«العلاقات الدولية» ب محكمة النقض تُنظم دورة تدريبية بمعهد الخدمات المالية    أسعار الذهب تعاود الارتفاع ب60 جنيهاً مساء اليوم الثلاثاء 23 ديسمبر 2025    الاحتلال يواصل العربدة فى سوريا ولبنان    ترامب يعلن بناء أكبر سفينة حربية تحمل اسمه    الهلال الأحمر عن إطلاق 100 قافلة إغاثية إلى غزة: رسالة تضامن وتصميم على دعم الفلسطينيين    بلجيكا تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بشأن إبادة غزة    وزير الشباب والرياضة يزور الزمالك ويجتمع بمجلس الإدارة    ريال مدريد يعير البرازيلي إندريك إلى ليون    كشف ملابسات مشاجرة باستخدام أسلحة بيضاء بدمياط وضبط طرفيها    حزب الجيل: الحرية الصحفية لا تعني انتهاك الخصوصية ولابد من اتباع القواعد    أحمد رفعت: كنت بدعم أحمد العوضي وشاهد على نجاحه    عضو بالشيوخ: توجيهات الرئيس السيسي قطعت الطريق على محاولات التشكيك    وزير السياحة يبحث مع سفير هولندا بالقاهرة تعزيز التعاون المشترك    رئيس الجمارك يوضح آلية التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI» ويؤكد استمرارية دور المستخلص إلكترونيًا    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    «كوانتم إنفستمنت بي في» تزيد حصتها في شركة إيديتا للصناعات الغذائية في صفقة تبلغ قيمتها 1.26 مليار جنيه    وزير الدفاع الإيطالي: لا خلافات داخل الحكومة بشأن المساعدات المقدمة لأوكرانيا    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    المصرية للاتصالات تختار "نايس دير" لإدارة خدمات الرعاية الصحية لموظفيها    محافظ المنيا يتابع الجاهزية الطبية ويشيد بجودة الخدمات المقدمة    جامعة عين شمس تناقش مقترحات الخطط الاستثمارية للعام المالى 2026/2027    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    لأول مرة تجسد شخصية أم.. لطيفة تطرح كليب «تسلملي» | فيديو    ألمانيا: إيداع سائق السيارة المتسبب حادث السير بمدينة جيسن في مصحة نفسية    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    رمضان 2026 |خالد مرعي مخرج «المتر سمير» ل كريم محمود عبدالعزيز    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    وزارة الصحة: وفد ناميبى يطّلع على تجربة مصر فى إدارة الأزمات والتحول الرقمى    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    محمد منير بخير.. مصادر مقربة تكشف حقيقة شائعة تعرضه لوعكة صحية    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    رئيس جامعة المنوفية والمحامي العام يناقشان آفاق التعاون المجتمعي    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    جيش الاحتلال: لن ننسحب من قطاع غزة ولن نتحرك مليمترا واحدا من سوريا    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    هذا هو موعد جنازة الماكيير الراحل محمد عبد الحميد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    إدارة ترامب ترفع مكافأة الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى ثلاثة آلاف دولار    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    وزير التعليم يقوم بزيارة مفاجئة لعدد من مدارس ببا وسمسطا ببني سويف    «الصحة» توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية النفسية    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



17 ألف مفقود حصيلة الحرب الأهلية اللبنانية بعد 39 عاما
نشر في محيط يوم 26 - 03 - 2014

لم ترضخ أم أحمد، الحاجة الثمانينية، وحتى بعد مرور 28 عاما على اختطاف وحيدها خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية (1975 : 1990)، لمحاولات المسؤولين المتكررة اقناعها بأن ولدها توفي ولا سبيل لمعرفة كيفية مقتله.
فهي ومئات الأمهات والأرامل الأخريات لا زلن يعقدن الأمل على معرفة مصير أحبائهن بالرغم من اقتناع عدد منهن بأنّه قد تمت تصفيتهم.
ورغم تقدمها في السن وكثرة الامراض التي تعانيها، تواظب امينة عبد الحصري (أم أحمد)، على زيارة الخيمة التي نصبها منذ عام 2005 عدد من أهالي 17 ألف لبناني فقدوا خلال الحرب الأهلية، وسط العاصمة بيروت امام مبنى "الاسكوا" (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا) .
هناك تلتقي أم أحمد بمن يشاركها ألمها ومأساتها التي تتضاعف مع مرور الأيام، خاصة وأنّها فقدت زوجها ايضا خلال الحرب وتعيش وحيدة أسيرة الذكريات والصور.
