واشنطن: صدرت مؤخرا للمؤلف الأمريكي المنحدر من جذور يهودية، ميتشائيل شابون، رواية "شرطة اليديش المتحدة" والتي تبدأ بالعثور علي قتيل في غرفة من غرف فندقٍ ما، وتنتهي بأزمة الشرق الأوسط. يقول المؤلف: لقد خطرت لي فكرة الرواية عندما وقع في يدي في أحد الأيام كتاب تعليمي يخص لغة اليديش وأستخداماتها. في ذلك الكتاب إيضاحات للقارئ وتعليمات عن كيفية حجز غرفة في فندق أو قطع تذكرة في قطارات الأنفاق أو التبضع في الأسواق المركزية. وبدأت أتصور كيف تبدو هذه البلاد التي يستخدم فيها المرء هذه اللغة في الحياة اليومية. ووفقا لصحيفة "الزمان" يختار المؤلف منطقة (ستكا) لتكون موقعاً لأحداث روايته. وهي في روايته جزء من ألاسكا، أجرتها الحكومة الأميركية إلي اليهود الصهاينة في الثلاثينيات من القرن الماضي ولمدة ستين سنة لتكون وطناً مؤقتاً لهم. يقول المؤلف: هناك تقليد في كتابة التاريخ الإختياري؛ كل حدث في التاريخ الحقيقي لا بدّ أن يكون له أيضاً في الكون المتوازي حدث يناسبه. لذلك ورد علي خاطري أنّ سنة 1948 ليست السنة التي تأسست فيها إسرائيل لقد تمكن العرب، بعد أن جمعوا أمرهم ووحدوا كلمتهم، من التغلب علي اليهود الصهاينة الذين جاءوا من الشتات ليؤسسوا لهم وطناً في فلسطين، ووقعت معارك حامية بين الطرفين تحولت الي مجازر رهيبة كادت تأتي علي اليهود الصهاينة وتبيدهم عن بكرة أبيهم. ومن نجا منهم من هذه المجازر صار في ضيافة أميركا. لم يخب ظن اليهود في أميركا يوماً، فقد كانت لهم الخيمة التي يستظلون بظلالها والجدار المتين الذي يستندون إليه وقت الشدائد. صحيح إنّها لم تستطع أن تنقذهم من العرب الذين هبّوا كرجلٍ واحد في الدفاع عن فلسطين وعن مقدساتهم في فلسطين، ولكنها أشرعت لهم الأبواب ليدخلوا الي أراضيها. ولكي لا يذوبوا ويضمحلوا ويفقدوا هويتهم في غمار الأغلبية المسيحية الساحقة، فقد خصصت لهم قطعة من الأرض تدعي (ستكا) في مكانٍ ما من ولاية ألاسكا. ليس هبةً، فالوطن لا يوهب ولا يُباع ولا يُشتري، وإنّما علي سبيل الإيجار الرمزي ولمدة ستين سنة فقط. وعلي أيّة حال لم يكن اليهود هناك يتحدثون العبرية، إنّها لغة المنهزمين، وإنّما يتحدثون اليديش. فهي بالنسبة للمؤلف كما بالنسبة لكثير من اليهود الأميركيين، لغة الآباء والأجداد". بعد ستين سنة ينتهي العقد الذي أبرمته الحكومة الأميركية مع اليهود وأتيح لهم بموجبه حق الإستيطان في (ستكا). لقد تجمعت لديهم إذن كل الأسباب لأن يخافوا ويتوجسوا، فحاضنة الأسماك الزجاجية التي كانوا يعومون في أرجائها ستلغي قريباً وسيشعرون بالإختناق فوق أرضٍ يابسةٍ جرداء. قلّة قليلة من اليهود سيحصلون علي الجرين كارت، أما الآخرون ففي حيرة لا يدرون الي أين يذهبون!. وأخيراً فإنّ الأمر لا يتعلق في العالم الحقيقي بنهاية عقد يبيح لليهود الإستيطان في مقاطعة (ستكا) الواقعة في مكانٍ ما من ولاية ألاسكا وإنما بمضي ستين عاماً علي قيام إسرائيل علي أرض فلسطين.