رام الله .. مدينة تتعدد فيها الثقافات والليبرالية سيدة المكان رام الله: تعتبر مدينة رام الله تجمعاً سكانياً لمختلف الوافدين من انحاء متفرقة من الاراضي الفلسطينية ما جعلها مزيجا لثقافات مختلفة تجمع ما بين المحافظة والليبرالية ، غير ان ثقافة الانفتاح التي تتمتع بها المدينة جعلها تتميز عن غيرها من المدن الفلسطينية التي تتصف بانها أكثر محافظة. وفي رام الله تتعدد المراكز الثقافية وتتنوع، فهناك المراكز الدينية الاسلامية والمسيحية وهناك مراكز تتصف بأنها علمانية تميل إلى نشر ثقافة الليبرالية.كما أن معظم دور النشر ومقر وزارة الثقافة والمؤسسات الكبرى توجد في رام الله مثل قصر رام الله الثقافي ومركز خليل السكاكيني ومؤسسة القطان وبيت الشعر ومقر اتحاد الكتاب، والعديد من دور العرض . ولعل من أبرز مظاهر الانفتاح السائدة في رام الله كما يراها البعض هي نوعية اللباس الذي يرتاده المتجولون في المدينة ، حيث يرى الناظر إلى آخر صرعات الموضة أمامه في شوارع المدينة والذي يسميه البعض باللباس المتحرر أو العصري بينما ينعته البعض الآخر باللباس الفاضح وغير المحتشم ، ويقول خالد سليم الذي يعمل في المدينة والقادم من جنين “: أن اللباس في مدينة رام الله أكثر انفتاحا وعصرية في حين لا نرى في البيئات المحافظة كمدينة طولكرم مثلا هذا النوع من الملابس ولعل هذا أول ما يسترعي انتباه القادم لأول مرة إلى المدينة “. ويرى الكاتب صالح مشارقة أن رام الله تعتبر نموذجا للتعايش بين ثقافات مختلفة . ويضيف" في رام الله يمكنك أن تكون محافظا أو ليبراليا ، كما انه يمكنك ان تمارس عاداتتك الثقافية وأن تصرح بأفكارك دون خوف من القمع الاجتماعي على خلاف ما هو سائد في مدن أخرى “. ويؤكد مشارقة بأن التنوع الثقافي السائد في المدينة انعكس ايجابيا على الحرية الشخصية دون ايذاء او انتهاك للحرمات العامة المستمدة من التقاليد الشرقية .ويشير مشارقة إلى أن رام الله باتت بيئة خصبة للمفكرين والمثقفين يعيشون فيها بأمان وينطلقون منها نحو انتاجات أدبية وثقافية مختلفة.ويقول" في رام الله تنتشر دور العبادة في كل مكان ولها مرتادوها ، وفي رام الله مثلا توجد المطاعم والمقاهي التي تتصف بالليبرالية ولها مرتادوها والكل يعيش بجانب ذلك دون التعرض للآخر ودون وجود صراع اجتماعي ينتهي بمنتصر ومهزوم". ولظاهرة الانفتاح في مدينة رام الله أسبابها ولم تأت من فراغ كما يقول محمد أبو هلال استاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت ويضيف :" الانفتاح له علاقة مباشرة بالوضع المادي للسكان في المدينة ففي رام الله توجد هناك أموال باعتبار وجود الكثيرمن المؤسسات الحكومية والخاصة هذا عدا عن وجود أعداد كبيرة من المغتربين من سكان رام الله في أمريكا وبالتالي الوضع المادي لأهالي رام الله جيد وهذا بدوره شجع على افتتاح المطاعم والمقاهي وارتيادها من قبل الناس “. والبعض يرى في تركيبة سكان رام الله السبب وراء هذا الانفتاح ، فالمدينة تحوي على خليط من البشر من مشارب ومناطق مختلفة من الضفة الغربية أضافة إلى وجود أعداد كبيرة من المغتربين والذين يتدفقون على المدينة في كل عام الأمر الذي أدى إلى نوع من التحرر والانفتاح وخلق بيئة ثقافية كما يقول المحلل الاقتصادي الدكتور باسم مكحول ،ويضيف “: يوجد في رام الله الكثير من المغتربين وهؤلاء عاشوا في الغرب وعند عودتهم إلى المدينة حملوا معهم ثقافة وتقاليد تلك البلاد المنفتحة أصلا ، ما أعطى نوعا من الارتياح للبعثات الاجنبية التي تعمل في مدينة رام الله حيث يشعر العاملون فيها كأنهم في بلدانهم فيجد الشخص في المطاعم طلبه من أطعمه ومشروبات وغيره “. رائد معايعه أحد سكان رام الله يرى بأن نظرة سكان الضفة لأهالي رام الله على أنهم أقل محافظة وأكثر انفتاحا أمر غير دقيق ، حيث يقول :" أن أهل البلد الأصليين معروفون بمحافظتهم ولا يوجد عندهم الانفتاح الذي نراه ولكن سبب هذا الانفتاح الموجود هم سكان المدينة من خارجها ، ولكن وجود التنوع الثقافي والاجتماعي لم يحصر المدينة ضمن عقلية واحدة وهذه نقطة تحسب لصالح الانفتاح الموجود في المدينة، فمدينة رام الله خليط من البشر يعيشون في بقعة واحدة دون أي مشاكل أو تمييز ولكل منه ثقافته الخاصة “. وكان لهذا الانفتاح تأثيره على حياة المجتمع في مدينة رام الله كما يقول محمد أبو هلال ويضيف :" كون التقاليد في مدينة رام الله أكثر انفتاحا اصبح كل شخص يعيش لوحده ولا يوجد أي علاقات اجتماعية قوية كونه مجتمع وظيفي وليس مجتمعا ريفيا حيث تكون العلاقات في الريف أكثر ترابطا وتماسكا وألفة ، حتى أصبح الجار في مدينة رام الله لا يعرف جاره الساكن معه في نفس العماره “.ويتابع" ومع ذلك تعتبر المدينة نموذجا يحتذى في تعدد الثقافات ومكانا للتنوع الفكري ، حيث يستطيع كل شخص أن يعلن عن فكره ويمارس ثقافته كما يشاء". شادي اسحق من قرية بني نعيم قضاء الخليل ويعمل في المدينة يقول :" أن رام الله تتميز بعدم وجود أي نوع من التضامن الاجتماعي على اعتبار أنها خليط من البشر غير المتجانسين ، فمثلا في مدينة الخليل تسود روح العائلة الواحدة الممتدة وهذا يعطي نوعا من الشعور بالأمان العائلي والاجتماعي ، غير أن ذلك غير موجود في مدينة رام الله على الاطلاق فالناس من عائلات مختلفة ومتنوعة “. ويؤكد الشيخ عيسى وادية وهو إمام مسجد في البيرة بأن الانفتاح الذي تتمتع به المدينة انعكس ايجابيا على التنوع الفكري والثقافي والتعايش بين كافة الأفكار غير أنه في ذات الوقت كان له سلبياته من خلال وجود بعض الممارسات والسلوكيات الثقافية المخالفة لتعاليم الشرع والدين. المصدر: جريدة "القدس". بتاريخ: 22 أبريل 2008.