إن الحزن الذي تراه في أعينهم إنما ينم عن يقينهم بقسوة ومرارة الأيام التي سيواجهونها بعد فقدان آبائهم،فبعد اليوم لن ينعموا بدفء القلوب التي باتت تحضن جراحهم ،لن يحظوا بلمسات تلك الأيدي الحانية على رؤوسهم ،لن يجدوا الأعين التي ترعاهم وتراقبهم ..هم أصبحوا على يقين بأنهم لن يروا تلك الوجوه التي تبتسم لهم في كل صباح.. لتبقى معاناتهم إلى أن تقوم الساعة. غير أن تلك المعاناة أصبحت في ازدياد مستمر وخاصة بعد ثورات الربيع العربي التي اقتلعت في طريقها مئات الآلاف لتترك لنا صرخات الأيتام والأرامل ..وعلى أنين يوم اليتيم العالمي ..ترصد عيون شبكة الإعلام العربي محيط مأساة الطفل اليتيم في أكثر من بلد عربية الأيتام في مصر تبلغ نسبة الأيتام في مصر حوالي 5% من سكانها ،حيث يصل عددهم إلى 43 ألف طفل في كل قرى ومحافظات مصر ،يتوفى ثلثي هذا العدد قبل وصولهم إلى دور الرعاية وذلك بسبب تباطؤ أقسام الشرطة في اتخاذ الإجراءات اللازمة ،كذلك تقاعس و تخاذل الجهات المعنية عن الحضور لاستلام الطفل، ويظل الروتين العنصر القاتل في كل هذه الإجراءات حيث أن حرص هؤلاء على تطبيق الروتين يتعدى بمراحل حرصهم على سلامة الطفل . يعاني الأيتام في مصر سوء المعاملة والإهمال خاصة على أيدي ما يسمى ب "الأمهات البديلات" وهي من أسوء السياسات التي تتبعها الدولة في التعامل مع الطفل اليتيم،حيث تعرضه لسوء المعاملة من قبل نساء غير مؤهلات من قريب أو بعيد للتعامل مع الأطفال، فيتم وضع الطفل لديهم مع تخصيص بعض المال لا يكفي أصلا لتغطية نفقات الرضيع حديث الولادة،بالإضافة إلى أنه لا توجد أي إجراءات قانونية تضمن جودة الرعاية للطفل وحمايته من الاستغلال والإهمال هذا رغم إثبات حالات كثيرة لا حصر لها من وقوع الأطفال ضحية للحوادث الناجمة عن سوء المعاملة والإهمال وسوء التغذية والتجويع فضلا عن الاتجار بهم حيث يتم بيعهم لبعض الفئات التي تستخدمهم في التسول. وتطبيقا للقانون، بعد إكمالهم العامين..يردون مرة أخرى إلى الجمعية ليتم حرمانهم من الأم البديلة التي عرفوها طيلة فترة الرضاعة،ليتم أخذهم إلى بيت غريب وإخوة غرباء وأم جديدة لا يكون نصيبها من الأمومة سوى اللفظ الذي تنادى به في الدار، حيث أن معظم المشرفات المقيمات في دور الأيتام لا يعرفن تجربة الأمومة ويعملن في دور الأيتام لعدم وجود وظيفة أخرى تستوعبهن. وقد يتعرض هؤلاء إلى التجويع بمبرر عدم وصول الميزانية المخصصة للتغذية ،فضلا عن عدم عرضهم الدوري على الأطباء أو الاهتمام بشكواهم وآلامهم،كذلك عدم التعامل باهتمام مع مشاكلهم النفسية مم حذى بالكثير منهم للتفكير في الانتحار وهنالك ما لا يقل عن مائة محاولة مسجلة للانتحار في بعض دور الرعاية ولا يستبعد وجود محاولات ناجحة أو غير مسجلة غير حالات القتل من جانب الممرضات للرضع والنزلاء الصغار بحقنهم بالهواء وغير ذلك من الوسائل التي ذكرها شهود عيان والتي استخدمت لإنهاء حياة بعضهم. هذا فضلاً عن معاناة أخرى ألا وهي وجود المراهقين في نفس المبنى والحجرة مع غيرهم من الأيتام الأصغر سنا،مما يجعل المناخ مناسبا للاستغلال الجنسي لهؤلاء الصغار من قبل المراهقين وخاصة الذكور،ولا يتم استبعاد ذلك عن أشخاص تعرضوا لسوء المعاملة وانعدام الرعاية الأسرية وحرموا من تعلم مبادئ الأخلاق الكريمة والمثل العليا. 