بنغازي (ليبيا) (رويترز) - رويد عمر صبي ليبي صبغت الشمس شعره يقضي يومه متجولا في شوارع بنغازي يشدو بأغاني الثوار ويلوح برايات المعارضة ويتحدث للزوار الاجانب بانجليزية طلقة. وقال وهو يقف تحت أشعة الشمس الساطعة خارج مبنى محكمة بنغازي رمز الانتفاضة الشعبية ضد حكم العقيد معمر القذافي "عشت في مانشستر لمدة ثماني سنوات مع والداي. لكني أحب بنغازي أكثر." وأضاف الصبي البالغ من العمر 14 عاما "أحب الثورة. نحن اما هنا (في الميدان) طول اليوم أو أمام التلفزيون في البيت." وأغلقت المدارس في شرق ليبيا الذي يسيطر عليه المعارضون منذ بدء الانتفاضة في فبراير شباط الماضي وترك الاطفال مثل رويد ليفعلوا ما يروق لهم. وسعيا لالهاء التلاميذ عن الجمود الذي وصل اليه القتال ترغب قيادة المعارضة المتمركزة في بنغازي في اعادة فتح المدارس والجامعات في أقرب وقت ممكن. لكن ثبت ان هذا أمر صعب حيث لا يزال الامن مشكلة في مدينة مليئة بالاسلحة النارية ولم يحدد قادة المعارضة موعدا لاستئناف الدراسة. ومن قبل كانت المناهج مكدسة بعبارات الاشادة بالاخ العقيد. وكان التلاميذ يمضون ساعات في دراسة الكتاب الاخضر وهو مجموعة من افكار القذافي عن الحياة والسياسة. وصممت المدارس بشكل يثني التلاميذ والمدرسين عن توجيه الاسئلة أو تحدي السلطة. ويريد المعارضون تغيير ذلك حتى وان كان التخلص من أقوال القذافي في الكتب الدراسية واعادة تشكيل المناهج سيحتاج لوقت. كما ان اعادة تأهيل المدرسين الذين اعتادوا على اتباع الاوامر بدلا من اتباع حسهم المهني أمر صعب. وقال سليمان الساحلي مسؤول التعليم في المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض لرويترز "نأمل في اعادة فتحها قريبا... مازلنا نبحث الامر." ومن شأن اعادة فتح المدارس والجامعات أن يؤكد تصميم سلطة المعارضين على عودة الحياة الى طبيعتها في مدينة لا تزال تحمل اثار الحرب. لكن مدرسين قالوا انهم لا يتوقعون أن يحدث ذلك قريبا مع دخول الحرب شهرها الخامس. وقال ابو بكر شريعة المدير العام لجامعة قاريونس في بنغازي "لا يمكننا بدء الدراسة حتى ينهار نظام القذافي بالكامل." وأضاف "لا أحد يعلم متى سيحدث ذلك." وفتحت بعض مدارس بنغازي أبوابها بشكل غير رسمي في اطار حركة شعبية واسعة النطاق شهدت متطوعين يشكلون لجانا مدنية لمعالجة قضايا من الامن الى التعليم في مدينة تفتقر للقانون وتشهد أعمال عنف متفرقة. وفي مدرسة فاطمة الزهراء يجمع المتطوعون التلاميذ عدة مرات في الاسبوع ليشرحوا لهم ما يحدث في مدينتهم ولتعليمهم بعض الدروس الاساسية. وفي الظل في فناء المدرسة المزين بأعلام المعارضة أنشد التلاميذ أغاني الثورة التي تدعو للعزة والكرامة وتحذر القذافي مما سيحدث له. وترددت أصداء اصواتهم بين ردهات المدرسة الخاوية. وفي أحد الفصول ترك كتاب لتعليم اللغة الانجليزية مفتوحا على مكتب بجوار نافذة مفتوحة وهواء البحر يقلب صفحاته. وكتبت جملة تحت صفحة تدريب بعنوان "قارن بين الاماكن في ليبيا" تقول "أهل طرابلس ليسوا ودودين مثل أهل بنغازي." وقالت نور الهدى علي 13 عاما "ليست هناك دراسة الان لكننا نأتي الى هنا لنرسم وننشد أغنيات ضد معمر." وأضافت "من قبل لم أكن أعرف بشأن القذافي لكن بعد الثورة أصبح بامكاني أن أرى أن الجميع يكرهونه. هذا يعني انه شخص سيء جدا. والا لماذا يكرهه الجميع؟" وقال البعض ان والديهم يشجعونهم على الدراسة في البيت لتعويض غياب التعليم الرسمي. وجرى تشويه التاريخ في عهد القذافي بتصوير عالم غريب وضعت فيه ليبيا في مواجهة عالم معاد يحاول تدمير انجازاتها في مرحلة ما بعد الاستقلال. ويقول المعارضون انه يتعين الان اعادة كتابة كثير من الكتب الدراسية المتعلقة بالمواد الاجتماعية بأكملها. ولتحقيق ذلك شكل اساتذة جامعيون مركز دراسات لمعالجة قضايا مثل مراجعة الكتب الدراسية. لكن المهمة ليست سهلة. وقال عمر الصلابي الشخصية البارزة هناك "نحاول تحديد ما يتعين اصلاحه وكيفية عمل ذلك." واضاف "لم يكن هناك مجتمع مدني من قبل. يجب ان نغير اسلوب تفكير الناس." وكثير من الطلاب غائبون حيث حملوا السلاح لقتال قوات القذافي على الجبهة. وقتل مئة طالب على الاقل من طلاب جامعة قاريونس وهناك كثيرون في عداد المفقودين. والمال مشكلة أخرى في القطاع الذي يعتمد على الاجور الحكومية. ومع توقف انتاج النفط تعاني سلطة المعارضة من الافلاس ولم تدفع أجور في قاريونس عن شهر مايو أيار. وقال أبو بكر شريعة وهو يشير الى جدران مكتبه حيث اثار مسامير كانت تثبت عليها صور القذافي ان الناس عازمة على النجاح رغم كل الصعوبات. واضاف "عندما انظر الى طلابي ارى انهم اختلفوا. في الماضي كانوا عصبيين. الان هم سعداء بمناقشة الامور ويساعدون غيرهم. جميل أن ترى كيف يمكن ان يتغير الناس. اعتقد أن ذلك يرجع الى أنهم مفعمون بالامل."