تعيش التهدئة.. تموت.. التهدئة.. ويسقط الاحتلال عبد الله عواد ... (وبعدين)... الآن "التهدئة" سيدة الموقف بلا منازع، وأصلها (اهدأوا يا أولاد) على الاقل هذه الثقافة الشعبية، حين يتقاتل ويختلف الاطفال يأتي الكبار ليقولوا لهم (اهدأوا)، والآن يُقال (اهدأوا) لنرى ماذا سيفعل الاحتلال وعندها نُقرر؟! قصة "التهدئة" ليست بالجديدة، وإنما تعود لسنوات ماضية وخلفيتها، لنهدأ نحن ونضع الدولة العبرية.. دولة الاحتلال في موقف (محرج).. بدلاً من تقديم الذرائع لها.. أول من طلبها كان "أبو مازن" حين شغل منصب رئيس الوزراء بعد استحداثه. وذلك من حركة حماس، وكان ردها للذاكرة الضعيفة: هذا احتلال لا تنفع معه التهدئة، وقلنا لكم ذلك لكنكم لم تصدقونا، وها هي الايام اثبتت ذلك. الآن "حماس" الحركة والحكومة هي التي تطلب التهدئة، وتصر على أن تكون وتعتبر كل من لا يلتزم ضد المصلحة العامة، والذين قالوا في حماس عند التهدئة الاولى تقوله حماس الآن في الجهاد الاسلامي وكتائب شهداء الاقصى سبحان مغير الاحوال، وماذا بعد التهدئة.. وبعدين. عليكم بالهدوء (الوطني).. حين كان أبو مازن يصرخ: هذه صواريخهم عبثية وكرتونية.. (أوقفوها) كان يجيء الجواب الجاهز سريعاً (هذه خيانة للمقاومة، ولدماء الشهداء وتخلٍ عن المقاومة لخدمة الاحتلال)، وقريباً من ذلك الكثير على نفس النمط اللغوي، من نمطية الخطاب واللغة.. الآن.. يقولون - أصحاب الخطاب السابق- إن التهدئة ووقف الصواريخ مصلحة وطنية عامة، وهؤلاء الذين لم يلتزموا بها، ويواصلون إطلاق الصواريخ يرمون لخدمة أهداف حزبية ضيقة تتعارض مع المصلحة العامة، ولولا شيء من الخجل لقالوا "صواريخ عبثية" وتلحق الضرر بالقضية والشعب والوطن، ومع "الفتوى التي حللت التهدئة". غير واضحة هذه النمطية من التفكير السياسي - الجاهز- حين قال أبو مازن بالتهدئة كانت خيانة وكفراً وعمالة، وحين قالت بها حركة حماس وحكومتها أصبحت نضالاً ومقاومة وانتصاراً ومصلحة عليا للشعب الفلسطيني، هل مسألة التهدئة مرتبطة -بمن يقررها- أم بالواقع وحساب الربح والخسارة عند الشعب الفلسطيني. بصراحة هناك حاجة لإعطاء العقل إجازة ووضعه في الثلاجة لأن التفكير ممنوع، ومحاولة فهم ما يجري لا يكون إلا بإخضاع للقياس العقلي وهذا ممنوع، وفقط عليكم بالهدوء (الوطني) وأي إخلال بالهدوء يصبح غير وطني. المصلحة الفصائلية هي الأعلى لماذا كانت التهدئة ضد المصلحة الفلسطينية العامة والعليا والذين يقولون بها هم من (الطابور الخامس) والآن انعكست وانقلبت الآية سؤال يحتاج لإجابة وفقاً لمنهج التحليل المقارن؟! في الدفاع عن التهدئة -المصلحة العليا- للشعب الفلسطيني لا ينسون تقديم وجبة من (مقبلات) الصمود والصبر والمقاومة، ومن ثم الانتصار الذي ما بعده انتصار والتهدئة التي ما قبلها تهدئة، وسط استفسار بسيط، هل كانت الحدود مغلقة سابقاً، وقاومتم من أجل فتحها؟! الإجابة واضحة، فهل اغلقتم الحدود من أجل ان نقول في النهاية ها نحن ارغمنا دولة الاحتلال