محافظ الدقهلية يتفقد أعمال تطوير مدرسة منية بدواي ويوجه بانتهاء الأعمال قبل بدء الدراسة    مؤشرات قبول كليات القمة لطلبة الأزهر 2025    المجلس التصديري للحاصلات الزراعية يوقع بروتوكول تعاون مع جمعية رجال أعمال لدعم الصادرات الزراعية    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    كيف تحصل على شقة بديلة للإيجار القديم؟.. اعرف الخطوات    الجريدة الرسمية تنشر قرارات تعديل المخطط التفصيلى المعتمد ل4 قرى بمركز قلين    رئيس الموساد: قرار احتلال غزة ليس حربا نفسية بل خطوة جادة إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات    إسرائيل تحذر لبنانيين من الاقتراب إلى مناطقهم الحدودية جنوب البلاد    صحيفة: كوناتي قد ينتقل إلى ريال مدريد    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    لليوم الثاني.. محافظ أسوان يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة العاصفة الترابية    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    وزير الثقافة في حوار مفتوح مع فتيات برنامج أهل مصر الرئاسي    بعد تحويل بدرية طلبة للتحقيق.. رانيا محمود ياسين للجمهور: لا تخلطوا الأوراق    قصور الثقافة بالمنيا تحتفي بوفاء النيل بعروض الفنون الشعبية    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    جنوب السودان ينفي عقد محادثات مع إسرائيل لإعادة توطين سكان غزة    بيان رسمي.. توتنهام يدين العنصرية ضد تيل بعد خسارة السوبر الأوروبي    شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لا نرغب فى تحسين العلاقة مع الجنوب.. وتنفي إزالة مكبرات الصوت    الائتلاف المصري يستعد لمراقبة انتخابات الإعادة: خطط عمل وأدوات رصد للتنافسية داخل 5 محافظات    صوت وطنى مهم فى لحظات فارقة    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    انطلاق منافسات نصف نهائى السيدات ببطولة العالم للخماسى الحديث تحت 15 عاما    الأهلي يتحرك مبكرا للحكام الأجانب قبل مواجهة بيراميدز    سعر الأسمنت اليوم الخميس 14- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    الفاصل المداري يتقدم داخل مصر.. رياح حارة وأتربة وسحب رعدية وأمطار    21 عاملا.. ننشر أسماء ضحايا ومصابي حادث عمال الإسماعيلية    ضوابط دخول امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة 2025.. تفاصيل    بسبب خلافات أسرية.. الإعدام شنقاً للمتهم بقتل زوجته وإضرام النيران في مسكنهما بالشرقية    اللجوء لمبادرة حكومية.. لماذا لم تنخفض أسعار السلع مع تراجع الدولار؟    3 قرعات علنية لتسكين «توفيق أوضاع» مدن العبور الجديدة    خارطة طريق للمؤسسات الصحفية والإعلامية    حين امتدّ السيف الورقى من المجلة إلى الجريدة    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ملك زاهر تعلق على حادث مطاردة 3 سيارات لفتاة على طريق الواحات    تطورات الحالة الصحية للفنانة الكويتية حياة الفهد.. جلطة وممنوع عنها الزيارة    ما حكم اللطم على الوجه.. وهل النبي أوصى بعدم الغضب؟.. أمين الفتوى يوضح    إنقاذ حياة مريضة من "انسداد القولون الكاذب" بعد جراحة دقيقة في قنا    درجة الحرارة اليوم.. احمي نفسك من مضاعفاتها بهذه الطرق    طريقة عمل الفراخ في الفرن في خطوات سريعة    حصول معملي الوراثة الخلوية ووحدة المناعة بالمعهد القومي للأورام على الاعتماد الدولي    ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية ب1.5 مليون جنيه    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    منتخب السلة يواجه السنغال في ثاني مبارياته ببطولة الأفروباسكت    موعد مباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    فرنسا ترسل تعزيزات لدعم إسبانيا في مكافحة الحرائق    الداخلية تكشف تفاصيل إجبار سيدة على ركوب سيارة تحت تهديد السلاح    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفكيك المفكك / د.رفيق حبيب
نشر في محيط يوم 09 - 09 - 2009


