" تسونامي " الصامت حسن مدن حسب جوزيت شيران، رئيسة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة فإن ما يشهده العالم اليوم من أزمة على صعيد الغذاء هو “تسونامي" صامت.
حتى الآن فإن هذه العاصفة، رغم طابعها الصامت، قد دفعت بنحو مائة مليون إنسان إضافي إلى الفقر والعوز في معناهما المباشر الذي لا يحتمل المجاز.
ويمكن التوقف أمام حالات الاحتجاج الجماهيري الواسعة التي شهدتها العديد من البلدان النامية كمؤشرات واضحة على فداحة ما يشهده العالم اليوم من إفقار متزايد للناس، تدفع بشرائح واسعة كانت حين تعد في قوام الفئات الوسطى إلى الفقر المدقع أو مشارفه.
معطيات برنامج الغذاء العالمي تتحدث عمن يبلغ تعدادهم سبعين مليون نسمة يقدم لهم البرنامج المساعدات الغذائية في الوقت الراهن، ويعيشون على مصروف يومي يبلغ خمسين سنتا فقط، ولا مصدر آخر لديهم يسدون به رمقهم.
وبسبب ارتفاع تكلفة المعونات الغذائية التي يقدمها البرنامج، فإنه يعاني من عجز تبلغ قيمته سبعمائة وخمسين مليون دولار أمريكي، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فان البرنامج سيكون عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته تجاه من يقدم لهم العون في الوقت الراهن.
وتجب ملاحظة أن عدد متلقي إعانات البرنامج المذكور رغم ارتفاعه، فانه لا يشكل إلا جزءاً محدودا من المحتاجين للعون في مختلف بقاع العالم، وما زالوا خارج تغطية البرنامج لأسباب بيروقراطية وضعف في تمويل صندوق البرنامج من قبل الجهات المعنية.
ورغم تشابك وتعدد العوامل التي أدت إلى أزمة نقص الغذاء التي تجتاح العالم، بما فيها عوامل المتغيرات البيئية، إلا انه لا يمكن إغفال حقيقة أن السبب الجوهري في ما يجري هو السياسات الاقتصادية المتبعة على النطاق الكوني، والتي من نتائجها هذا التفاوت في مداخيل الدول والأفراد.
وحيث تعيش بلدان الشمال تخمة في المواد الغذائية والأدوية، فان مئات الملايين في البلدان الفقيرة يتطلعون إلى رغيف خبز والى مضادات للأمراض والأوبئة المتفشية.
وحتى لو أمكن الأخذ ببعض الحلول التي تتقدم بها الجهات الفنية الدولية، خصوصاً منها تلك التابعة للأمم المتحدة، كمسكنات للأزمة الراهنة، إلا أن جذر الأزمة الكامن في مكان آخر سيظل باقياً، وبالتالي فإن من هم في دائرة الفقر بسبب ما تولده ديناميكيات العولمة سيظلون عاجزين عن كسرها والخروج منها.
وأكثر من ذلك، فإن إلى صفوفهم ستنضم طوابير جديدة ممن سيؤدي استمرار الأزمة الراهنة إلى خراب بيوتهم. عن صحيفة الخليج الاماراتية 30/4/2008