السيئ والأسوأ في الانتخابات الأمريكية! سليم عزوز وقع المحظور، وفاز السيناتور "باراك اوباما" بثقة الديمقراطيين، واعترفت السيناتور "هيلاري كلينتون" بالهزيمة في مواجهته، الأمر الذي يجعل الطريق ممهدا أمام جون ماكين الي البيت الأبيض، وهو نسخة من الرئيس بوش في تطرفه، وان كان يتفوق عليه في انحيازه لاسرائيل. الغريق يتعلق ولو في " قشاية"، والعرب تعلقوا في رقبة " أوباما"، وبعض خطباء المساجد أخذتهم الجلالة وابتهلوا إلي الله ان ينصر المرشح الأمريكي الأسود، الذي اعتقدوا انه سينتصر للحق العربي، الذي فشل أصحابه في الانتصار له، وظنوا ان الرجل هو " الفتوة" الجديد، في روايات نجيب محفوظ، الذي سيعارك " الفتوة الأصلي" وسيهزمه في نهاية المطاف، والذي ستمثل هزيمته انتصارا ل " الحرافيش"، المغلوبين على أمرهم، وللخير والجمال! علي العكس من كثيرين من بني جلدتي، لم أكن متحمسا لباراك، بل كنت منحازا لهيلاري كلينتون، وعلى يقين من ان الحزب الديمقراطي، وقع في شر أعماله، عندما حصر المنافسة على الترشح لموقع الرئيس بين "كلينتون" و"اوباما"، وكلاهما يحمل من نقاط الضعف أكثر مما يحمل من عناصر القوة، فهيلاري امرأة، وعلى الرغم من ان الأمريكان يقدمون أنفسهم لعالمنا العربي على أنهم من أنصار المرأة، الا أنه من الصعب لامرأة ان تدخل البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية. أما اوباما فهو اسود، وانتخابه يمثل انقلابا في عقلية الناخب الأمريكي، ولا أظن ان القوم جرى لهم هذا الانقلاب، اللهم الا إذا ظننا ان " الحداية يمكن ان تلقي كتاكيت"! لقد جاءت الطوبة في المعطوبة، كما يقول المثل المصري، ونجح " باراك اوباما" في الفوز بثقة الديمقراطيين، وخرجت كلينتون من حلبة المنافسة، ولا شك ان هناك أسبابا عدة لذلك، لعل علي رأسها ان موقف اوباما من الحرب علي العراق، كان واضحا، فهو ضد الحرب، ومن الواضح انه كان ضدها منذ البداية، وكان يقول ان النظام العراقي السابق لم يكن يملك أسلحة للدمار الشامل، علي العكس من موقف هيلاري كلينتون المضطرب منها، فقد بدت كما لو كانت تمسك العصا من المنتصف، فضلا عن انه أساء إليها أنها زوجة للرئيس السابق، مما جعل البعض ينظر إليها علي أنها ستكون مجرد " دمية" في حال نجاحها!. هذا بالإضافة الي ان " اوباما" كان وجها جديدا علي الناخب الأمريكي، ليس لكونه اسود، في مجتمع أبيض، ولكن لانه خطيب مفوه، و" زعيم ميكروفونات"، مثل بعض الساسة من جماعتنا، واضح ان العرق دساس، فألهب بهذه الميزة حماس الأمريكيين، ومنذ البداية اعتبرت منافسته ان كونه هكذا فإنها ميزة تحسب له، وقد شهرت به في حملتها الانتخابية، بأنه ليس منتجا لهذه العبارات الطنانة، فهي ملك لآخرين، وقام بالسطور عليها!. كان رأيي، كلما تقدم اوباما علي منافسته في انتخابات الحزب الديمقراطي، ان هذا سيصب في النهاية لمصلحة المرشح المتطرف السيناتور " جون ماكين"، ذلك بأنه اذا فاز اوباما – وقد فاز – فسوف تذهب السكرة وتحل الفكرة، وقد يعز علي المواطن الأمريكي ان يكون رئيسه أسود، في ظل النظرة العنصرية للسود، وهي ليست قاصرة علي الدهماء هناك، فهناك علماء يعتقدون ان الإنسان الأسود اقل من الأبيض في الذكاء، وفي كل خير، علي النحو الذي يمكن ان يلمسه الدارس لعلم الانثروبولوجيا! كل من " اوباما"، و " كلينتون" يمثل الاعتدال، في مواجهة المتطرف " جون