على فتحها، وهل نسيتم ان الشعار الكبير كان مقاومة حتى تحرير الضفة وإجبار قوات الاحتلال ومستوطنيه على التقهقر كما حدث في غزة، والآن ماذا بعد تهدئة قطاع غزة وحده؟! إن الشعب والارض والقضية ابتليت ومنذ زمن طويل بالحسابات الفصائلية، يقاومون ويفاوضون وينامون ويستيقظون وكله لسواد عيون الفصيل ومصلحته العليا، ومصلحة حماس العليا هي رفع الحصار عن حكومتها في القطاع والتعامل معها، هذا جوهر الصفقة، التهدئة وبفرضية مصلحة الشعب العليا فإن ايقاف الصواريخ التي تضر بالمصلحة العامة يُفترض أن يكون ووفقاً لمنطق أصحابه منذ فترة طويلة. الأدوار اختلفت نقطة أول السطر حركة الجهاد الاسلامي وبعدها كتائب شهداء الأقصى، وبإطلاقهما الصواريخ تقولان ما كانت تقوله حماس قبل ان تكون في الحكومة وتدخل الانتخابات التشريعية بعد تحليلها ان اية تهدئة لا تشمل الضفة هي غير وطنية وأن الاحتلال إذا ما واصل جرائمه واغتيالاته فإن من حق الاجنحة المسلحة للمقاومة أن ترد على الاحتلال، و(قلنا) لكم لا توجد ثقة في الاحتلال، فهو لن يلتزم بالتهدئة. وترد حماس إن من يشذ عن التهدئة يتحمل تبعات ذلك، لأن هذا يصب في خدمة الاحتلال، وليس من مصلحة الشعب الفلسطيني وأصبح واضحاً أن بعض الاطراف الفلسطينية لا تريد لاتفاق التهدئة أن ينجح، وأن هؤلاء الذين اطلقوا الصواريخ لم يستهدفوا العدو الصهيوني حين كان هذا الحديث يصدر في السابق نحو حماس كانت ترد هؤلاء (خونة)، وما شابه، وهذه مصلحة حزبية ضيقة والآن ماذا سيقول مطلقو الصواريخ غير إعادة اجترار حديث حماس مع تغيير في الاسم فقط. إنها "لذة الجلوس على الكراسي" التي من أجلها يُحلل ويُحرم .. يكون ضد المصلحة العامة .. ومع المصلحة العامة ومن أجلها سفك الدم الفلسطيني، واغتيل حتى الاطفال، ولا توجد مصلحة عليا للشعب سوى في حل هذه السلطة وشطبها، وهذا كانت تطالب به حماس قبل أن تصل للسلطة. خطان لا يلتقيان قُلنا لكم إن السلطة والمقاومة لا يمكن أن يلتقيا، في الحالة الفلسطينية فإما المقاومة وإما السلطة، لكن المكابرة (ركبت) الرؤوس، ونظّروا علينا طويلاً سلطة ومقاومة، ومقاومة وسلطة، وأرادوا استنساخ (سلطة ومقاومة) هوتشي منه في فيتنام، بإسقاط مسبق لكل الظروف الموضوعية وحتى الذاتية والجغرافية، وللزمن الذي تغير كثيراً. وهكذا وجدنا أنفسنا أمام معادلة تهدئة بلا مقاومة وبلا مفاوضة، فأين المعادلة التقليدية مقاومة ومفاوضة، وكذلك مفاوضة بلا مقاومة، فهل بعد ذلك ستزيلون حاجزاً طياراً، وماذا تعني كل الخطابات عن تحرير فلسطين من العدو الصهيوني وعن إزالة الاستيطان وهي غير قادرة على إزالة حاجز واحد.. أو وقف بناء حمام في بيت في مستوطنة؟! إما سلطة، وجربتم السلطة، فأين وصلتم، وإما مقاومة ولا يمكن شطب المقاومة، لأنها حالة وليست قراراً ومن يريد المقاومة لا يستطيع أن يقترب من السلطة ومن ينزل السلاح على الارض للاستيلاء على السلطة، لا يمكنه أن يكون جدياً في المقاومة. عن صحيفة الايام الفلسطينية 29/6/2008