مطار القاهرة يختتم موسم سفر الحجاج.. ويستعد لاستقبالهم الأسبوع المقبل    عراقجي: نعتزم مواصلة تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين إيران ولبنان    الزمالك: عقد زيزو ينتهي بنهاية كأس الرابطة    ضبط 4 متهمين باقتحام أسوار مدرسة إعدادية بالأسلحة البيضاء في الإسكندرية    وصول جثمان سيدة المسرح سميحة أيوب إلى مسجد الشرطة    الترحيل والمنع 10 سنوات من دخول السعودية للمقيمين المخالفين لأنظمة الحج    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بنهاية تعاملات اليوم الثلاثاء    إدجار مويو رئيسًا للدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    بعد اتصال السيسي وماكرون.. إشادة برلمانية بجهود مصر لإنهاء حرب غزة    بعد انهيار الحكومة.. المعارضة الهولندية تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة    كندا تحقق مع جنود إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة    حزب الوعي يطالب بإنشاء مرصد لمراقبة مبادئ حقوق الإنسان    لا جازيتا: مهاجم مانشستر يونايتد على رادار إنتر    لاعب بيراميدز: إبراهيم عادل لا يقارن وأفضل من زيزو وإمام عاشور    رومانو: تشيلسي تواصل مع ميلان لإمكانية ضم مانيان    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    جامعة القاهرة تتولى الكشف طبيًّا لمنتسبي "ألعاب القوى" وتتيح ملاعبها لتدريبهم    صور- رئيس جامعة عين شمس يتفقد امتحانات نهاية العام    المشدد 5 سنوات لعامل لاتجاره في المخدرات بالعبور    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 25 جنيهًا    توافد النجوم على منزل الراحلة سميحة أيوب استعدادا للجنازة    وزيرا التعليم والشباب يبحثان إطلاق دورى المدارس على مستوى الجمهورية    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    هل يجوز تعدد الأضاحي في البيت الواحد؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    فيفي عبده تنعي الفنانة سميحة أيوب    عدم الإعلان عن موعد فتح التحويلات ونتيجة تنسيق القبول للمدارس.. لهذا السبب    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    الخارجية: يجب الالتزام بالقوانين المنظمة للسفر والهجرة والإقامة بكل دول العالم    الجامعة البريطانية في مصر توقع بروتوكول تعاون مع المعهد المصرفي المصري    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    خالد عيش: أوضاع العمال في مناطق النزاع تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    محافظ الفيوم: بدء تطبيق المحاور المرورية الجديدة أول أيام العيد    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    حكم صيام يوم التروية.. أدعية مستحبة في اليوم الثامن من ذي الحجة    «ذبح وتهنئة وفُسح».. طقوس المصريين للاحتفال ب«عيد الأضحى»    الكشف على 762 مواطن خلال قافلة طبية مجانية بكفر الدوار    السبكي: الشراكة المصرية الألمانية في الصحة نموذج للتحول الرقمي والتميّز الطبي    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء يتفقد جاهزية مستشفى نخل المركزي    أخبار سارة على صعيد العمل.. توقعات برج الجدي في يونيو 2025    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    «أمن المنافذ»: ضبط 2628 مخالفة مرورية وتنفيذ 162 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    سويلم يتابع ترتيبات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"    مدير الإغاثة الطبية بغزة: مراكز توزيع المساعدات في القطاع مصائد لاستهداف المواطنين    وفد كنسي يهنئ المحافظ والقيادات التنفيذية بالقليوبية بعيد الأضحى المبارك    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    مقتل شخصين وجرح 4 أطفال في هجوم روسي على مدينة سومي الأوكرانية    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    هيئة الأرصاد: أجواء ربيعية ممتعة اليوم والعظمى بالقاهرة الكبرى 31 درجة    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    «هاجي في يوم وهقتله».. يورتشيتش يمازح مصطفى فتحي بسبب عصبية الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرأي الثالث وسياسة الجنرال الرابع / خليل احمد خليل
نشر في محيط يوم 09 - 06 - 2008


الرأي الثالث وسياسة الجنرال الرابع
خليل احمد خليل
حين وقع التوافق وتحقق بموجب اتفاق الدوحة، كان الرئيس ميشال سليمان يُدرك تماما انه آت من رأي ثالث: رأي جمهور لبناني غير ممثل في الفريقين المتوافقين عليه، والمتجابهين في كل ما عداه، وما وراءه؛ رأي نواب مشتتين داخل هذين الفريقين ولا يفصحون عن موقفهم المستقل؛ وأخيرا وهو الأهم رأي قيادة الجيش التي انتهجت في عهده سياسة التوسط بين المتنازعين والترفع عن خلافاتهم المعلنة. وحين انتُخب العماد رئيسا للجمهورية بإجماع، وبلا منافس، وُصِف انتخابه الرئاسي بأنه «عرس لبنان»، واعتبر كل فريق أن له قرصا في هذا العرس، الى ان جاء تكليف الرئيس ف.