بجانب الخيمة، جلست أم أحمد بعباءتها الزرقاء تمسح الغبار عن صورة وحيدها المفقود. لا غبار عليها ولكنّها تصر على ان تمسحها متأملة ملامح افتقدتها كثيرا، تعلم تماما أنّها لن تراها مجددا، فاحساسها كأم يجعلها متأكدة ان ولدها قضى في أحد السجون.
ما تريد أن تعرفه أم أحمد اليوم هو معلومات بسيطة عن ظروف مقتل ابنها يحق لأي أم أن تعرفها، أين توفي وكيف وبأية تهمة تم خطفه وتصفيته.
وقد تتحقق أمنية الحاجة الثمانينة قريبا بعد قرار صدر مطلع الشهر الحالي عن مجلس شورى الدولة المتخصص بالرقابة على مشروعية الاعمال الادارية للسلطات العامة، يمنح أهالي 17 ألف لبناني مفقود حق الاطلاع على نتائج التحقيقات التي أجرتها لجنتان شكلتهما الحكومة اللبنانية لتحديد مصيرهم.
وتم تشكيل اللجنة الأولى عام 2000، وتلقت ملفات من الأهالي على مدى ستة أشهر، وأعلنت في تقريرها أن ثمة 2,046 حالة من المفقودين، وأن اياً منهم لم يكن على قيد الحياة، ونصحت عائلاتهم بإعلان وفاة المفقودين، من دون تقديم اي دليل على الوفاة، وبالتالي فان معظم العائلات لم تتجاوب مع الطلب الرسمي اللبناني.
أما اللجنة الثانية، والتي تشكلت عام 2001، فعملت لمدة 18 شهرا ونظرت في نحو 900 حالة ولكنها لم تصدر اي تقرير يلخص نتائج تحقيقاتها.
وتنتظر أم أحمد نتائج التحقيقات بفارغ الصبر، وهي التي لا تزال تتذكر تفاصيل تلك الليلة المريرة عام 1986 التي اختطف فيها ابنها.
وقالت، في حديث مع وكالة الأناضول: "ذات ليلة فيما كنا في منزلنا الواقع في منطقة الرملة البيضاء في بيروت، وبعد منتصف الليل، طرق عدد من الاشخاص الباب علينا، واقتادوا احمد الى برج المر." وهو مبنى مشهور في العاصمة استخدم خلال الحرب كقاعدة عسكرية ومركز اعتقال.
بعدها تم نقل أحمد الى مكان آخر لم تتمكن والدته من تحديده، "وبعد 7 اشهر من اختفائه اكتشفت انه تم تسليمه الى السوريين ونقل إلى فرع التحقيق العسكري في العاصمة السورية دمشق"، بحسب الأم.
وتجزم أم أحمد ان ولدها لم يقتل مشنوقا ولا مقتولا بالرصاص، وإنما "مات من الجوع، دون عيون أو اسنان...هكذا قال لي الله، فهو عند رحمة ربه".
ومضت قائلة إن من اعتقل ابنها آنذاك هم عناصر من "حركة امل، التي يتزعمها رئيس المجلس النيابي (البرلمان) الحالي نبيه بري، بعدها قالوا لي إن العملية تمت عن طريق الخطأ".
تساءلت: "اي خطأ هذا وانا حُرمت من ابني طوال هذه الاعوام، ناري بردت اليوم بعدما كنت أبكي يوميا عليه".
وبخلاف أم أحمد، فان صونيا المعروفة بأم جهاد متأكدة أن ولدها لا يزال حيا يرزق، وهي تحتفل بعيد مولده سنويا وقد بلغ ال44 من عمره مؤخرا.
وتروي أم جهاد، في حديث مع وكالة الأناضول، حادث اختطاف ولدها، بقولها إنه في عام 1990 وخلال فترة الوجود (العسكري) السوري في لبنان، كان ابنها جندي في الجيش اللبناني، "وفي احدى الليالي اختطف بالقرب من منزلنا الواقع في منطقة الحدث شرقي بيروت".
وأضافت: "حينها قالوا لنا انه اصيب بجروح اثر صدامات مع القوات المسلحة السورية ثم نقل الى سوريا".
وتابعت بحسرة "تعرضنا لجميع انواع الابتزاز وعملنا جاهدين للإفراج عنه ولكن جميع الطرق باءت بالفشل".
