ما إن توقفت العمليات العسكرية المتبادلة بين أمريكا وإسرائيل من ناحية وإيران من ناحية أخرى حتى توالت وتعددت المقالات والتصورات لرسم ملامح المنطقة فى ظل غياب أو تغييب لموقف رسمى عربى مشترك فى مواجهة كل السيناريوهات المطروحة للمرحلة القادمة.. وفى محاولة اقتراح لتقديم موقف عربى مشترك فى هذا الشأن أطرح المحاور التالية: أولا إن نقطة البداية الصحيحة والمنطقية تتمثل فى إعادة التمسك بقوة بمبادرة السلام العربية التى طرحتها المملكة العربية السعودية فى قمة بيروت عام 2002 حقيقة أن ما ورد بهذه المبادرة يخيف البعض من اعتماد التطبيع لدى تحقق شروط هذا الموقف العربى وعن هذه المسألة أقول إن للحكومات مقتضياتها وللشعوب خياراتها ولعل مرور أكثر من 40 عاما على إبرام اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل تظهر أن التطبيع بين الشعوب أمر لا يمكن فرضه. ثانيا بالتوازى مع الطرح السياسى السابق بيانه فإن ثمة طرحا أمنيا لابد من الشروع فى إنجازه من خلال العمل على تحقيق الأمن الذاتى العربى فهذا أمر مطلوب وضرورى، فلقد تبين للجميع أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وقبل نشوب العمليات تقوم بإخلاء قواعدها العسكرية لذا يجب إعادة إحياء المبادرة المصرية بإنشاء قوة أمن عربية مشتركة والتى تستند إلى اتفاقية الدفاع العربى المشترك لعام 1950 وعن هذه الاتفاقية فإننى مضطر لأن أذكر الواقعة التالية، فلدى احتلال إسرائيل لبيروت عام 1982 توجهت بالسؤال إلى أحد القادة العرب عن تطبيق هذه الاتفاقية فجاءت إجابته على النحو التالى: إن المشكلة ليست فى شروط تطبيق الاتفاقية وإنما تكمن فى عدم الرغبة لا القدرة على تنفيذها فهل تتوافر الإرادة العربية المشتركة على مواجهة التحدى الماثل حاليًا للأمن القومى العربى من خلال العودة إلى مبادرة إنشاء قوة الأمن العربى المشترك ثالثا وأخيرًا إن تحريك وإبراز موضوع امتلاك إسرائيل للسلاح النووى أمر لم يعد يقبل التسويف أو السكوت عنه، فاحتمال امتلاك إيران للسلاح النووى مسألة تحتل الأولوية والاهتمام للعالم جميعه بينما امتلاك إسرائيل لهذا السلاح مسألة يحيط بها الصمت، مما يوحى بأننا أمام تحول استراتيجى يجب التنبه إليه والتخلى عنه. إن المحاور السابق بيانها وغيرها تحتاج إلى ضرورة التئام الدول العربية فى اجتماع يعلن الموقف العربى المشترك أمام العالم، بحيث يعد المرجعية التى يتم التعامل من خلالها فى المرحلة القادمة.. إننى أتمنى أن نكون هذه المرة أصحاب الفعل وليس من يتم تلمس رد فعلهم على ما يأتى من الخارج. * أستاذ القانون الدولى العام- العميد الأسبق لكلية الحقوق جامعة الإسكندرية