يختلط على ألسنة العامة تسمية الأشخاص المعنيين بأمور الدين، فمنهم الإمام والخطيب والشيخ والمفتي والداعية والفقيه، ولأن المجال واحد يحدث اللبس عند فهم الناس لمهام كل فرد منهم على حدا، فالإمام ليس بالضرورة شيخا، والداعية ليس مفتيا. كلمة "الإمام" تطلق على عدة معان أولها من يتصدر المصلين بإمامة الصلاة، ويشترط فيه أن يكون مسلمًا، يُحسن قراءة القرآن، عاقلاً بمعنى أنه ليس بمجنون،كما تطلق في الفقه الإسلامي لفظ الإمام على رئيس الدولة، وتطلق على المتبحر في العلم أو المتصدر في المراتب العليا لأهل الديانة، وليس هناك حد معين يمكن أن يكون هو الحد الأدنى لأجل إطلاق هذا اللقب، بل الأمر مرجعه إلى اشتهار ذلك العالم ومدى اعتماده بين العلماء، وهو أمر يختلف باختلاف العصور واختلاف الأماكن. أما كلمة "الشيخ" فتطلق في اللغة على من بلغ الستين أو تجاوزها، وعلى رئيس القبيلة أو الضيعة ولو كان شابا، وتطلق أيضًا في العرف المصري على كل من اشتغل بطلب العلم الشرعي ولو كان طفلاً، ومن هنا أطلقت على من حفظ القرآن ولو لم يكن متخصصًا في العلوم الشرعية؛ باعتبار أن حفظ القرآن نوع من أنواع طلب العلم الشرعي. و "الفقيه" تطلق على العالم الذي يدرس العلم المختص بمعرفة الأحكام العملية الشرعية المستفادة من مصادر التشريع الإسلامي والمتعلقة بأفعال المكلفين، والمصادر الشرعية هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وعلى ذلك فالفقيه يجعل مجال عمله النص، وكيفية فهمه، واستنباط الأحكام الشرعية التي هي أوصاف للأفعال البشرية من الوجوب والحرمة والكراهة والندب والإباحة ويمنحه هذا اللقب الأكاديميات العليا إذا اشتغل بالتدريس في الجامعات والحوزات العلمية. أما "المفتي" فهو فقيه بالمعنى السابق، يضاف إلى علمه العلمُ بإدراك الواقع المعيش، والعلم بكيفية ربط الحكم الشرعي بهذا الواقع المدرك من أجل تحقيق مقاصد الشرع العليا، وهي حفظ النفس والعقل والدين وكرامة الإنسان وملكه ، ويشترط فيه أن يكون حاصلاً على أعلى الدرجات العلمية في الشريعة، وأن يكون له دربة في إدراك الواقع، والتصدر للإفتاء، وأن يكون مشهورًا بالعدالة، كشأن المتصدرين للقضاء، وأن يكون معه من الأدوات العلمية ما يتيح له أن يدرك الواقع على ما هو عليه؛ وكذلك القدرة على ربط الحكم الشرعي بالأحداث القائمة مع المحافظة على تحقيق المقاصد.