أطلقه على الموسوعة التى خطها علمائه فى ذلك الوقت . و قال بنهاوى أن الرحالة الذين درسوا المنطقة العربية و مصر كثر منهم ، بول لوكا فى القرن الرابع عشر ،والرحالة الفرنسى فولنى الذى تأثر به نابليون و أراد أن يضمه للحملة و لكنه رفض لأنه كأن متأثر بشكل أكبر بسوريا عن مصر . و عدة رحلات أخرى ، كان آخرها رحلة الضابط أوليفييه الضابط الجاسوس الذى وضع مؤلف للإدارة الفرنسية و قال أن قلاع و حصون مصر بلا دفاع و رسم الطرق التى يمكن أن تسير بها الحملة و استعان بها نابليون . تم طبع كتاب وصف مصر عقب رحيل الحملة الفرنسية ، و لكنه واجه العديد من المشاكل ، حتى وافق " لويس الخامس " على نشره و أصدر مرسوم ملكى بذلك ، و استغرقت المطابع عامين لنشر الموسوعة ، و التى تابعها الفرنسيين بنهم حتى قال مثقفو ذلك الوقت شوارعنا كانت مرصوفة بالموسوعة . تم طبع الموسوعة مرتين بعد عودة الحملة ،الطبعة الأولى من 1809 الى 1822 و الطبعة الثانية من 1821 الى 1829 و ظهرت فى 26 مجلد بالاضافة الى 11 مجلد للوحات و الرسوم ، و الحملة الفرنسية أرسلت نسخة من الموسوعة للبوسطة الخديوية . أما عن علماء الحملة الفرنسية فقال البهناوى أنهم وصفوا فى الكتاب مدى دهشتهم من هذة الحضارة و البلد التى لا يعرف احد عنها شئ ،قائلين أى قوة و أى فن جعل هذة الدولة الأروع فى العالم ، القدرة على نقل تلك الأحجار الضخمة و تثبيتها على قواعد ليقيموا لنا أهرامات و تماثيل قهرت الزمن . و قال مدير المشروع أن الموسوعة تميزت بعمل أول احصاء سكانى لمصر ، و قاموا برسم كل المعابد الموجودة ذلك الوقت ، و الآثار المختلفة ، و جغرافية المكان ، حتى تطرقوا إلى الأمراض الموجودة ذلك الوقت ، و التاريخ الطبيعى لمصر نباتاتها و حشراتها و حيوانتها و جيولوجياتها، ليخطوا بذلك تاريخ مصر ، و عقب البنهاوى أنهم واجهوا صعوبة فى ترجمات تلك المصطلحات العلمية الفرنسية القديمة التى تعود لمئتى عام . و دحض البنهاوى إدعاء ضياع النسخة الوحيدة من وصف مصر فى حريق المجمع العلمى ، قائلا أن فى مصر حوالى 50 نسخة من موسوعة "وصف مصر " ، و جامعة القاهرة فقط بها 10 نسخ ، و 5 نسخ فى دار الكتب و الوثائق ، و قال البنهاوى أن عند بداية عملهم واجهوا مشكلة فى الوصول لنسخة أصلية ، و النسخة الجيدة فى دار الكتب مخبأة و لا يسمحون لأحد بالإطلاع عليها ، و رغم الصعوبات و لكن حصل البنهاوى على أذن الإطلاع عليها . و تابع البنهاوى أن مصر بها من الكتب الآثرية أكثر من أى دولة عربية أخرى ، قائلا أن لدينا فى دار الكتب نسخ نادرة من طبعات أولى لكتب ليست موجودة فى الشرق الأوسط كاملا . فيما أكد مدير المشروع د. البنهاوى أنه لم يتقاضى و لا مليم خلال عمله فى المشروع لإحساسه بالدور الوطنى لنقل هذا العمل الضخم ، قائلا : كل من عرض عليه قبلى رفض خشية من المسئولية ، و تابع البنهاوى أن العديد من المترجمين أيضا رفضوا تلقى مكافأتهم و اولاد الشايب منى و أمل ساهموا فى الترجمة . و عن إتاحة الموسوعة قال البنهاوى أنها متاحة باللغة الفرنسية على الانترنت ،و بالعربية متاحة ورقيا فقط بسبب الحقوق الملكية و طبع منها 50 الف نسخة نفذت بالكامل ، و حاليا فى صدد إعادة نشرها . من جانبه قال د. عبد الحليم نور الدين قال أن برغم الآثار السلبية للحملة الفرنسية ، و لكن كشف حجر رشيد " سيد الأحجار" كان مدخلا لتحليل رموز اللغة المصرية القديمة و من بعدها تأسس علم المصريات ، و تابع أن كتاب وصف مصر سيظل دوما محل دراسة عبر العصور و أنه هدف عند وضعه لإبراز الثقافة المصرية القديمة للفرنسيين و العالم ، مؤكدا أنه أفضل كتاب وضع فى وصف مصر ، و أننا بحاجة لنتعلم تراثنا ، مستنكرا أن يعلم الأجانب عن تاريخنا و تراثنا أكثر منا . كما تطرق نور الدين لقضية نقل تمثال رمسيس الثالث و التى وصفها بمأساة تكلفت 22 مليون ، وتحدث عن الآلاعيب السياسية التى تستهدف الاثار المصرية كمحاولة سرقة خرطوش خوفو و نفى بنائه من قبل المصريين القدماء ، وطالب نور الدين بالاهتمام بالآثار المكتشفة بالفعل و ترميمها عوضا عن اكتشاف الجديد و ترك القديم يغرق فى الإهمال . و تحدث د. شريف اللبان أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة عن التناقض بين الامبراطورية العثمانية التى جرفت تاريخ مصر بتسريب الكتب التى تناولته ، فى حين المحتل الفرنسى فى 3 سنوات وضع لنا عمل بضخامة وصف مصر .