تفكيك المفكك


* د. رفيق حبيب

د.رفيق حبيب
تمر المنطقة العربية والإسلامية بالعديد من الأحداث المهمة، والتي تؤثر على مستقبل المنطقة. ومن تلك الأحداث حالة الصراع الداخلي، كالتي تحدث في العراق والسودان والصومال واليمن. وكل حدث من تلك الأحداث له ظروفه الخاصة وأسبابه المحلية، وكذلك أسبابة الإقليمية والدولية.


ولكن كل هذه الأحداث تشترك معا في ملمح مهم، وهي أنها حالات تفكك داخلي. وهناك حالات تتصاعد بصورة قد تؤدي إلى تقسيم الدولة، رغم التباين الحادث في مدى احتمال الوصول إلى مرحلة تفكيك الدولة من حالة إلى أخرى.


وإذا نظرنا إلى تاريخ المنطقة العربية والإسلامية في القرن والنصف الأخير. سنجد أن المنطقة قد تعرضت إلى عملية تفكيك منظمة من قبل القوى الاستعمارية الغربية. مما أدى إلى إسقاط الدولة الإسلامية الواحدة، وبناء الدول القطرية بدلا منها.


وقد تم تفكيك الأمة ودولتها بصورة تعرقل أي محاولة لتوحيد الأمة مرة أخرى. وظهر أن تقسيم الأمة تم بصورة تفتت القوميات والأعراق، وتفتت مناطق الثروة، مما أدى إلى خلق نزاعات على الحدود، ونزاعات بين القوميات أو الطوائف.


فقامت الدولة القطرية في البلاد العربية والإسلامية، وهي تحمل بذور الصراع الداخلي. ولم تستطع الدولة القطرية تحقيق أي استقلال حقيقي عن القوى الغربية المهيمنة، حتى بات تاريخ المنطقة يشهد مراحل من الاستقلال النسبي المؤقت، تعقبه مراحل من الهيمنة الغربية الواضحة، حتى وصلنا إلى القرن الحادي والعشرين، حيث نشهد مرحلة للهيمنة الغربية الكاملة، على مختلف الدول القطرية في المنطقة.


ومع فشل الدولة القطرية في تحقيق الاستقلال، نجد أن تلك الدول فشلت أيضا في تحقيق التماسك للجماعة الوطنية التي تحكمها، أي المجتمع، بصورة جعلت المجتمع مفكك من داخله، حتى وأن ظهر متماسكا في مراحل معينة. وقد ظهر في بعض التجارب، أن المجتمع الذي ظهر متماسكا، وربما متجانسا في مراحل معينة، لم يكن في الواقع متماسكا، بقدر ما كان المجتمع واقع تحت السيطرة الكاملة للدولة المستبدة، بصورة أخفت واقع المجتمع من داخله، ثم عندما خفت قبضة الدولة، أو سقطت، ظهرت الحالة المفككة للمجتمع.


ولكن ما تغير مع بداية القرن الحادي والعشرين، كان التدخل الخارجي الواضح، والضعف العام للدول، مما أحدث نوعا من الحراك الداخلي السلبي في العديد من المجتمعات، فظهرت حالة التفكك الداخلي بدرجات مختلفة في العديد من الدول، والتي وصلت لحد يقترب من الحرب الأهلية في بعضها. وهنا ظهر ضعف الجماعات الوطنية القطرية، وعدم قدرتها على التحول إلى جماعة متماسكة وقوية. مما يعني ضمنا، أن المجتمعات لم تتشكل كوحدات قوية ومتماسكة ومستقلة. وبنفس المعنى سنجد أن الدولة القطرية قد فشلت في تحقيق كيان حقيقي لها على الأرض.


