ثلاثة أعوام مرت على رحيل الرئيس الأسبق حسني مبارك في يوم 11 فبراير 2011، يوم أن القي عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق الخطاب الذي لطالما تمنته الملايين ومكثوا في ميدان التحرير ثمانية عشر يوما من اجل سماعه. وقبل أن يكمل النائب الأسبق خطاب التنحي "قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن السلطة..."، إذ الزغاريد والهتافات والفرح والدموع التي تملأ العيون تغمر كل الموجودين في التحرير وكل من كره الظلم يوما ما، ونزل الملايين من بيوتهم للاحتفال بالنصر العظيم على الظلم والاستبداد الذي عاشوا فيه ثلاثون عاما والذي لم يتحقق حتى يومنا هذا بالرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على ثورة 25يناير وثورة أخرى في 30 يونيو من العام الماضي!. اليوم.. وفي ذكرى تنحي مبارك يقبع ثوار يناير وقادتها في السجون وبات الحديث عن الثورة وعمن يتحدثون عنها كأنه مأجور أو خائن أو عميل، بالرغم من قيام ثورة ثانية في 30 يونيو من العام الماضي بعد عام على أول رئيس حلم المصريون أن يأتي عبر صندوق انتخابات لا تدخل فيه لقبضة الأمن. قليل هم من رجال نظام مبارك لازالوا في السجون بعد كل قضايا الفساد التي نالتهم بعد 25 يناير.. ومبارك نفسه الذي اتهم بقتل المتظاهرين وقضايا أخرى بات على شفا البراءة تماما من أى تهمة وجهت له، وأصبح مكانه محمد مرسي أول رئيس منتخب في تاريخ مصر. الحديث عن ثورة يناير لم يعد مقبولا من الكثيرين ممن خرجوا في 30 يونيو على رئيسهم، وبات الحديث عن يناير يعني الحديث عن العمالة أو الخيانة لإسرائيل وأمريكا وإيران وحزب الله وحماس وغيرهم كل أولئك مجتمعين، وساعد في ذلك الإعلام الذي ساهم بقدر كبير في الخروج على مبارك. مصر اليوم بعد ثورتين باتت تواجه مشاكل ضخمة اقتصادية سياسية فدول كثيرة لم تعترف ب 30 يونيو وتعتبره "انقلابا"، ولم تعامل كثورة إلا من دول قلائل وعلى رأسهم "السعودية والإمارات والكويت" وباتوا يعطون مصر كل الدعم المادي والمعنوي من اجل استكمال خراطة طريق30 يونيو ولا نعلم إلى متى ستظل الدول الثلاث تعطي مصر؟، وهل هذا العطاء له مقابل سيؤخذ في يوم ما، أم لا؟. الشارع المصري نفسه بات منقسما وأصبح من يرفع أربع أصابع متهما بالإرهاب، ومن ينتمي لجماعة الإخوان التي حكمت مصر عاما كاملا "إرهابيا" بعد أن اعتبرتها الحكومة جماعة إرهابية فقط بقرار من رئيس مجلس الوزراء بدون حتى حكم قضائي، وكذلك بعد إقرار قانون للتظاهر وصف بأنه الأكثر تضييقا للحريات. هي لعنة مبارك إذن التي قالها "إما أنا أو الفوضى" تحققت ولم تنتهي بعد فالبيت الواحد بات مختلفا في الآراء، والأجهزة الأمنية باتت أشد قمعا، ومصر على أعتاب حاكم حدد قبل أن يعلن عن نفسه.. ، ومازال سؤال "لماذا قمنا بالثورة يبحث عن إجابة؟"، والإجابة معروفة فمبارك تم خلعه؟ ولكن نظامه لم يتم خلعه وبدأ الآن يعود اقوي من ذي قبل!. صحفي في الجمهورية أونلاين