السنيورة، فتحول العرس اللبناني هذا الى «مأتم أبيض» بنظر الذين لم يسموه، واستمر العرس السياسي بنظر الذين سموه بأكثرية عادية (68 من 127 نائبا). ولكن في «مأتم التوافق»، كان في إمكان الرئيس سليمان أن يحتكم الى سياسة الرأي الثالث المرفوع تارة، والممنوع تارة أخرى. فعهد الرئيس الجديد سيدوم ست سنوات؛ ولكنه كشف خلله السياسي في بضعة أيام، ما بين الانتخاب الرئاسي والتكليف الحكومي.
والحال كيف ستكون سياسته على مدى سنوات البدائل اللبنانية المقبلة؟
أمام الرئيس اللبناني الجديد منهجان: الاستعارة من السلف العسكري، أو الإبداع السياسي الواقعي، عملا ب«مداواة الحاضر بالحاضر». وقد يلجأ الرئيس الى المزج بينهما، مهجِّنا سياسة جديدة قد تحمل اسم «السليمانية» الحكيمة، مقابل «الشهابية».
في كل الأحوال هو محكوم بسياسة الأمر الواقع التي أوصلته الى موقعه هذا، ولو لمدة قصيرة لا تتعدى الانتخابات النيابية في ربيع .2009 وحتى يسير لبنان في اتجاه «الدولة المدنية»، أي لا عسكرية ولا طائفية، كما وعد الرئيس في خطاب قسمه، لا مناص له من تطوير سياسة الرأي الثالث، انطلاقا من حصته الضئيلة في التشكيلة الوزارية السنيورية التي تمثل 10? من نصاب السلطة الاجرائية «التوافقية».
بالعودة الى تجارب أسلافه، الجنرالات/ الرؤساء، يمكنه استخلاص ما يلي من العِبَر السياسية:
1 عبرة فؤاد شهاب: جاء من رأي ثالث على خلفية أزمة 1958 وتداعياتها العربية/ الدولية؛ وتمكّن بحكومة انتقالية وبقانون انتخابي جديد (1960) من تكوين أكثرية شهابية ظلت تتجدد بقوة الرأي الثالث الذي أداره «الجهاز المشترك»، وسط بحبوحة اقتصادية، يفتقدها لبنان اليوم، مع ديونه الثقيلة جدا ومع فساد إدارته المعمم ومع انحلال طبقته السياسية (ضعف الاحزاب الديموقراطية والنقابات وتطرّف الاعلام المرئي).
الى ذلك، كان هناك تقرير إيرفد ووزارة تصميم ورؤية سياسية واقعية للبنان الغد. وفي النهاية تجدد الانقسام السياسي، بعد الرئيس شهاب، بين «نهج شهابي»، و«حلف ثلاثي» وأدى تصادم المارونية السياسية بنقيضاتها الى حروب أهلية ما زالت بذورها كامنة وقابلة للاستنبات والاستنساخ، على ايقاعات اقليمية ودولية مختلفة.
