رئيس جامعة سوهاج: نولي طلابنا من ذوي الهمم رعاية متكاملة    اسعار اللحوم اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى أسواق ومجازر المنيا    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 7 ديسمبر 2025    «الاستثمار»: دليل إرشادي للحافز الاستثماري النقدي لدعم المشروعات الصناعية    قرار صيني بشأن الذهب.. كيف تفاعلت الأسعار في مصر؟    مصر تنضم لمركز المعرفة للتأمين الصحي الشامل لدعم السياسات الوطنية الصحية    وزير الخارجية: المشروعات الكندية إضافة للجهود الوطنية في مجالات التنمية    الاحتلال الإسرائيلي يواصل نسف مبانٍ في خان يونس    الكرملين يشيد بتعديل استراتيجية الأمن القومي الأمريكية حول روسيا    حريق هائل في مدينة كريمنشوك الأوكرانية جراء هجوم روسي عنيف| فيديو    ارتفاع عدد قتلى حريق بملهى ليلي إلى 25 بينهم 4 سائحين بالهند    مفاجأة.. سلوت يدرس استبعاد محمد صلاح من قائمة مباراة ليفربول وإنتر ميلان    كأس العرب| «سوريا وفلسطين» صراع على الصدارة..وفرصة أخيرة لقطر وتونس    محمد السيد يحرز ذهبية كأس العالم لسلاح سيف المبارزة بعد الفوز على لاعب إسرائيل    تعرف علي تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    «الأرصاد»: انخفاض في درجات الحرارة.. والعظمى بالقاهرة 20 درجة    توضيح هام من محافظة الجيزة بشأن الكثافات المرورية باتجاه منزل البحر الأعظم    استدرجها داخل مزرعة وأشعل فيها النيران.. الإعدام لقاتل زوجته بنجع حمادي    محافظ القليوبية يتابع حادث سقوط 8 عمال نتيجة انهيار شدة خشبية    حريق محدود داخل مستشفى ديروط الجديدة بأسيوط دون إصابات    عرض عربي أول ناجح لفلسطين 36 بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    روجينا تبدأ تصوير «حد أقصى» في أول تعاون مع ابنتها مايا زكي رمضان 2026    كبار وأطفال بلا مأوى.. التدخل السريع يتعامل مع 519 بلاغًا خلال نوفمبر    «كنت منسجما وأنا أسمعه».. الشيخ حسن عبد النبي يشيد بمتسابق دولة التلاوة    ارتفاع التضخم السنوي في الكويت إلى 2.39% خلال شهر أغسطس    انطلاق جولة الإعادة للانتخابات البرلمانية للمصريين في اليونان    نظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    23 ديسمبر، انطلاق المؤتمر الدولي الأول لتجارة عين شمس "الابتكار والتكنولوجيا المالية"    مواعيد مباريات اليوم الأحد 7-12-2025 والقنوات الناقلة لها    حضر التلاميذ وغاب المدرسون، استياء بين أولياء الأمور بسبب غلق أبواب مدرسة بمطروح    نائب ينتقد التعليم في سؤال برلماني بسبب مشكلات نظام التقييم    نعوم تشومسكي، المفكر الذي واجه إمبراطوريات السياسة ورفض النازية والليبرالية المتوحشة    الخشت: تجديد الخطاب الديني ضرورة لحماية المجتمعات من التطرف والإلحاد    وزير الصحة: وضع تصور شامل للمبادرات الرئاسية والبرامج الاستثمار فى البشر    طريقة عمل طاجن الفراخ بالبرتقال، وصفة سهلة التحضير ومغذية    مقتل 9 وإصابة 7 في حوادث على طريق سريع في شينجيانج الصينية    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    كان معاه 20900 جنيه.. "اهل مصر" تنشر اعترافات أحد سماسرة الأصوات بقنا    أسعار الدولار اليوم في البنوك اليوم الثلاثاء 7ديسمبر 2025    الجيشان الصينى والروسى يجريان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    حصيلة أهداف كأس العرب 2025 بعد الجولة الثانية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    إنقاذ شخص من الغرق في نهر النيل بالجيزة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    "ولنا في الخيال حب" يفاجئ شباك التذاكر... ويُحوِّل الرومانسية الهادئة إلى ظاهرة جماهيرية ب23 مليون جنيه    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساهمة عربية في إنتاج النكبة الفلسطينية / عبد الاله بلقزيز
نشر في محيط يوم 19 - 05 - 2008

مساهمة عربية في إنتاج النكبة الفلسطينية
عبد الاله بلقزيز
لم يجانب ياسين الحافظ الصواب حين قال، قبل أربعين عاماً، إن التأخر العربي هو الذي أنجب “إسرائيل"، ولن نتزيد حين نقول إنه عينه الذي يحمي بقاءها حتى اليوم ويوفر لها أسباب الأمن الذاتي.

نعم، في وسع أي منا أن يقرأ نجاح الحركة الصهيونية في إقامة كيانها على أرض فلسطين، قبل ستين عاماً، وفي تحويله إلى دولة قوية ضاربة بوصفه (أي النجاح) ثمرة لدعم استعماري لم ينقطع يوماً عن تلك الحركة ودولتها، فلا تخطئ قراءته التقدير، وفي وسعه ان يعزو نجاحها إلى إدراكها المبكر إلى حاجة الاستعمار إلى “إسرائيل"، في قلب المنطقة العربية وما قد تعنيه تلك الماجة من فرص نادرة للحركة الصهيونية لتوفير موارد قوة لم يكن ممكناً لها توفيرها بإمكاناتها الذاتية في مثل ذلك الزمن القياسي.
ومرة أخرى لن يكون التعليل مخطئاً، وربما مال بعضنا إلى التشديد على صلة ذلك النجاح الصهيوني بالاقتدار الملحوظ في مجال تنظيم “الدياسورا" اليهودية في انحاء العالم وإتقان استدماجها في المشروع الصهيوني بدءاً من توفير مادته البشرية (الهجرة اليهودية الكثيفة إلى فلسطين) وصولاً إلى توفير الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري له (اللوبي اليهودي - الصهيوني في أمريكا وأوروبا) مروراً بتوفير الموارد المالية (من طريق التبرعات اليهودية العالمية للوكالة اليهودية و"إسرائيل" وتبرعات الدول الكبرى)، ولن يجانب هذا البعض الصواب في ما ذهب إليه.

