أُنصت باحترام، وأومن بالحس الشعبي، والثقافة الفطرية، والحضارة الموروثة فى الملايين من المصريين.. أجمل وأهم ما استمعت إليه فى قراءتهم للمشهد الوطني، والانتخابات الرئاسية المقبلة، إنها تدخل فى الأطر والقياسات المتعارف عليها عندما تكون الأوضاع مستقرة، والناس «عارفة تعيش» وتأكل، وتطمئن على نفسها، وعلى أبنائها، والشارع، ولقمة العيش، والبلد آمنين من وجود أعداء داخليين وخارجيين، وأن يكون اقتصادهم عند حدود الأمان، وأبناؤهم لم تدبر لهم فتن ومحن التقسيم والتفتيت والصراع، وشبابهم لم تدمر وتخرب عقوله وضمائرهم، وتسلب عقيدتهم الوطنية، ولا يستخدمون وقودا لحرق جامعاتهم وتحويلها إلى ساحات حرب، وعندما لا يكون قد تم تسريب أسلحة ومتفجرات من جميع حدودهم، واندست وزرعت بينهم أذرع الجماعات الإرهابية ، وعصابات المرتزقة الذين يتاجرون بالدين، وتستخدمهم أجهزة التخابر التى تسللت إلى مصر، وملأت المنطقة، وتعمل بالوكالة لمخططات أمريكية وصهيونية، وتنفذ تعليمات شيطانية لتدمير وإيقاف مصادر الإنتاج والتنمية، وكل ما يساعد على تخفيف حمولات وأثقال الفقر والألم والعوز، وما حرم منه الملايين عشرات السنين السابقة على أمل أن تنفجر ثورة الجوع، وتستغلها مخططات التخريب والتآمر التى تُدار من لندن وقطر وتركيا، وتُعلن بكل وقاحة وفجور دعواتها لكسر إرادة المصريين واسقاط الدول المصرية.. فماذا يعنى الحشد لمعارك التخريب، واستنزاف الجيش، ومهاجمة أقسام الشرطة بالمولوتوف والشماريخ والقنابل، ويكررون تفجير خط الغاز فى سيناء، وبعد غياب طويل عن إصدار أحكام عادلة وناجزة فى جرائم الإرهاب والحرق والتدمير والذبح والاعتصامات والمسيرات المسلحة، وقطع الطرق، وتدمير المنشآت العامة، وأبراج الكهرباء، والتهديد لوطن بأكمله بتحويله إلى بحيرة دماء، يصدر حكم قضائى يستغلونه أو كأنهم كانوا ينتظرونه لمزيد من استعداء عالم ورأى عام مأجور ومضلل، لمزيد من إدانة دولة القمع التى يمارسون فوق أرضها وضد شعبها أبشع تقنيات جرائم الإرهاب. أعود من حيث بدأت، فى ظلال ما أشرت إليه فى السطور السابقة، وهو ليس إلا القليل، وأقل القليل مما يواجهه الملايين من المصريين من البلاء والابتلاء المخطط والممنهج لتدمير مصر، وكسر إرادة شعبها، ومواصلة عقابه على خروجه، وإسقاط حكم الجماعة، وتحقيق وهمهم المستحيل بعودتهم إلى الحكم، فى ضوء كل هذا، وما يتطلع إليه المصريون من استعادة لكل ما عاشوا عليه من أمن وأمان، واسترداد ما حرموا منه من حقوق أصيلة فى الحياة، يحددون مواصفات الرئاسة المطلوبة فى لحظات مصيرية من عمر بلادهم، ويرون الأمر يتجاوز مشهدا انتخابيا معتادا عندما تكون الظروف والأحداث والمشكلات المعتادة لأى شعب لا يواجه ما تواجهه مصر الآن، أما عندما يكون بلد وأمة تواجه معارك مصير ووجود وإرهاب، تفرض استدعاء قيادة ومواجهة الحرب، فهى تفرض شروطها واختيارها ومقوماتها، وأولها ملايين شعب تؤمن وتثق وتحترم لتستطيع ورغم كل ما قدمت وضحت وتحملت أن تدفع تكاليف مهمات ومواجهات قادمة لا أظن أنها ستكون هينة، فقط سيخفف منها، ويحقق أهدافها درجات الثقة والاطمئنان والاحترام المتبادل بين قائد وشعب يختاره بإرادة حرة، وآمن بقراءته الصحيحة لمعاملات القوة والقدرة لبلاده، وأين يجب أن تتجه الأولويات والاستجابات، وخطط العمل، ويرفع ويطبق أول نداء للمصريين فى فجر حضارتهم. أيها الحاكم.. أقم العدل.. وأخل سفينتك من الفساد لتستطيع أن تعبر بها، وترسو على بر الأمان.
فى البيان الذى أعلن فيه المشير السيسى استقالته من منصبه الجليل كقائد عام للجيش المصري، واستجابته لمطالب الملايين من المصريين، والتقدم للترشح لمنصب الرئيس، وصف الجهاز الإدارى بالترهل، وفى رأيى أنه وصف شديد التلطف والتهذيب، فالوقائع مذهلة وصادمة، وبما يفرض أن يكون من أوائل القوانين التى يجب أن يصدرها الرئيس المقبل، بعد ثورة كاملة تعيد بناء الجهاز، وتعتمد فى صلب بنائه الجديد على المرأة والشباب. قانون مشدد، وعقوبات رادعة لمحاسبة المسئولين عن التقصير والإهمال فى حق المواطنين من خلال الإخلال بأداء مهامهم ومسئولياتهم على الوجه الأكمل. هل تريدون نموذجا متواضعا.. أرجو أن أكون مخطئة فيه، أو أن يحاسب كل مسئول عنه، فى ميناء بورسعيد وصل عدد من الحاويات أرسلها مجموعة من المصريين المقيمين بالولايات المتحدة.. الحاويات تمتلئ بهدايا لمستحقيها فى مصر.. ظلت الحاويات فى الميناء حتى تحولت محتوياتها إلى هالك وغذاء للفئران، وتضاربت الاتهامات بين الأجهزة والوزارات المسئولة، ولما ذهب مرسلو الهدايا إلى إدارة الجمارك لإبلاغها أن وزارة المالية وافقت، وإدارة الاعتمادات وافقت، وقدموا صور الموافقة، تكرر رفض الإفراج!! عرض بعض أبناء مدينة السويس دفع الأرضية المطلوبة، تكرر الرفض والإصرار على عدم الإفراج، وقيل فيما قيل عن أسباب عدم الإفراج إن مدير إدارة الجمارك ببورسعيد لم يوافق على تقديم الضمان المالي، وأصر على إفادته بخطاب التأمينات الذى يصدر عن وزارة التضامن الاجتماعي، والذى يستغرق من شهرين إلى ثلاثة أشهر!! أين الحقيقة؟ المؤكد الوحيد حتى كتابة هذه السطور أن ما كان داخل الحاويات قد تلف أو فسد ولم يعد صالحا لأن يذهب ويُسعد من كان يجب أن يصل إليهم، ومن المؤكد أننى إذا تواصلت مع وزيرة التضامن لبادرت بحل المشكلة إذا كان الحل بيدها، لكن السؤال والواقع المرير الذى يجب أن ينتهى بقوانين رادعة، وعقوبات مشددة، إلى متى يظل المواطن أى مواطن لا يملك محسوبيات ولا توصيات ولا اتصالات بجهات مسئولة أن يجد حقه من الاستجابة والاحترام؟!! نقلا عن صحيفة " الاهرام" المصرية