سبعة آيام .. ما بين تهليل وأحزان ..يأتي علينا كل عام ونجد الأقباط في مصر يعطون لهذا الأسبوع طابعاً خاصاً لا سيما في الكنيسة الأرثوذكسية فيكرمونه من بدايته حتي نهايته يبدأونه بالفرح والتهليل والزغاريد التي تملأ الكنائس المغطاة بالبياض الناصع وبعدها بساعات تراهم متشحين بالسواد حزاني وكنائسهم تخلع الألوان وتلبس الأسمر القاتم حتي الطعام تجدهم زاهدون فيه لا يأكل معظمهم سوي الماء والملح والبقوليات . قد تستعجب لتلك الطقوس ولكن يختفي عجبك حين تعلم أنه أنه ذكري موت وقيامة السيد المسيح حسب العقيدة المسيحية وما جاء بالأنجيل .. انه اسبوع الآلآم أو اسبوع البصخة أو اسبوع الفصح . يبدأ اسبوع الآلآم بعد جمعة ختام الصوم مباشرة ثم يوم السبت المعروف كنسياً باسم "سبت لعازر " وهو أحد الأشخاص القريبين من السيد المسيح يسكن ببيت عنية بلدة صغيرة قريبة من أورشليم وقد توفي وحسب الانجيل عندما علم المسيح بموته ذهب اليه بعد أربعة آيام فأقامه من الموت ثم يأتي "أحد السعف " وهو ذكري دخول السيد المسيح أورشليم راكبا علي جحش ابن أتان واستقبال اليهود له بالهتاف ويحتفل به الأقباط بشراء سعف النخيل ويصلون فيه بالطقس الفرايحي لحن أفلوجيمينوس ( اللحن الشعانيني) أو لحن الخلاص وهو لحن مصري فرعوني كانت تستخدم نغماته من قبل المصريين القدماء في استقبال الملوك .وبعد ذلك تبدأ رحلة الآلآم . يقول كمال زاخر منسق التيار العلماني القبطي أن أسبوع الآلآم يركز علي الأيام الأخيرة للسيد المسيح علي الأرض منذ دخوله أورشليم حتي القيامة وهذه تعد أهم مرحلة تم فيها ما يسمي تدبير الخلاص أي خطة المسيح لخلاص النسان حسب المعتقد المسيحي . وأضاف أن معلمي اليهود كانوا يشبهون السلفيين الآن حيث خافوا علي مناصبهم حينما استقبل الشعب اليهودي السيد المسيح عند دخوله أورشليم بالفرح والتهليل فطلبوا منه أن يسكتهم فرد عليهم بأنه لا يستطيع اسكاتهم فهم يعبرون عن مشاعرهم ومطالبهم مما يؤكد عدم عزلة السيد المسيح عن مطالب الشارع وتوجهاته. تاريخ اسبوع الآلآم كان أسبوع الآلآم قديماً مكرساً للعبادة يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم ويجتمعون في الكنائس طول الوقت للصلاة والتأمل حيث كانوا يأخذون عطلة من أشغالهم متفرغين لهذا الأسبوع وكان الملوك وأباطرة المسيحيون يعطون عطلة رسمية في هذا الأسبوع لجميع الموظفين في الدولة. كما قيل أن الامبراطور ثيؤدوسيوس الكبير (امبراطور بيزنطة والرومان ) 401-450م كان يطلق الأسري والمساجين في هذا الأسبوع ليشتركوا مع باقي المؤمنين في العبادة وأيضا السادة كانوا يمنحون عبيدهم عطلة للعبادة . وبالنسبة للسيدات كانت يحرم عليهن الزينة خلال تلك الأيام لأن الكنيسة كلها حزن وفي شركة الآم السيد المسيح . وقد كانت الكنيسة قديمأ تحتفل بهذا الأسبوع مرة كل 33 عاما مثال لحياة السيد المسيح علي الأرض ولكنهم وجدوا أن بعض الناس يموتون دون أن يعيشوا هذا الحدث . ثم جاء البابا ديمتريوس الكرام البابا الثاني عشر من بابوات الكرسي المرقسي (188 – 230 م) الذي قر أن يُحتفل به سنوياًبعد الصوم الأربعيني . ختام الآلآم ينتهي أسبوع الآلآم بالجمعة العظيمة أو جمعة صلب السيد المسيح حسب المعتقد المسيحي وتبدأ الصلاة في تلك الجمعة صباحاً وتنتهي بعد ظهر اليوم حيث تقرأ فيها صلوات البصخة وهي كلمة آرامية مأخوذة من العبرية (فصح) وتعني العبور أو الاجتياز وهي تشير الي ذكري عبور موسي النبي وشعبه البحر الأحمر، وتقرأ هذه الصلوات خارج الخورس الأول للكنيسة ذلك حسب طقس الكنيسة أن السيد المسيح تألم وصُلب علي جبل الأقرانيون خارج مدنة أورشليم . وتنقسم صلوات البصخة يوم الجمعة الي ست صلوات وهي ( الساعة الأولي ، الثالثة ، السادسة ، التاسعة ، الحادية عشر ، الثانية عشر ) وكل ساعة تحتوي علي النبوات وهي قراءات من العهد القديم ثم تقال تسبحة البصخة (ثوك تاتي جوم ) وتعني (لك القوة والمجد ) 12 مرة ثم يرتل الشماس المزمور بلحن (كي ايبرتو الحزاينى ) ومعناه (من أجل هذا ) ثم الأناجيل باللغة القبطية ثم العربية وبعد ذلك الطرح وهو تفسير الانجيل عربياً وهكذا كل ساعة . وتتميز جمعة