16% من أطفال العراق أيتام تتزايد أعداد الأيتام في العراق خاصة في ظل هجمات الإرهاب الشرسة وما خلفته من دمار وخسائر فادحة في الأرواح ، فالإحصائيات الأخيرة لوزارة العمل والشؤون الإجتماعية أشارت إلى أن عدد الأيتام في العراق بلغ نحو خمسة ملايين طفل أي 16 % من سكانها،يعاني أغلبهم من تهميش المجتمع والحكومة مما دفع الكثير منهم إلى التسول والجريمة . وقد طالبت مؤسسات رعاية الأيتام الحكومة العراقية بتشريع قانون لحماية حقوق هذه الشريحة، كما ناشدت منظمات حقوق الإنسان الجهات الرسمية والمنظمات العالمية باحتضان هؤلاء الأيتام وسد احتياجاتها المادية، وتوفير الدعم الصحي والتربوي لها. وأشارت تقارير دولية إلى أن العراق بات يضم النسبة الأكبر من الأيتام في العالم العربي،حيث أفادت منظمة اليونيسيف أن عدد أيتام العراق وصل إلى 5.4 مليون،ابتلع الشارع أكثر من نصفهم تحولوا نتيجة الإهمال إلى أطفال شوارع . أيتام العراق يعانون ويلات القوانين يعيش أيتام العراق مأساة حقيقية فهم يحيون في وضع أمني مترد ويعانون من سوء في التغذية ومن خدمات صحية ضعيفة ومستويات تعليمية متدنية وفرص لهو وتسلية ومرح شبه معدومة،كما أن حوالي نصف مليون يتيم يهيمون في الشوارع وينامون على الأرصفة وفي الحدائق،وبدلا من أن تسعى الحكومة لاحتواء هذه الشريحة البريئة ،تقوم بإغلاق دور الأيتام لتسد في وجوههم كل أبواب الرحمة لتصبح الشوارع مرتعا للإرهاب والجريمة وتفشي الأمراض والإدمان وممارسة المحرمات. ويعاني اليتيم العراقي ويلات القوانين المجحفة ،حيث أن المادة 102من قانون الأحوال الشخصية تنص على "ولي الصغير أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة أو الوصي الذي نصبته المحكمة"،هذه المادة تبين كم الخداع والغبن الذي يتلقاه الطفل الصغير الذي لاحول له ولاقوه في الدفاع عن حقوقه وكذلك ضياع حق الأم بالحضانة في جميع الحالات. ويمثل أيتام العراق قنابل موقوتة حيث يزداد أعدادهم يوما بعد يوم ويد الحكومة بعيدة عنهم بحسب ما تؤكد مصادر من لجنة الطفل والمرأة،حيث أن وجود مليون أرملة فمن المحتمل وجود أكثر من ثلاثة ملايين يتيم وأن المال العام الذي تخصصه الحكومة لهؤلاء ضئيل بالمقارنة مع احتياجاتهم ، وكل طفل يتم تسجيله لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يحصل على 12 دولار فقط كمعونة شهرية في بلد بلغت ميزانيته السنوية أكثر من مائة مليار دولار. كذلك لا يقتصر الأمر في العراق على اتخاذ الأطفال الشارع ملجأ لهم في لمواجهة معاناتهم فهناك أطفال آخرون باتوا ضحية الحروب التي خاضها العراق واستخدمت فيها أبشع أنواع الأسلحة وتعاني عائلاتهم من المشكلات المستديمة التي ما زالت تعاني من وقعها المؤلم معظم العائلات العراقية ولا سيما تلك التي ابتليت بأطفال معاقين أو يعانون من أمراض خطيرة كالسرطان وغيره والذين تكثر نسبتهم في المناطق الجنوبية والغربية من العراق . أيتام سوريا تحت القصف لطخت برائتهم الدماء ،أصبحت أعدادهم بالآلاف أصبحت بالآلاف ، إنهم أيتام سوريا لم يكتف نظام الأسد بقتل آبائهم ، بل حجب عنهم أقل متطلبات العيش ، فيهدد حياتهم بالموت تارةً وببراميل الموت تارةً أخرى. وقد أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن الثورة السورية قد تسببت منذ بدئها وحتى شهر مايو الماضي أن 82 ألف أسرة سورية قد فقدت رجالها المعيلين كما فقدت 2300 أسرة أمهاتها. في حين أشارت اليونيسيف إلى نزوح حوالي 8 ألاف طفل، وحيدين، ودون مرافقين من أسرهم، من أصل مليون طفل قد نزحوا لدول الجوار حتى فبراير2014. ويعاني أيتام سوريا ويلات النظام حث أصبحوا يعيشون حالة من الهلع والخوف جراء الأشتباكات الدائرة بين أفراد الجيش الحر وقوات نظام الأسد فالقصف بالبراميل المتفجرة لم ترحم صغيرا أو كبيرا،فبعد مقتل الأزواج لم يعد لهؤلاء الأرامل عائل أو أي إعانات تساعدهم على قسوة الحياة لتستمر إحصائيات الأيتام بالارتفاع بعد ان فقدوا معيلهم الوحيد ليصبحوا سلعة يتاجر بقضيتهم الأنذال غير أن المنظمات الإغاثية والجمعيات الخيرية تبذل كل مابوسعا للوصول لأيتام سوريا ورعايتهم . وهنا يبرز تساؤلنا متى يحظى هؤلاء الأيتام بحقوقهم في العيش والحياة الكريمة.. ومتى ستحقن هذه الدماء العربية ؟؟