زلزال بقوة 6.4 درجة شمال مدينة رشيد.. والمعهد القومي للبحوث الفلكية يطمئن المواطنين    الجيش الأردنى يعلن سقوط صاروخ مجهول المصدر في منطقة صحراوية بمحافظة معان    مواعيد أهم مباريات اليوم في جميع البطولات والقنوات الناقلة    بريطانيا تحث إسرائيل على رفع الحظر عن المساعدات الإنسانية لغزة    هزة أرضية قوية توقظ سكان الإسكندرية    هزة أرضية بقوة 6.2 ريختر تضرب عدة مناطق في مصر    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    خلال أيام.. امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 بجنوب سيناء (توزيع الدرجات)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء 14-5-2025    بعد زلزال الآن.. أدعية مستحبة في وقت الزلازل    دعاء الزلزال.. ماذا نقول عند حدوث هزة أرضية؟    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    سعر البطيخ والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    عيار 21 يسجل مفاجأة.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    «البيئة» تفحص شكوى تضرر سكان منطقة زهراء المعادي من بعض الحرائق وتحدد مصدر التلوث    مندوب فلسطينن لدى الأمم المتحدة: 93% من أطفال غزة معرضون لخطر المجاعة    بينهم طفلتان.. 4 شهداء ومصابون إثر استهداف خيمة نازحين في خان يونس    د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!    الأهلي بطل السوبر الإفريقي بعد الفوز على الترجي التونسي في كرة اليد    ملف يلا كورة.. فوز الأهلي.. عودة بيراميدز.. والزمالك يغيب عن دوري أبطال أفريقيا    مدرب الزمالك: الفوز على الأهلي نتيجة مجهود كبير..وسنقاتل للوصول للنهائي    أول قرار من أيمن الرمادي بعد خسارة الزمالك أمام بيراميدز    «إنذار خطر».. رسالة نارية من مصطفى عبده ل عماد النحاس بسبب أداء الأهلي    التخطيط: 100 مليار جنيه لتنفيذ 1284 مشروعًا بالقاهرة ضمن خطة عام 2024/2025    الذهب قرب أدنى مستوى أسبوعي وسط انحسار التوتر التجاري    زلزال قوي يشعر به سكان محافظتي القاهرة والجيزة    أول رد رسمي من محامي رمضان صبحي بشأن أداء شاب واقعة «الامتحان»    فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس «الحشاشين»: تمنيت ألا يكون دوري مجرد ضيف شرف    هل تنتمي لبرج العذراء؟ إليك أكثر ما يخيفك    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    الخميس.. انطلاق مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الهمم في المحلة الكبرى تحت شعار «الإبداع حق للجميع»    وفاة جورج وسوف شائعة وحالته الصحية بخير ويستعد لجولته الغنائية فى أوروبا    تعليم سوهاج يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2024-2025    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    الكشف على 5800 مواطن في قافلة طبية بأسوان    إصابة 9 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة برصيف فى التجمع    تعليم سوهاج تواصل تقديم المحاضرات المجانية لطلاب الثانوية العامة.. صور    نجم الأهلي: حزين على الزمالك ويجب التفاف أبناء النادي حول الرمادي    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد السعى إلى تطوير الأداء    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    حدث بالفن | افتتاح مهرجان كان السينمائي وحقيقة منع هيفاء وهبي من المشاركة في فيلم والقبض على فنان    أرعبها وحملت منه.. المؤبد لعامل اعتدى جنسيًا على طفلته في القليوبية    نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. وتعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم "خطير".. ويجب التوازن بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    "قومي المرأة" و"النيابة العامة" ينظمان ورشة عمل حول جرائم تقنية المعلومات المرتبطة بالعنف ضد المرأة    «بيطري دمياط»: مستعدون لتطبيق قرارات حيازة الحيوانات الخطرة.. والتنفيذ خلال أيام    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    فتح باب التقديم للمشاركة في مسابقة "ابتكر من أجل التأثير" بجامعة عين شمس    جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2025 الفصل الدراسي الثاني محافظة قنا    وزير الدفاع يلتقي نظيره بدولة مدغشقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساهمة عربية في إنتاج النكبة الفلسطينية / عبد الاله بلقزيز
نشر في محيط يوم 19 - 05 - 2008

مساهمة عربية في إنتاج النكبة الفلسطينية
عبد الاله بلقزيز
لم يجانب ياسين الحافظ الصواب حين قال، قبل أربعين عاماً، إن التأخر العربي هو الذي أنجب “إسرائيل"، ولن نتزيد حين نقول إنه عينه الذي يحمي بقاءها حتى اليوم ويوفر لها أسباب الأمن الذاتي.

نعم، في وسع أي منا أن يقرأ نجاح الحركة الصهيونية في إقامة كيانها على أرض فلسطين، قبل ستين عاماً، وفي تحويله إلى دولة قوية ضاربة بوصفه (أي النجاح) ثمرة لدعم استعماري لم ينقطع يوماً عن تلك الحركة ودولتها، فلا تخطئ قراءته التقدير، وفي وسعه ان يعزو نجاحها إلى إدراكها المبكر إلى حاجة الاستعمار إلى “إسرائيل"، في قلب المنطقة العربية وما قد تعنيه تلك الماجة من فرص نادرة للحركة الصهيونية لتوفير موارد قوة لم يكن ممكناً لها توفيرها بإمكاناتها الذاتية في مثل ذلك الزمن القياسي.
ومرة أخرى لن يكون التعليل مخطئاً، وربما مال بعضنا إلى التشديد على صلة ذلك النجاح الصهيوني بالاقتدار الملحوظ في مجال تنظيم “الدياسورا" اليهودية في انحاء العالم وإتقان استدماجها في المشروع الصهيوني بدءاً من توفير مادته البشرية (الهجرة اليهودية الكثيفة إلى فلسطين) وصولاً إلى توفير الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري له (اللوبي اليهودي - الصهيوني في أمريكا وأوروبا) مروراً بتوفير الموارد المالية (من طريق التبرعات اليهودية العالمية للوكالة اليهودية و"إسرائيل" وتبرعات الدول الكبرى)، ولن يجانب هذا البعض الصواب في ما ذهب إليه.