الآلآم بعدة ألحان قبطية هامة مثل لحن "أمانة اللص " ولحن غولغوثا (لحن الدفنة) ولحن أومونوجنيس (أيها الابن الوحيد الجنس ) مزمور بيك أثرونوس المعروف باللحن الشامي ومعناه (كرسيك يا الله إلي الأبد ) ويقال أن هذا اللحن من الألحان التي لها أصل فرعوني فكان يقال في تجنيز الملك المتوفي وتجليس الملك الجديد ولهذا السبب نصفه الأول يقال باللحن الحزايني والنصف الآخر باللحن الفرايحي. وهذه الألحان جميعها نغماتها فرعونية خصصها المصريون القدماء لتجنيز المتوفي ووداعه في جنازته وبعدما دخلت المسيحية مصر أخذها الفراعنة المتنصرين معهم إلي المسيحية لتعبر عن عقائدها . وبعد انتهاء صلوات جمعة الآلآم تبدأ الكنيسة الأرثوذكسية من الجمعة مساءًحتي صباح السبت صلوات سبت النور والمسمي بليلة أبو غالمسيس ومعناه "الرؤيا " حيث يُقرأ فيه سفر الرؤيا كاملاً وهو آخر أسفار العهد الجديد. عادات شعبية أهم ما يميز هذا الأسبوع هو العادات الشعبية التي يمارسها الأقباط من العام للعام ومن العادات الشعبية المصرية في أسبوع الآلآم أن يقوم الأقباط بطبيخ بعض الأكلات المعينة التي ترتبط بالثقافة الشعبية ، فيوم الأربعاء يُؤكل الفَريك، والخميس يُؤكل العدس، وفى الجمعة الفول النابت والطعمية ويُشرب الخل، ويقوم البعض بتكحيل العين يوم سبت النور، وهى عادة قديمة متوارثة عبر الأجيال. كما يستحم البعض يوم أربعاء أيوب بنبات الرعرع المعطر - وسُمِى بأربعاء أيوب، لأنه يُقرأ فيه سفر أيوب كله، وتقول القصة الشعبية إن أيوب البار بعد أن شفاه الله من البلايا بعد أن ظل عليلا نحو 18 عاما ممتحناُ من الله في صبره بمرض عجز الأطباء عن علاجه فأرسل له الله ذلك العشب فاستحم به وتم شفائه وهو من فصيلة النعناع الأخضرفى حجمه وشكله، له رائحة عطرية هادئة تقترب من (الريحان) ويظهر يوم واحد في السنة وهو يوم الأربعاء السابق لشم النسيم . وتقوم النساء بارتداء الملابس السوداء وتُلحن الترانيم الحزينة مثل (عند الصليب وقفت مريم ) ويقومون بتمثيل ذكري القيامة كما يصوم بعض الرهبان والنساك من أحد الشعانين دون أكل حتى عيد القيامة، وبعضهم لا يأكل إلا القليل من الدُّقة بالعيش الناشف وقت المساء. حول العالم إن هناك سلسلة عادات اجتماعية تختلف بين البلدان في إحياءالجمعة العظيمة، في سوريا ولبنان ترتدي النساء ثياب سوداء علامة الحداد في حين تبثّ مكبرات الصوت ترانيم المناسبة مثل "اليوم علّق على خشبة" و"أنا الأمّ الحزينة"،و في الفلبين تغلق أغلب المحال التجارية وتتوقف المبادلات التجارية والحفلات في هذا اليوم ويحمل الشباب صلبانا خشبية ثقيلة ويجلدون ظهورهم بالسياط الى ان تدمي معتقدين أن هذه الالام تطهرهم من الخطايا وتشفي الامراض بل وتحقق الامنيات. في حين يقوم البعض من الشبّان كما في دول أمريكا الجنوبية والدول الكاثوليكية تمثيلاً حيًا لدرب الآلام، في إسبانيا تُقام مسيرات الجمعة العظيمة في كافة أنحاء المملكة وأبرزها المسيرة التي تقام في مدينة إشبيلية أما في القدس يتم الاحتفال بدرب الصليب بحسب مواقعه التقليدية في المدينة القديمة بدءًا من قلعة أنطونيا وحتى كنيسة القيامة وتعرض برامج تلفازية حول حياة والآلام يسوع في كافة دول العالم المسيحي فضلًا عن ترانيم تتعلق بالمناسبة. في الدول ذات الثقافة البروتستانتية يؤكل كعك خاص في المناسبة فضلًا يتم إغلاق المحال التجاريّة خاصًة محال بيع الكحول ويتم إيقاف كافة البرامج الكوميديَّة في الإذاعة والتلفاز. وفي أثيوبيا يقوم الميحيون بعمل 400 ميطانية حيث يفرشون الأرض بالجرائد والملابس ويقومون بعمل 100 ميطانية في كل جهة من الجهات الأربعة وكلمة ميطانية كلمة يونانية تعني التوبة أو تغيير النية أو مراجعة الضمير ويقوم الشخص فيها بالسجود لله ‘لي الأرض أما أشبيلية فتجد الشوارع يوم الجمعة العظيمة مملوءة بالمحفات المرصعة بالجواهر يُمثل عليها قصة الصلب والقيامة و يحيط بالمحفات الفرق الموسيقية أتباع الكنائس الكاثوليكية المختلفة بأردية تاريخية غير مألوفة. أكثرها غرابة عباءة تنسدل على الجسم وتغطي الوجه باستثناء شقين يسمحان بالرؤية. غطاء الرأس عبارة عن مخروط طويل مدبب.