في الوسع ذلك كله لأن الحركة الصهيونية ما نجحت في تهجير يهود العالم إلى فلسطين إلا بمساعدة الاستعمار البريطاني الذي مكنها من وعد (وعد بلفور) بإقامة “وطن قومي لليهود" ووفر لمشروع الهجرة اليهودية السند القانوني واللوجستي، وما نجحت في الحصول على “الحق القانوني" لها في إقامة الدولة اليهودية إلا بمساعدة الاستعمار البريطاني (بدءاً من تقرير “لجنة بيل" الملكية حول تقسيم فلسطين في نهاية الثلاثينات وصولاً إلى القرار 181 في الأمم المتحدة في نوفمبر من العام 1947)، ولا هي تمكنت من إعلان قيام دولتها في الخامس عشر من مايو/أيار 1948 إلا بالتنسيق مع سلطة الانتداب البريطاني عشية انسحاب قواته من فلسطين، ولا هي تمكنت من خوض الحرب ضد الجيوش العربية السبعة في العام نفسه والانتصار فيها وتوسيع نطاق سيطرتها على أراضٍ فلسطينية جديدة - تقع خارج نطاق تلك التي منحها قرار التقسيم لليهود - لولا المساعدة العسكرية البريطانية للقوات الصهيونية. ثم إن هذه الدولة لم تستطع الصمود والتوسع وخوض حروب الأعوام ،1956 ،1967 ،1973 ،1982 ،1996 ،2006 وبناء القاعدة الصناعية - العلمية المتطورة، وحيازة القدرة النووية والتفوق العسكري في ميدان السلاح التقليدي على البلدان العربية مجتمعة، إلا بدعمٍ مباشر من الدول الاستعمارية الكبرى (بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية).

ومع صحة ذلك كله، كم يبدو لنا سهلاً - بل سخيفاً ومبتذلاً - أن نهرب بتفسير هزيمتنا في وجه “إسرائيل"، ونهربه، إلى العامل الخارجي كما لو أن مجتمعاتنا ودولنا بريئة مما حصل لفلسطين وشعبها منذ النكبة، قبل ستين عاماً، وحتى اليوم، فمن ذا الذي يصدق أن تهزم جيوش دول (عربية) أمام عصابات (صهيونية) مسلحة؟ ومن يصدق أن يتحدى أربعة ملايين يهودي أمة من ثلاثمائة مليون نفر، فيحتفظون بأرض سرقوها وأخرى احتلوها ويفرضون شروطهم بكل كبر وتحقير لمن يتوسلون منهم السلام؟

ما كان في وسع الشعب الفلسطيني وثواره، منذ عشرينات القرن العشرين وحتى اغتصاب وطنه، أن يرد هجوم الحركة الصهيونية عليه بسبب النقص الحاد في موارد القوة لديه.

لكنه كان في وسع العرب نجدته في ذلك الحين، وهو اليوم لا يملك - بقواه الذاتية - كسر شوكة “إسرائيل" لكن العرب يملكون نصرته لو شاءوا وإجبار “إسرائيل" على الانسحاب من المناطق المحتلة عام ،67 من لم يصدق، عليه أن يتذكر ماذا كانت تستطيعه حرب اكتوبر 73 التي توحد فيها السلاح مع المال مع النفط فأنتج ذلك النصر النسبي قبل اغتياله سياسياً في “كامب ديفيد".

إن اغتصاب فلسطين وقيام الدولة الصهيونية عليها ما كان ليكون لولا ذلك التأخر التاريخي الذي دبت مفاعيله في الحياة العربية منذ ذلك الحين. وصيرورة تلك الدولة قوة امبراطورية في بحر جيلين ما كان ليكون لولا أن تلك المفاعيل ما زالت تسري في الاجتماع السياسي العربي حتى اليوم، لم تكن “إسرائيل" قدراً لولا أن التخلف والتجزئة مهدا لها، وهي لن تكون قدراً حين ستشق الأمة طريقها نحو التاريخ وتأخذ مصيرها بنفسها، إن استمرار الكيان الصهيوني أمر مستحيل في محيط شعبي عربي ينبذها ومهما جربت من حروب عدوانية وغزو وقهر واحتلال، فهي لن تحظى بالشرعية ولن تنعم بالبقاء الدائم، أما معاهدات “الصلح" و"السلام"، فلن تفيد في غفران الأمة لخطيئة الصهيونية أو في تزوير حقائق الصراع ومحو الذاكرة الجماعية، غير أن نقطة ضعف هذه الحقيقية التاريخية والنفسية والقومية والدينية في وجدان الأمة هي غياب المشروع التحرري والوحدوي العربي الذي يحولها إلى حقيقة مادية.

هانحن، إذن، نصطدم مرة أخرى بالحقيقة المرة: إن غياب هذا المشروع ليس شيئاً آخر غير استمرار مفاعيل حالة التأخر التاريخي في حياتنا.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
19/5/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.