ماكين"، الذي يصفه البعض في إسرائيل بأنه " صهيوني أكثر من الصهاينة"، وهو رجل مع الحرب علي العراق، وعلي الرغم من انه كان منافسا لبوش في الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 2000 الا ان هذا لم يمنعه من ان يؤيده، بل انه في انتخابات 2004 رفض ان يكون نائبا للمرشح المنافس لبوش السيناتور الديمقراطي " جون كيري"، ووقف خلف ابن حزبه في المنشط، وكان رجل إسرائيل البار، وقد انحاز له اليهود الأمريكان ضد بوش، باعتباره الأكثر إخلاصا لدولة إسرائيل، ومع ذلك سقط ونجح منافسه، الذي اثبت ولاء منقطع النظير لإسرائيل!. وعلي الرغم من ان باراك اوباما وهيلاري كلينتون يمثلان الاعتدال، فان المشكلة في ان " اوباما" علي رأسه " بطحه"، وهي انه اسود، ومن أب أفريقي مسلم، وهو أمر سيدفعه للإسراف في ظلم القضايا العربية ليشتهر بالعدل، وسيكون مشغولا طوال الوقت ليثبت انحيازه لإسرائيل، ولن يكون بالتالي هو محرر العبيد، ومنقذ الإنسان الأسود في الولاياتالمتحدةالأمريكية. والعينة – كما يقولون بينة – فقد أعلن مؤخرا تأييده لكون القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وأيد إسرائيل في الدفاع عن نفسها، واعتبر ان إيران تشكل اكبر خطر علي إسرائيل والسلام، وتملق يهود أمريكا فأطلق مدونة عبرية!. أما هيلاري فليس علي رأسها بطحة تتحسسها، واعتقد أنها هي الأفضل بالنسبة لقضية الصراع العربي – الإسرائيلي، ولست مغفلا حتي أظن أنها ستنحاز لنا في مواجهة إسرائيل، بل اعتقد أنها لن تكون " متطرفة" في انحيازها، ولن تكون متشددة في الموقف من العرب.. لا احد يمكنه ان يدافع عن قضايا عجز أصحابها عن الدفاع عنها. ومع هذا فإننا لا نريد أكثر من " عدل" الرئيس الأسبق جيمي كارتر، الذي كان جادا في سعيه للسلام، واحسب ان هيلاري " أفضل السيئين"، وعندما تكون المقارنة بين رئيس موتور كبوش، وآخر عاقل مثل كلينتون فان اختيارنا سيكون علي الأخير، فنحن لا نفاضل بين خير وشر، بل بين سيئ وأسوأ. أعلم ان " اوباما" في إعلانه الأخير، بشأن الانحياز لإسرائيل، فعل أمرا معروفا بالانتخابات الأمريكية بالضرورة، وفي ظل النفوذ اليهودي الطاغي فان ما قاله يعد طبيعيا ويندرج تحت إطار " التكتيك الانتخابي"، ويباح في الانتخابات ما لا يباح في غيرها، ويظل هو الأفضل بالمقارنة بجون ماكين، المنحاز مبكرا لإسرائيل، وأعلن عن تأييده لها في مواجهة حماس وإيران، وأعلن رفضه " مجرد" التفاوض معهما، وأعلن ان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وكان هذا في مارس الماضي. ومهما يكن الأمر، فانه عندما تكون المنافسة بين معتدل كأوباما ومتطرف كجون ماكين، فان المواطن الأمريكي قد يندفع ناحية ماكين، ليس انحيازا للتطرف، ولكن حتي لا يدخل البيت الأبيض اسود.. ربنا يستر ويخيب توقعاتنا!. سطور أخيرة: - بعد نجاح جهود الدوحة في المصالحة بين الفرقاء اللبنانيين، بدأنا نقرأ هجوما على القيادة القطرية من بعض الأقلام الحكومية في عدد من العواصم العربية.. لعله طه حسين الذي حمل على هذا الصنف من البشر في قوله: " الذين لا يعملون ويؤذيهم ان يعمل الآخرون"! - على الرغم من ان الشقيقة " الممانعة" سوريا تجري مفاوضات مع إسرائيل " في السر" الا أنها ما تزال ترمي الرئيس السادات بالخيانة، واضح لأن السادات ليس له في " الأعمال السرية"!. عن صحيفة الراية القطرية 11/6/2008