تعهدت أكثر من عشرة دول بتدبير نحو 5.5 مليار يورو خلال السنوات الخمس المقبلة في إطار مبادرة دولية جديدة تستهدف مواجهة مشكلة المجاعات التي تجتاح المناطق الفقيرة في العالم وتقديم وتوفير الإمكانيات للمزارعين في تلك المناطق لزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية. وجاءت تلك التعهدات على هامش المؤتمر الذي استضافته العاصمة الأسبانية مدريد تحت إشراف الأممالمتحدة لبحث قضايا الأمن الغذائي حيث حذر مسئولو المنظمة الدولية من أن التشابك الراهن بين الأزمة المالية العالمية وأسعار الغذاء المرتفعة سيؤدي إلى زيادة إعداد من يعانون من النقص الحاد في الغذاء والذي قد يتجاوز المليار نسمة. وأشار تقرير أوردته صحيفة ال "فاينانشيال تايمز" عبر موقعها الاليكتروني إلى تصريحات لسكرتير عام الأممالمتحدة بان كي مون على هامش المؤتمر قال إن العالم بذل جهودا لتوفير المساعدات الغذائية خلال العام الماضي لمن يحتاجون إليها وأعرب عن اعتقاده بأن العام الحالي سيتطلب جهودا أكبر خاصة في ظل أجواء الكساد الاقتصادي العالمي. ومن جانبه حذر مدير منظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة جاك دواف من أن التراجع في أسعار الغذاء وذلك منذ شهر يوليو الماضي لا يجب تفسيره على أنه نهاية لأزمة الغذاء وأضاف أن تلك الأزمة قد تزداد حدة. ومن المقرر أن تواجه المساعدات المالية الجديدة والتي ستتولى الإشراف عليها قوة العمل رفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة المعنية بملف الأمن الغذائي العالمي للإنفاق على تطوير البنية التحتية للمناطق الزراعية وبرامج إدارة الموارد المائية وتحديث التقنيات المستخدمة في المجال الزراعي وستوجه أيضا المساعدات المالية للتخفيف من حدة نقص الغذاء. ووفقا لتقرير رسمي صادر عن معهد "كاثام هاوس" للأبحاث في لندن فإن الانخفاضات الاخيرة في اسعار السلع الغذائية عالميا يعد أمرا مؤقتا حيث لتستأنف الأسعار اتفاعاتها مرة أخرى بمجرد بدء تعافي الاقتصاد العالمي من كبوته الراهنة. وأكد التقرير الذي أوردته صحيفة ال "فاينايشل تايمز" على موقعها الإلكتروني أنه في ظل ذلك السيناريو يبقى خطر تفشي أزمة غذاء حقيقية أمرا قائما في المستقبل، مما سيكون له أثارا واضحة خاصة على الدول التي تعتمد بشكل أساسي على الأسواق الخارجية لتدبير احتياجات شعوبها من السلع الأساسية، فضلا عن ان تلك الازمة ستشكل تهديدا خطيرا للفقراء في مختلف انحاء العالم حيث قد يرتفع اعداد من يعانون من النقص الحاد في الغذاء الى اكثر من مليار نسمة. ويرى أليكس إيفان معد التقرير الخاص بمعهد "كاثام هاوس" والخبير بجامعة نيويورك أنه حتى بعد تراجع أسعار السلع الغذائية فإن المستويات الراهنة تمثل مشكلة حادة للدول التي تعتمد على الاستيراد من الأسواق الخارجية، والتي تتسم بانخفاض مستويات الدخول، فضلا عن أن الأسعار حاليا تمثل مشكلة للشعوب الفقيرة بشكل عام. ومن جانبها توقعت جوزيت شيران مدير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في تصريحات لصحيفة ال "فاينايشل تايمز" أن يكون العام الحالي على الأقل عاما صعبا ويحمل تحديات مثل العام الماضي الذي شهد زيادة في أعداد الأشخاص الذين يعانون نقصا في الغذاء بحوالي 40 مليون نسمة، ليصل إجماليهم في العالم حاليا إلى نحو 963 مليون نسمة. وكانت أسعار العديد من المحاصيل الزراعية والأساسية مثل القمح والأرز قد شهد في العام الماضي قفزات غير مسبوقة في العام الماضي وسط دعوات بضرورة رفع حجم المساعدات الغذائي لأكثر من 30 دولة في منطقة شبه الصحراء الإفريقية. ورغم الانخفاضات النسبية المسجلة في أسعار بعض السلع الغذائية خلال الفترة الأخيرة إلا أن أسعار بعض المحاصيل الزراعية قد شهدت انتعاشا خلال الشهرين الماضيين، بسبب تراجع عمليات الزراعة الشتوية في أوروبا والولايات المتحدة فضلا عن مشاكل الجفاف الحادة التي تواجه البرازيل والأرجنيتن المصنفان من بين أكبر دول العالم في إنتاج المحاصيل الزراعية.