كيف ننجز ونتقدم؟ طه خليفة في عام 2006 انفجرت شلالات من الفرح في مصر ولدي الجاليات المصرية في الخارج بسبب فوز الفريق الوطني لكرة القدم بالكأس الافريقية الخامسة. وفي 2008 تجددت شلالات الفرح والسعادة الطاغية بانجاز البطولة الافريقية للمرة الثانية علي التوالي والسادسة في تاريخ مصر. لكن غير هذا الانجاز الرياضي أين الانجازات الأخري في المجالات الأخري - خلال هذين العامين- التي جعلت المصريين يفرحون ويخرجون للشوارع في مزيح يضم كل الفئات والطبقات والمستويات للاحتفال الجماعي العفوي؟!. الإجابة أنه لا إنجاز واحد يمكن رصده قد أدخل البهجة إلي قلوب المصريين ومعهم إخوانهم العرب الذين شاركوهم هذه المرة الفرحة الحقيقية بإحراز بطولة ولقب مستحقين عن جدارة وكفاءة. لست سوداوياً ولا من أولئك الذين ينظرون إلي نصف الكوب الفارغ ويتركون النصف المملوء، إنما الواقع موجود والكل يعيشه وهو- أي هذا الواقع- يتحدث عن نفسه بكل صراحة ويقول إن الأوضاع تزداد تدهوراً وتعقيداً ما لم يتم التصدي لحلها بنفس جدية وعزيمة وتصميم وإرادة لاعبو المنتخب في المستطيل الأخضر وخارجه وهم يستعدون من مباراة لأخري هناك في غانا. الأحوال المصرية تتراجع ولن ينقذها إلا العمل وفق خطط مدروسة بشفافية لتعظيم نقاط القوة لدينا والاستفادة منها وعلاج نقاط الضعف ومحاولة التغلب عليها، تلك الخطط هي الدور الكبير الذي قام به المدرب الوطني- وليس الخواجة - حسن شحاتة ومعه زملاؤه في الإدارة الفنية للفريق. إذاً هناك عنصران في تحقيق النجاح هم لاعبون مستعدون للبذل والعطاء ومخلصون لوطنهم وقادرون علي انجاز هدفهم وقائد للاعبين هو مدربهم القادر علي وضع الخطط السليمة لهم. هذا الأمر توفر في كرة القدم في دورتي 2006 و2008 وكانت النتيجة المنطقية هي الوصول إلي الهدف. فماذا يمنع أن يحدث نفس الأمر في السياسة والاقتصاد والثقافة والأدب والفن والتعليم والصحة والإسكان والعلوم وفي كل مجالات الحياة الأخري. وأزعم أن عناصر النجاح متوفرة من موارد بشرية مستعدة ومخلصة ووطنية وعازمة علي تكرار انجاز المنتخب في مجالها، وكذلك القادة والمخططون موجودون أيضاً. لكن المشكلة هي أن نأخذ الحياة بجدية مثلما أخذ منتخب الكرة اللعب بجدية، فتحول هذا اللعب من مجرد وفرجة وتسلية إلي سبب في انعاش المجتمع وإخراجه من حالة الإحباط والكآبة التي يعيشها إلي حالة من الفرح والسعادة والبهجة اللطيفة الجميلة. يحتاج المصريون في كل مجال لينطلقوا منه إلي العمل والابداع أن يشعروا أنهم سيجنون ثمرة هذا الإبداع والعرق والكفاح وأن أحداً آخر لن يسرق منهم كفاحهم ونجاحهم، ويحتاجون أن يشعروا أنهم سيحصلون علي التقدير اللازم مقابل العرق الذي سيتصبب منهم في عمل شاق للوصول إلي هدف صعب. عن صحيفة الراية القطرية 14/2/2008