باريس: صدر حديثا عن دار فيار بباريس كتاب "البوتقة الفرنسية" لمؤلفه جيرار نوارييل الذي يتناول أسس كراهية الأجانب حيث جرى تصوير المهاجر على التوالي في سمات العدو السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ووفقا لفابيولا بدوي بجريدة "الوطن" السعودية يؤرخ الكتاب "لاختراع مسألة الهجرة"، ففي مطلع الثمانينيات من القرن التاسع عشر، جرى بناء الحيز العام حول ثلاثة أقطاب: السياسة والصحافة والعلم. وقد أدى ظهور أربع صحف يومية كبيرة "المليونيرية" (من حيث عدد النسخ المطبوعة) إلى توسيع دائرة القراء. وإزاء تحول العامل والفلاح إلى قراء مفترضين، لم يعد جائزاً حصر الاهتمام بأخبارهما في باب الحوادث والمتفرقات حيث يؤدون دور المطاردين من العدالة. فراح الأجانب يؤدون دور "الطبقات الخطيرة الجديدة" هذه. وعلى التوازي، ومع قيام الجمهورية الثالثة وإقرار الاقتراع الشعبي العام (للذكور)، صار من واجب رجال السياسة استمالة الناخبين من الفئات الشعبية. فراحوا يبحثون عن مسؤول عن مشاكلهم الاجتماعية. والأجنبي يتلاءم تماما مع هذا الدور. فالشروط اجتمعت لتحويل المهاجر إلى مصدر لمعاناة فرنسا، فقضية "صلاة العصر في مرسيليا" في يونيو 1881 التي تواجه فيها الفرنسيون والإيطاليون، كانت الشرارة التي سمحت بتحويل نزاع محلي بين عمال إلى شأن سياسي وطني، وذلك للمرة الأولى. وابتداء من ذاك التاريخ، بات أدنى حدث يتورط فيه شخص من أصول أجنبية يؤكد على وجود "مشكلة الهجرة". بعد مرور قرن من الزمن، أصبح التلفزيون بديلا عن "الصحف المليونيرية الأربع في فرنسا" وارتفع نفوذ الإعلان في الإعلام. وباتت القاعدة العامة هي السعي وراء المشاهدين والقراء، وهو ما يؤدي إلى التركيز على الحوادث المشهودة والمتفرقات. ووفقا لنفس المصدر قام "هذا النمو الفظ لسوق الإعلام بدور حاسم في بروز مسألة الجيل الثاني القائمة على تمايز إثني عرقي". فأعمال الشغب في ضواحي مدينة ليون بفرنسا عام 1981، والتي أبرزها الإعلام بكثافة، قد كونت منعطفا: إذ تحولت مدن الضواحي إلى "محط للتهويمات الإعلامية"، وحل شباب الضواحي من أصل مغربي أو إفريقي جنوب الصحراء محل أصحاب السترات الجلدية السوداء في تجسيد الجنوح.