فالدولة القطرية تقوم على أساس أنها دولة تعبر عن قطر معين، وقومية خاصة، ومجتمع بعينه، يقع داخل حدود معترف بها. ولكن الدول القطرية التي حلت محل الاستعمار العسكري المباشر، فشلت في تأسيس كيانها المستقل المتماسك، وبالتالي لم تتحول مجتمعاتها إلى كيانات قوية ومتماسكة. ومع التدخل الخارجي، والذي لعب على أوتار التنوع الداخلي، ظهر أن أوضاع المجتمعات الداخلية قابلة للانفجار.


نخلص من هذا، أن تفكيك الأمة من خلال إقامة الدول القطرية، لم ينتج عنه قيام كيانات اجتماعية مستقلة، بل أدى إلى فشل مشروع الدولة القطرية، وفشل مشروع إقامة مجتمعات قطرية مستقلة. وأصبح رد الفعل المجتمعي تجاه تفكيك الأمة، يتجه نحو المزيد من التفكك الداخلي. ورغم أن الأمة تظل متشوقة لعودة وحدتها من جديد، إلا أن المكونات الداخلية لأي مجتمع، لم تجد في الدولة القطرية إطارا يوحدها مع بقية مكونات المجتمع. فالدولة القطرية لم توحد مجتمعاتها، بل قسمت تلك المجتمعات. وبعد أن كانت الدولة القطرية مشروعا لتفكيك الأمة، أصبحت مشروعا لتفكيك المجتمعات نفسها.


فالدولة القطرية لم تكن تعبيرا عن وجود مجتمعات مستقلة ومتباعدة، ولم تقم تلك الدولة بسبب رغبة جماهيرية للاستقلال عن الأمة الواحدة. بل قامت الدول القطرية كمشروع استعماري فرض على المجتمعات، حتى باتت المجتمعات تنفر منه. كما أن الدولة القطرية لم تملك إطارا أو مشروعا أو نظاما يوحد المجتمع الذي تحكمه، بل كانت في غالبها دول مستبدة تنفرد فيها نخبة بالحكم.


كما أن الدولة القطرية لم تحقق للمجتمع استقلاله، ولم تستطع الدفاع عنه، بل كانت البوابة التي عاد منها الاستعمار. لكل هذا فشلت الدولة القطرية، وتحولت في الواقع إلى سبب رئيس في تفكيك المجتمعات، أي تفكيك الأمة المفككة.


قصدنا من هذا التأكيد على أن ما نشهده يكشف عن دخول المنطقة في مرحلة التفكك الداخلي الذاتي، والذي يتأثر بالعوامل الخارجية، ولكنه يعبر عن وجود عوامل داخلية قوية تؤدي إلى حالة التفكك. مما يعني أن المنطقة مقبلة على مرحل من مراحل الصراعات الداخلية.


وهنا سوف يتضاءل دور الدولة القطرية تدريجيا، وتصبح بالفعل دولة فاشلة. ويبدو أن مسار التطور التاريخي للأمة، يشهد نهاية مرحلة الدولة القطرية، في صورة تفكك مجتمع تلك الدولة، مما ينهي أي دور لها، بل ينهي معنى وجودها. فيصبح الانفجار الداخلي في المجتمعات، ثورة تدريجية على الدولة القطرية، وعلى نموذجها الغربي الذي فرض على الأمة، أو يصبح هذا الانفجار هو النتيجة الحتمية لفشل الدولة القطرية، وأيضا النتيجة الحتمية لفرض نموذج الدولة القطرية على الأمة، والنتيجة الحتمية لتفكيك الأمة. وكأن تفكيك الأمة المفككة، هو مرحلة تسبق استعادة الأمة لوحدتها.




*كاتب ومفكر قبطي مصري
صحيفة المصريون
9/9/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.