2 عبرة ميشال عون: على رأس جيش منقسم، وعشية فراغ وشيك للرئاسة الأولى، ومقابل حكومة شرعية برئاسة الدكتور سليم الحص، وعلى إيقاع حرب سوق الغرب وسواها، عُيِّن الجنرال عون رئيسا لحكومة عسكرية سداسية، استقال نصفها المسلم واستمر نصفها المسيحي.
كان عهده حربا بين فراغين سياسيين، فراغ رئاسة الحكومة وفراغ رئاسة الجمهورية، فيما كان المجلس النيابي لا يملك من السلطة إلا التجديد لنفسه على مدى سنوات 1972 .1992 وانتهى عهده بالخروج القسري من قصر الرئاسة في بعبدا الى المنفى. لكن ما بين المنفى والعودة (2005).
تكوّن للعماد عون جمهور رأي ثالث، أعطاه تكتلا برلمانيا، لم يُحسن حتى الآن توظيفه المباشر في الحكم. هذا الجمهور الثالث هو الذي يشكل الآن موضوع التنازع بين جنرال مُسترئس وجنرال رئيس، ولا بد من ظهوره سواء في أداء الحكومة السنيورية الثانية أو في الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث يغيب التمثيل النسبي عنها، وهو الرافعة الوحيدة لتكوين رأي ثالث، وللتذكير، نشير الى أن فريقي النزاع على القضاء والمحافظة متفقان خلسة على استبعاد النسبية السياسية، مع انهما يذهبان الى الادعاء بأن «المحافظة محافظة على لبنان» وان «القضاء قضاء عليه».
صفوة القول إن ما بين الجنرالين عون وسليمان سيرخي بظلاله الغامضة على آفاق المركز الرئاسي في لبنان، وسيحول في الوقت ذاته دون تبلور رأي ثالث يخترق التعارض الكاسح بين السنية السياسية والشيعية السياسية.
3 عبرة اميل لحود: حظي بدعم سياسي غير مسبوق، تجاوز في بداية عهده قوة كل زعماء الطوائف منفردين، وتمكن من حيازة 70? من الرأي الثالث، العابر لانقسامات المرحلة. حين سعى الى استثمار قوته هذه في محاربة الفساد المالي/ السياسي الآخذ بالاستشراء، اصطدم بالطبقة السياسية المالية، فراح يتراجع عن مضمون قسمه (1998)، مكتفيا بدور أمني، مقابل دور اقتصادي ومالي لخصمه الدائم، رئيس الحكومة رفيق الحريري. وبالتمديد له، جرى التمديد لأزمة لبنان السياسية إبان العهد السوري وبعده. وكما جاء الى قصر الرئاسة بلا كتلة برلمانية، خرج منه بلا نواب ولا وزراء. أكثر من ذلك، بات طرفا في الانقسام السياسي الراهن.
ثمرة القول إن الرئيس ميشال سليمان الذي انتقل مباشرة من اليرزة الى قصر بعبدا، بقوة هذا الانقسام السياسي المتمادي منذ ,2005 عليه أولا قبل كل شيء ان يضع حدا لهذا الانقسام «التوافقي»، وإلا سيضطر في المراس السياسي الواقعي أن يصير طرفا، لا وسيطا. هذا يعني ان عليه ان يأخذ مبادرات سياسية تمكّنه من الاضطلاع بدور سياسي/ أمني معا.
مثاله ان إعادة الحياة الطبيعية للمؤسسات تبدأ من نوعية الوزراء، مع مراعاة الحصص المتفق عليها في الدوحة؛ فلو جاء الرئيس سليمان بثلاثة وزراء من طراز «رجال العلم والدولة» وبحقائب فعالة وناشطة، لأمكنه أن يتجاوز الفراغات الحكومية التي يراهن عليها فريقا الأكثرية والأقلية من جهة، وان يعطي أنموذجا سياسيا للتوزير من جهة ثانية، فلا تعود الحكومة «مدرسة إدارية» لتعليم المبتدئين، الى ذلك، يمكنه الإسهام أكثر من سواه في إعادة تأطير الجيش اللبناني وفي رسم سياسته الوطنية الاستراتيجية المقبلة.
