خمس سنوات على الحرب د. وليد محمد السعدي مرور خمس سنوات على حرب واشنطن على بغداد تشكل منعطفاً مهماً لتقييم تلك الحرب، وفتح باب الحساب والمساءلة حولها. لكن شرعية أو عدم شرعية القرار الأمريكي هذا بالاعتداء على العراق أصبح الآن أكاديميا وتقييم قرار الحرب فيه في هذه المرحلة المتأخرة لا يقدم ولا يؤخر، فلقد حصل ما حصل وعلى المجتمع الدولي التركيز على ما هو أهم ألا وهو كيف يتم الانسحاب الأمريكي من العراق بدون زيادة العنف وعدم الاستقرار فيها وفي منطقة الشرق الأوسط بأسرها. فالمطلوب الآن إذاً هو اعتماد استراتيجية جديدة لخروج القوات الغازية من العراق، وحتى تكون هذه الاستراتيجية نافعة وناجعة لا بد وان يكون طابعها إقليمياً أولا ودوليا ثانيا، فالحل للنزاع في العراق يتطلب الآن جهدا مشتركا تتعاون وتتكاتف معه جميع دول المنطقة بما في ذلك إيران حتى يكتب له الحياة، فلا عودة للوراء بعد كل الذي حصل ويحصل في العراق وعلى جميع الأطراف المعنية التطلع للامام لإنهاء النزيف الدامي في العراق الذي أصبح اكبر مسبباته الصراعات الطائفية والاثنية المتنازعة على السلطة في بغداد. وفي هذا الصدد لا بديل لمفاوضات أمريكية-إيرانية-عراقية حول مستقبل العراق ودون ذلك سيبقى العراق مسرحا للنزاعات الإقليمية والمذهبية والاثنية إلى ما لا نهاية، وعلى ضوء ذلك ستكون فاتورة هذا النزاع من حساب الشعب العراقي. كان بوسع المجتمع الدولي وليس الولاياتالمتحدة فقط أن تتدخل في العراق عندما كانت الجرائم ضد الإنسانية ترتكب بحق العراقيين وعند استعمال الأسلحة الكيماوية بحق الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب، لكن ذلك لم يحصل واختارت الولاياتالمتحدة خوض الحرب بنفسها والاعتداء على الأراضي العراقية قبل خمس سنوات، بحجة أن العراق كان على أبواب صناعة الأسلحة النووية، وثبت بعد ذلك نتيجة لتحقيقات دولية متكررة قادتها الوكالة الدولية للطاقة النووية أن العراق خال تماما من الأسلحة النووية، ولم يكن في يوم من الأيام على عتبة الحصول عليها، لكن أجندة الولاياتالمتحدة كانت غير ذلك وحصل ما حصل، والآن العراقيون والمجتمع الدولي قد وصلوا إلى مرحلة جديدة من الصراع على العراق تتركز في العثور على حل وطني وإقليمي ودولي بعد أن تشعبت قضية العراق وأصبحت ليست فقط مسألة وطنية وإنما إقليمية ودولية في آن واحد. والذي يؤكد ذلك أن حكومة نوري المالكي في بغداد شنت مؤخرا حربا شرسة على ميليشيات الزعيم الشيعي مقتدى الصدر شاركت فيه الطائرات الأمريكية الحربية على أساس أن هذه القوات خارجة عن القانون، في حين أن البعض الآخر يدعي بان هذه الحرب الجديدة اندلعت لتصفية بعض الحسابات السياسية. وبذلك تبقى الساحة العراقية ساخنة إلى ما لا نهاية وكل ذلك بسبب الحرب الأمريكية قبل خمس سنوات. عن صحيفة الرأي الاردنية 1/4/2008