النفاق السياسي في انتخابات الرئاسة الأميركية! جيمس روبين إذا كانت التصريحات المتبادلة بين الرئيس بوش والسيناتور باراك أوباما وجون ماكين بشأن حركة حماس والجماعات الإرهابية تمثل نظرة عامة على الانتخابات الأميركية المقبلة، يمكن القول بأننا سنواجه 6 أشهر قبيحة من النفاق السياسي والاتهامات الزائفة. وعلى الرغم من سمعته في وسائل الإعلام كشخص متميز له أفكاره الخاصة التي قد تختلف كثيراً عن آراء أعضاء حزبه، فإن ماكين أظهر أنه سوف يكون سعيداً أيضاً بتكتيكات الحملة الانتخابية القذرة على نمط الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون. وقد حاول ماكين توظيف مشاعر الذنب للتأكيد على أن أوباما ضعيف في قضايا الأمن القومي ولن يكون قادراً على مواجهة المنظمات الإرهابية عندما قال مؤخراً بأن حركة حماس سبب متأصل في انتصار أوباما، أو القول بأن أوباما يتبنى مواقف ضعيفة تجاه إسرائيل،تماماً كما كان يمكن أن يقول ريتشارد نيكسون. وقد كرر الرئيس بوش هذه الفكرة يوم الخميس الماضي، وبدون ذكر أوباما خلال حديثه الذي ألقاه ليلة الخميس الماضي في الكنيست الإسرائيلي، اقترح بوش أن الديمقراطيين يرغبون في التفاوض مع الجماعات الإرهابية، بينما يرغب الجمهوريين في محاربة الإرهابيين. وكان قادة حملة أوباما محقين في انتقادهم للرئيس بوش على تعليقاته بسبب انهماكه في سياسات موالية لجهة معينة أثناء سفره إلى الخارج. وقد ذكر العديد من الرؤساء مثل هذه الأشياء التي يمكن أن تفسر على أنها تنتهك القانون غير المكتوب للسياسات الأميركية في الخارج. ولكن من الصعب تذكر انتهاك أي رئيس لهيبة منصبه بهذه الطريقة غير البارعة مثلما فعل بوش يوم الخميس الماضي. إن اتهام المنافسين وتشبيههم ب "نيفيل تشامبرلين" في الكنيست يمثل ضربة قاسية للمرشحين الديمقراطيين. ومن السيء بما في الكفاية أن الجمهوريين يستخدمون سياسات التدمير الشخصي هنا في داخل الولاياتالمتحدة، ولكن نشر هذا النوع من الأسلحة السياسية في هذه المناسبة الرفيعة أثناء تحدث رئيس أميركي أمام برلمان حكومة دولة صديقة يمثل انحطاطاً وانحداراً جديداً في الممارسة السياسية للرئيس بوش. وفي نفس الوقت، فإن ماكين متهم بالنفاق. وأنا من أنصار هيلاري كلينتون، وأعتقد بأنها كانت محقة عندما قالت تعليقاً على البيان الذي أصدره ماكين عن حركة حماس: "أنا لا أعتقد بأن أي شخص يجب أن يأخذ تصريحات ماكين على محمل الجد. ومن سوء الحظ، فإن الجمهوريين يعلمون بأن بعض الناس سوف يفعلون ذلك. لذا، فإنهم يقولون هذه الأشياء. ولكن بالنظر إلى موقفه الخاص إزاء حركة حماس، فإن ماكين هو آخر سياسي يجب أن يهاجم أوباما. ومنذ عامين، بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، أجريت مقابلة مع ماكين في برنامج "ورلد نيوز تونايت" الذي يذاع على شبكة سكاي نيوز الإخبارية البريطانية، وإليكم الجزء الحاسم من الحوار الذي دار بيننا: سألت ماكين: "هل تعتقد بأن الدبلوماسيين الأميركيين يجب أن يتعاملوا بنفس الطريقة التي كانوا يتعاملون بها في الماضي مع الحكومة الفلسطينية بعد قدوم حركة حماس إلى السلطة؟ وقتها أجاب ماكين: "إن حركة حماس أصبحت تشكل الحكومة الآن، وعاجلاً أم آجلاً سوف يتعين علينا التعامل معهم بطريقة أو بأخرى، وأنا أتفهم أسباب كراهية الإدارة الحالية والإدارات السابقة لحركة حماس بسبب تبنيهم لخيار العنف إلى جانب الأشياء التي لا يعتنقونها فقط ولكن يمارسونها ....... ولكن حكومة حماس باتت حقيقة جديدة في منطقة الشرق الأوسط. وأعتقد أن الدرس الذي يجب أن نستخلصه من هذه المسألة هو أن الناس تريد الأمن والمستقبل والحياة الكريمة، إنهم يريدون الديمقراطية، ولم تكن حركة فتح تقدم لهم ذلك. وقتها، رأى بعض الأوربيين المشاركين في منتدى دافوس، حيث أجري هذا الحوار، أن إجابة ماكين كانت منطقية ومثالية. ولكنها كانت استجابة غير عادية إن لم تكن فريدة بالنسبة لأي سياسي أميركي من كلا الحزبين. ومن المؤكد أن الرؤية الجديدة للمرشح الجمهوري المحافظ تختلف عن هذا الرد. وبالنظر إلى هذا الحوار، يمكن أن يقول جون ماكين الجديد أن حركة حماس يجب أن تساعد جون ماكين القديم على الفوز بانتخابات الرئاسة. ويبدو أن جون ماكين القديم كان مستعداً للتعامل مع حكومة حركة حماس، بينما ذكر كل من كلينتون وأباما أن حماس يمكن أن تغير سياساتها تجاه إسرائيل وتتخلى عن بعض الأفكار المتشددة من وجهة نظرهم قبل أن تتمكن من إقامة علاقة دبلوماسية مع الولاياتالمتحدة. وحتى إن كان ماكين لا يفضل التعامل مع حركة حماس منذ عامين، فإنه ليس من حقه أن يشوه سمعة السيناتور باراك أوباما. ولكن، بالنظر إلى موقفه المعلن من قبل، يمكن القول بأن هذا الأمر قد يمثل قمة النفاق السياسي أو حالة من فقدان الذاكرة السياسية للسيناتور جون ماكين بمحاولته إقحام حركة حماس في الانتخابات الأميركية. عن صحيفة الوطن العمانية 22/5/2008