عارض نظام الرئيس الراحل معمر القذافي فطرد من الجامعة عدة مرات، قبل أن يغادر ليبيا كلها هربا من ملاحقات النظام، لكنه عاد إليها بعد مقتل القذافي ليتولى مهمة كتابة دستور بلده الذي غاب عنه لأكثر من 30 عاما. إنه الأكاديمي والمعارض السابق علي عبد السلام الترهوني، الذي فاز، ليل الإثنين الثلاثاء الماضي، بمنصب رئيس لجنة صياغة مشروع الدستور الليبي، لمرحلة ما بعد الإطاحة بالقذافي. ووفقا للتقرير الذي أعدته وكالة " الأناضول"،لد الترهوني في مدينة المرج (94 كم شرق بنغازى) عام 1951 من أب ينحدر من مدينة ترهونة (88 كلم جنوب شرق طرابلس) وأم من مدينة غريان (75 كم جنوبطرابلس). انتقل الترهوني بعد ولادته مع أهلة لمدينة بنغازي، التي عاش فيها فترة طفولته وشبابه معاً، حيث تلقى فيها كل تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي، كما درس العلوم الاقتصاد في جامعة بنغازي (قاريونس حاليا) وحصل منها على درجة البكالوريوس عام 1973. ومع ازدياد الحركة الطلابية المعارضة للقذافي، اضطر الترهوني لمغادرة ليبيا ليتجنب الاعتقال أو الإعدام؛ حيث توجه إلى الولاياتالمتحدة، وهناك حصل على درجة الماجستير عام 1978 من جامعة متشغن، ثم الدكتوراه في علوم الاقتصاد من جامعة ولاية متشغن عام 1983. واعتبر الترهوني معارضاً لنظام القذافي حتي قبل مغادرته البلاد؛ حيث طرد من الدراسة الجامعية في جامعة بنغازي عدة مرات بسبب مواقفه ضد النظام، لكنه أعلن ذلك بشكل رسمي عند التحاقه بالمعارضين في الخارج، الذين شكلوا مع بعضهم في الولاياتالمتحدة ما عرف ب"منظمة الطلبة العرب" التي تولّى فيها منصب مسؤول الإعلام عام 1976. وفي سبتمبر/ أيلول 1980، شكّل مع مجموعة من أصحاب التوجه الليبرالي من الليبيين المقيمين في الخارج ما عرف ب"الجبهة الليبية الوطنية الديمقراطية"، وكانت لهالعديد من الكتابات المعارضة لنظام القذافي نشرت في مجلة "الوطن" الصادرة عن الجبهة في ذلك الوقت . وحكم على الترهوني في ذلك الفترة (الثمانينيات) بالإعدام وأصبح ملاحقاً في الخارج. وبعد أن حلت الجبهة أصبح الرجل معارضاً مستقلا لنظام القذافي حتى تم تأسيس "المؤتمر الوطني" المعارض في الخارج عام 2005؛ حيث انضم إليه وترأس فيه اللجنة السياسية. وبعد قيام الثورة في ليبيا ضد نظام معمر القذافي في شهر فبراير / شباط عام 2011 كان الترهوني وقتها أستاذ محاضر في الاقتصاد والإعمال جامعة ولاية واشنطن بمدينة سياتل الأمريكية، لكنة عاد إلى ليبيا للمشاركة فيها وأصبح أحد أهم قياداتها. وأثناء الثورة أوكل للترهوني ملف النفط والمالية والاقتصاد في المكتب التنفيذي الليبي (حكومة مصغرة من معارضي القذافي)، وبعد استقالة رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل تولي الترهوني رئاسة المكتب ليصبح ثاني رئيس حكومة في ليبيا خلال الثورة. بعد انقضاء تلك الفترة وإعلان المعارضين الانتصار على نظام القذافي أسس الترهوني عام 2012 حزبه الخاص تحت اسم حزب "التيار الوطني الوسطيّ" والذي ترأسه. وترشح الرجل في وقت سابق في انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي والتي فاز بها بعدد كبير من الأصوات عن دائرته بنغازي وهو اليوم رئيس تلك الهيئة بعد أن تم انتخابه من قبل أعضائها في وقت متأخر من ليبيا الاثنين الثلاثاء الماضي.