في الوسع ذلك كله لأن الحركة الصهيونية ما نجحت في تهجير يهود العالم إلى فلسطين إلا بمساعدة الاستعمار البريطاني الذي مكنها من وعد (وعد بلفور) بإقامة “وطن قومي لليهود" ووفر لمشروع الهجرة اليهودية السند القانوني واللوجستي، وما نجحت في الحصول على “الحق القانوني" لها في إقامة الدولة اليهودية إلا بمساعدة الاستعمار البريطاني (بدءاً من تقرير “لجنة بيل" الملكية حول تقسيم فلسطين في نهاية الثلاثينات وصولاً إلى القرار 181 في الأمم المتحدة في نوفمبر من العام 1947)، ولا هي تمكنت من إعلان قيام دولتها في الخامس عشر من مايو/أيار 1948 إلا بالتنسيق مع سلطة الانتداب البريطاني عشية انسحاب قواته من فلسطين، ولا هي تمكنت من خوض الحرب ضد الجيوش العربية السبعة في العام نفسه والانتصار فيها وتوسيع نطاق سيطرتها على أراضٍ فلسطينية جديدة - تقع خارج نطاق تلك التي منحها قرار التقسيم لليهود - لولا المساعدة العسكرية البريطانية للقوات الصهيونية. ثم إن هذه الدولة لم تستطع الصمود والتوسع وخوض حروب الأعوام ،1956 ،1967 ،1973 ،1982 ،1996 ،2006 وبناء القاعدة الصناعية - العلمية المتطورة، وحيازة القدرة النووية والتفوق العسكري في ميدان السلاح التقليدي على البلدان العربية مجتمعة، إلا بدعمٍ مباشر من الدول الاستعمارية الكبرى (بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية).

ومع صحة ذلك كله، كم يبدو لنا سهلاً - بل سخيفاً ومبتذلاً - أن نهرب بتفسير هزيمتنا في وجه “إسرائيل"، ونهربه، إلى العامل الخارجي كما لو أن مجتمعاتنا ودولنا بريئة مما حصل لفلسطين وشعبها منذ النكبة، قبل ستين عاماً، وحتى اليوم، فمن ذا الذي يصدق أن تهزم جيوش دول (عربية) أمام عصابات (صهيونية) مسلحة؟ ومن يصدق أن يتحدى أربعة ملايين يهودي أمة من ثلاثمائة مليون نفر، فيحتفظون بأرض سرقوها وأخرى احتلوها ويفرضون شروطهم بكل كبر وتحقير لمن يتوسلون منهم السلام؟

ما كان في وسع الشعب الفلسطيني وثواره، منذ عشرينات القرن العشرين وحتى اغتصاب وطنه، أن يرد هجوم الحركة الصهيونية عليه بسبب النقص الحاد في موارد القوة لديه.

لكنه كان في وسع العرب نجدته في ذلك الحين، وهو اليوم لا يملك - بقواه الذاتية - كسر شوكة “إسرائيل" لكن العرب يملكون نصرته لو شاءوا وإجبار “إسرائيل" على الانسحاب من المناطق المحتلة عام ،67 من لم يصدق، عليه أن يتذكر ماذا كانت تستطيعه حرب اكتوبر 73 التي توحد فيها السلاح مع المال مع النفط فأنتج ذلك النصر النسبي قبل اغتياله سياسياً في “كامب ديفيد".

إن اغتصاب فلسطين وقيام الدولة الصهيونية عليها ما كان ليكون لولا ذلك التأخر التاريخي الذي دبت مفاعيله في الحياة العربية منذ ذلك الحين. وصيرورة تلك الدولة قوة امبراطورية في بحر جيلين ما كان ليكون لولا أن تلك المفاعيل ما زالت تسري في الاجتماع السياسي العربي حتى اليوم، لم تكن “إسرائيل" قدراً لولا أن التخلف والتجزئة مهدا لها، وهي لن تكون قدراً حين ستشق الأمة طريقها نحو التاريخ وتأخذ مصيرها بنفسها، إن استمرار الكيان الصهيوني أمر مستحيل في محيط شعبي عربي ينبذها ومهما جربت من حروب عدوانية وغزو وقهر واحتلال، فهي لن تحظى بالشرعية ولن تنعم بالبقاء الدائم، أما معاهدات “الصلح" و"السلام"، فلن تفيد في غفران الأمة لخطيئة الصهيونية أو في تزوير حقائق الصراع ومحو الذاكرة الجماعية، غير أن نقطة ضعف هذه الحقيقية التاريخية والنفسية والقومية والدينية في وجدان الأمة هي غياب المشروع التحرري والوحدوي العربي الذي يحولها إلى حقيقة مادية.

هانحن، إذن، نصطدم مرة أخرى بالحقيقة المرة: إن غياب هذا المشروع ليس شيئاً آخر غير استمرار مفاعيل حالة التأخر التاريخي في حياتنا.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
19/5/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.