التكية مهجورة منذ 2001 .. ورشح المياه أصاب جدرانها بالتصدع نادي الحطابة المجاور يخطط للاستيلاء على حديقة التكية على أعتاب قلعة الجبل المهيبة ، تقف تكية محي الدين و العزي ، في مشهد يكشف حقيقة السلطة والتدين في المجتمع ، فالسلطة في الأعلى ، في برجها العاجي ، والمتصوفة في عالمهم الأقرب إلى العامة. تكية محيي الدين و العزي حتى اللحظة الراهنة خارج اهتمام المسئولين ، ولم تُسجل ضمن الآثار الإسلامية. كراسات لجنة حفظ الآثار العربية أشارت إليها باسم ضريح وكتًاب الشيخ شاهين ، في حين أشار إليها على مبارك فيالخطط التوفيقية بمسمى آخر!! وقد حاول كلاً من الدكتور مجدي علوان ، والدكتور سامح البنا ، والدكتور ضياء جاد الكريم الأساتذة بكلية الآثار بجامعة أسيوط إماطة اللثام عن هذا الأثر الإسلامي الهام من خلال نشرهم ورقة بحثية ضمن المؤتمر السادس عشر للاتحاد العام للأثريين العرب الذي انعقد بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر2013، بقصد تسليط الضوء على هذا الأثر من ناحية ، وتنبيه المسئولين بوزارة الآثار لتسجيله ضمن الآثار الإسلامية لقيمته التاريخية والفنية من ناحية أخرى . التكية وقيمتها الأثرية و التاريخية وأشار الدكتور سامح البنا إلى أن التكية تقع بشارع الباب الجديد بجوار الدفترخانة المصرية وهى دار المحفوظات حالياً , على يمين الصاعد إلى القلعة ، وكان يشغلها مدرسة عرفت باسم "سيدى شاهين الابتدائية" ، ثم أهملت بشكل شديد برغم قيمتها الأثرية و التاريخية وأصبحت مكاناً مهجوراً. و أشارالدكتور مجدى علوان إلى أن التكية أنشأها الخديوى عباس حلمي الأول بن طوسون بن محمد على باشا الكبير عام 1266هجرياً /1850ميلادياً ، وقد نُقش اسم المُنشىء وتاريخ الإنشاء على لوحة تأسيسية ، على باب التكية تتألف من ثلاثة أسطر : مزار محيى الدين والعزى من فضل الكمال منهما مشهور فادخل وزر واطلب لمنشيه الرضى فسعى حلمى الآصفى مشكور شمس القبول أشرقت وأرخت هذا الحمى عليه منى نور وحمل النص التأسيسي تاريخ سنة 1266 هجرياً , و توقيع الخطاط محمد أمير أزميري . وقال الدكتور ضياء جاد الكريم إن محيى الدين والعزى المذكوران في السطر الأول يُقصد بهما محيى الدين الرفاعي ، ومحمد الأرغول العزى المدفونان بالتكية ، مشيراً إلى أن محمد أمير أزميري هو خطاط من مدينة أزمير التركية ، وقد كتب العديد من النصوص على العمائر المصرية ومن أهمها كتابات القبة المركزية بمسجد محمد على بالقلعة ، وكتابات أعتاب الأبواب الخارجية بنفس المسجد. وقد خصصت التكية للدروايش والذكر على الطريقة الرفاعية ، وهي تحتوى على قاعة كبير للذكر ، وخلاوي ، ومطبخ ، وقبتان يرقد تحتهما في الواجهة الجنوبية الغربية الشيخ محيى الدين الرفاعي والأخرى للشيخ محمد الأرغول العزي ، وفي خارج التكية توجد حديقة صغيرة ذات فسقية للوضوء. شبكة الإعلام العربية "محيط" زارت التكية ، والتقت مع محمد محمود ,وهو موظف على المعاش بوزارة الاستثمار , و يتولي حراسة وتنظيف التكيةبشكل تطوعي , و قال إن التكية هي حبه الذي تشربه من والده رحمه الله .. والذي ورث التكية بدوره عن والده. تكية ثم مدرسة ثم .... وأضاف مفتخراً : "جدي الأكبر شارك في بناء سور القلعة والذي يرتفع 25 متراً .. وهذا المكان هو قرة روحي .. فأترك بيتي القريب منها وأهرول إليها لأقضي وقتي بين أشجارها والقطط والكلاب والحمام الذي أعشقه. التكية حولتها وزارة التربية والتعليم منذ عام 1948 إلى مدرسة ، وأرجائها التي كانت مكاناً للدروايش والمتصوفة ، حملت اسم مدرسة "سيدي شاهين" وكنت من بين تلاميذها .. واستمرت تؤدي وظيفتها حتى عام 2001 ، حينما قررت الوزارة إغلاق فصولها لشكوى البعض من ارتفاع نسبة الرطوبة داخل حجراتها التي تهبط عن سطح الأرض من ناحية القلعة بما يقرب من 4 أمتار" . مباني تتحدى الزمن و يضيف قائلاً:" بعد هذا التاريخ أخذت على عاتقي المحافظة على التكية ، و أغلقت شبابيكها حفاظاً على نظافتها بعدما دأب بعض الأهالي على إلقاء القمامة ، وزرعت الأشجار خارجها ، وسعيت لدي الجهات الحكومية حينما رشحت المياه بداخلها .. وبعد إلحاح وشكاوي عديدة تحرك المسئولون ليكتشفوا أن ماسورة المياه الصاعدة إلى القلعة منفجرة .. وتسببت المياه في إمالة الجدران الخارجية للتكية وحدوث تصدعات وتشققات كبيرة .. لكنها مازالت قوية متينة .. فالناس قديماً بنوا مباني تتحدى الزمن.. وعشقت تربية الحمام حتى يدرك المارة أن هناك حياة تدب في المكان ، لا مكانا مهجورا تعشش فيه العناكب ، فيتجرؤوا على اقتحامه .. ووقت ثورة 25 يناير حرست المكان بكل ما أملك من قوة .. فالأعمدة التي توجد في ضريحي التكية مطمع للصوص". و أشار إلى شجرة ضخمة وسط الحديقة وقال:" هذه الشجرة مثلاً اسمها "ذقن الباشا" و عمرها أكثر من 150 عاما" . وحذر من أن نادي الحطابة المجاور للتكية يرغب في الاستيلاء على حديقتها بعدما دمرها وأتلف ما بها من أشجار عن طريق شركة مقاولات ترغب في هدم السور الفاصل بين التكية والنادي ، على أن تقوم بتأجير الملعب بعدها بمبلغ 80 جنيهاً للساعة فيما يحصل النادي على إيجار شهري ألفي جنيه . فهل تدرك وزارة الآثار هذا الصرح الأثري قبل أن تتناوله أيدي الإفساد و الضياع ؟ لاسيما أنه يمكن استغلال هذه الدار بعد الترميم لتخدم كمركز ثقافي , خاصة أنها تقع بالقرب من قلعة الجبل ودار المحفوظات ، ولوزارة الآثار تجربة رائعة فى إعادة توظيف الآثار بعد ترميمها ، مثلما فعلت مع قصر الأمير طاز الذي يُستغل الآن بعد ترميمه كمركز ثقافي و حضاري . اقرأ فى هذا الملف * التعديات على الآثار "عيني عينك" والحكومة "في غيبوبة" * مصطبة كسوة الكعبة احرقها الانفلات الأمني المصاحب لثورة يناير(صور) * قصور مصر التاريخية .. قصص البيزنس والبلادة الحكومية وشبح الانهيار! (صور) ** بداية الملف