ولدى أم جهاد وثائق وملفات تجعلها متأكدة بأن ابنها لايزال حيا، ف"هناك ضابط من المخابرات اللبنانية قام بزيارتي وابلغني ان ابني كان محتجزا في سوريا".
وتنشط أكثر من لجنة منذ عشرات السنوات في محاولة تحديد مصير المفقودين ال17 ألفا، وعادت لتفعل تحركاتها بعد القرار الأخير لمجلس شورى والذي اعتبرته وداد حلواني رئيسة لجنة أهالي المفقودين "بمثابة سلاح قضائي وقانوني اعطانا المزيد من القوة، فلم يعد باستطاعة احد اتهامنا بتهديد السلم الاهلي من خلال طرح هذا الملف، لأنّه أصلا مهدد".
واوضحت حلواني التي اختُطف زوجها عام 1982، في حديث مع الأناضول، ان تحركاتهم كأهالي بدأت عام 1982 للمطالبة بتحديد مصير "ذوينا الذين سرقتهم الحرب منا"، فكان يتم تنظيم اعتصامات ولقاءات مع السياسيين لمعرفة مصير المفقودين الذين "اختطفوا من قبل ميليشيات الحرب اللبنانية، ومن جملتهم الفصائل الفلسطينية والعدو الاسرائيلي والقوات السورية التي كانت متواجدة في لبنان آنذاك".
ولفتت الى ان العائلات منعت من الاطلاع بشكل كامل على ملفات التحقيق التي أنجزتها الحكومة حول ملف المفقودين.
تابعت بقولها: "ولم ينشروا منها سوى نسخة موجزة جاء فيها أنّهم لم يعثروا على أي مفقود في لبنان، وإن سوريا نفت وجود اي معتقلين لديها فيما اعترفت اسرائيل بوجود 17 شخصا فقط".
وأوضحت انه ورغم أنّ التقرير الصادر عن اللجنة المختصة اعترف بوجود "مقابر جماعية" في أنحاء بيروت تم تسمية ثلاثة منها، الا ان "الحكومة رفضت وضع نقاط تفتيش أو اتخاذ إجراءات وقائية حول المقابر لعدم العبث فيها، واعتبرت الدولة انها انهت عملها بعدما اعلنت عن وجود مقابر جماعية وتم اغلاق الملف".
وشدّدت على انه من "المستحيل لأي أم ان تتقبل وفاة ابنها دون وجود اي دليل ملموس، وبالتالي نحن كلجنة تابعنا النضال لأننا متمسكون بحقنا وهو حق المعرفة".
ورأت أن قرار مجلس الشورى "سيسهل عملية الوصول للحقيقة ونبش المقابر الجماعية وانشاء قاعدة بيانات للتعرف على الرفات بشكل علمي ودقيق".
وبعد نهاية الحرب الأهلية، وتحديدا في عام 1991، أُعلن عفو عام عن جميع الجرائم السياسية التي ارتكبت خلالها، ومنها عمليات الاختطاف التي قامت بها الجماعات المسلحة بينما بقي القانون صامتا حيال الضحايا وعائلاتهم.
واعتبر رئيس جمعية "دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين في السجون السورية" (سوليد) غازي عاد، ان قرار مجلس شورى الأخير "غير مسبوق بالتاريخ اللبناني وسيكون بمثابة سلاح بيد الجمعيات والأهالي".
ومضى قائلا، في حديث مع وكالة الأناضول، إن المطلوب اليوم هو إنشاء "مرجعية وطنية لبنانية لمتابعة ومعالجة هذا الملف حتى النهاية".
وأوضح أن مطلب الاهالي "ليس تعليق المشانق وانما فقط اعطائهم المعطيات التي قد توصلهم للحقيقة لمعرفة مصير أحبائهم لا اكثر ولا أقل".
وبموجب القانون الدولي، فان الحق في معرفة الحقيقة في حالات الاختفاء القسري والاشخاص المفقودين يشمل الحق في معرفة مصير الضحية ومكان وجودها.
وتم مؤخرا الكشف عن وثائق سرية تفيد بقيام السلطات السورية بإعدام أربعة لبنانيين لم تعترف سابقا باحتجازهم.
وبحسب الوثائق التي نشرتها صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، وحملت اسم "وثائق دمشق"، فإن هؤلاء الأربعة هم جزء من 600 لبناني ترفض السلطات السورية الاعتراف باحتجازهم في سجونها خلال العقود الثلاثة الماضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.