هذا، إذا لم ينس الجيش الثاني للبناني، نعني جيش الجامعة اللبنانية الذي يفتقد منذ سنوات لعمداء ومديرين أصيلين وأكثر كفاءة. إن الرهان على الجامعة والجيش معا، في غياب الأطر الحزبية والنقابية ذات المرجعيات الاجتماعية الفعلية، من شأنه إعطاء فرصة للرأي الثالث، الذي يعرف الرئيس سليمان انه آت منه، وعليه ان يذهب اليه بلا مواربة.
فالجامعة والجيش هما الوسيطان المؤسسيان الراهنان بين فريقي النزاع، وهما الجديران بالتقريب بينهما والحد من تطرفهما وانغلاقهما النرجسي الذي أوصلهما الى حافة الجنون السياسي الملانغولي.
في الأشهر المقبلة، يستطيع الرئيس سليمان الاحتكام الى المعرفة السياسية والى خبرته، فتكوين الرأي الثالث، مستعيدا «الأمر لي» بلا تخوف. فهذا هو الثمن الضروري للإنقاذ، إنقاذ لبنان من «تدويله المذهبي» الراهن، بدفعه الى مقوّمات مجتمعه المدني، الجديرة وحدها بإنتاج «دولة مدنية» يتمناها أكثر اللبنانيين. بدون هذه المغامرة الكبرى، سيكون على عهد الرئيس سليمان أن يملأ فراغات السياسة المحلية، المرتبطة بفراغات إقليمية ودولية. وعندنا ان من ينسى قوة الجامعة والجيش، لن يرى أخطاءه في مرآة ذاته، وسيظل يتمارى بمرايا الآخرين المنكسرة منذ حوادث 7 أيار (مايو) .2008
إن حزبية الرئيس لا تعني «حزبية الرئاسة» التي أفضت الى أزمات في ثلاثة عهود متوالية: عهد الرئيس بشارة الخوري، عهد الرئيس كميل شمعون وعهد الرئيس فؤاد شهاب. فماذا تعني إذاً؟ تعني التأسيس الموضوعي للذات الوطنية اللبنانية على أسس راسخة ومشتركة، كما هي حال الجيش المعبّر عضويا عن نواة الوحدة السياسية، وحال الجامعة المعبرة فكريا عن نواة الوحدة المعرفية لشعب لبنان بأسره. فإذا جمعنا عديد الجيش الى عديد الجامعة، اكتشفنا معنى النخبة الجديدة، العلمانية بلا مواربة، التي يحمل بذورها مجتمع لبنان الراهن.
فإذا حمى الجيش وحدة الجامعة، تمكنت هذه الأخيرة من رفده وتسويره وتعميره، وسقط التعارض بين المقاومة والدولة. هذان المصدران الكبيران للدولة المدنية يمكن توظيفهما معا لتجاوز الانشراح السياسي الحالي، ولإنتاج قوة سياسية للرأي الثالث.
وإذا مضت السنة الأولى من ولاية الرئيس ولم يفعّل هذه القوة ذات الجذور الاجتماعية الواسعة، التي تتعدى قوة المال وقوة السلاح خارج الدولة، فإن الرهان على إنقاذ لبنان يكون قد أسقط نفسه بنفسه. لا خط أحمر للإنقاذ الوطني، ولا تعايش بين الانقسام السياسي والتوحد الوطني.
التوافق على الرئيس يعني ايضا التوافق على وحدة المجتمع والدولة. توقيع الرئيس على الإنقاذ لا تضارعه قوة أخرى. الحكم قرار، والقرار الآن للحكيم سليمان. فهل يحكم أم سيُحكم عليه؟
عن صحيفة السفير اللبنانية
9/6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.