مؤتمر وزراء الخارجية العرب حماده فراعنة حسم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط موقف العاصمة المصرية أمام مجلس وزراء خارجية البلدان العربية الطارئ في القاهرة يوم 27/1/2008، في تحديد أولويات بلاده على خلفية اجتياز الحدود الفلسطينية المصرية على أثر انتفاضة أهل قطاع غزة يوم 23/1/2008 رداً على الحصار الاسرائيلي الظالم ورداً على تجارة وسياسة الأنفاق الحمساوية المكلفة، بقوله: " لا أحد يستطيع المزايدة علينا، شاركنا في أربعة حروب (48 و56 و67 و73) من أجل حماية أمننا الوطني ودعم الشعب الفلسطيني، ولذلك فالأولوية حينما تتعدد الخيارات هي للأمن الوطني المصري، حيث لا نسمح لأحد من المغامرين أو من يساندهم بتعريض الأمن المصري للمس أو الأذى أو الاعتداء". ولذلك جاء القرار العربي الصادر عن وزراء الخارجية يوم 27/1/2008 مسانداً لحكومة سلام فياض في مبادرتها لتولي مسؤولية المعابر، وحل مشكلة الحصار الاسرائيلي والعودة الى الاتفاق المبرم بين اسرائيل وفلسطين برعاية ودعم ومراقبة أوروبية منذ العام 2005. لا أحد من قادة السلطة الوطنية الفلسطينية يدافع عن اتفاق المعابر، لأنه مجحف بحق الفلسطينيين، هذا ما قاله النائب محمد دحلان علنا وهو الذي وقعه عن الجانب الفلسطيني حينما كان وزيراً، ولكن الاتفاق يعكس استمرار مسؤولية اسرائيل في تحملها لتبعات احتلالها ولا يعفيها التنصل من التزاماتها حتى ولو انسحبت عسكرياً من قطاع غزة، اضافة الى أن الاتفاق يربط قطاع غزة بالضفة الغربية كجسم جغرافي وسياسي واحد، ولذلك هو حصيلة الاجحاف وموازين القوى على الأرض وعلى طاولة المفاوضات، ومن السهل لأي معارض منتشٍ أن يكيل الاتهامات والنقد ويلعن أبو سنسفيل أوسلو وتداعياته وما انبثق عنه من اجراءات وسياسات وبروتوكولات، وهو محق في ذلك ولديه الوجاهة الكاملة للتعبير عن ذلك وليس هناك ما هو أسهل من ذلك!! ولكن ليس من السهولة توفير البديل بدون تحقيق مقومات وقدرات وطنية وقومية وأممية تتعارض مع كوارث نتائج الحرب الباردة وحروب الخليج العربي البينية المدمرة واتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو التي خلفتها. يوم 23/1/2008 وجه خالد مشعل من على منبر مؤتمر دمشق الفلسطيني رسالة الى القادة العرب قال فيها : "اذا أردتم ان تصدقوا مع الشعب الفلسطيني حملوا وزراء خارجيتكم مشروع قرار مختصر عنوانه ارفعوا الحصار عن غزة ولا نقبل غير ذلك... لنرفع الحصار عن غزة، هذا هو القرار وغير هذا القرار غير مقبول على الإطلاق". فماذا كان الرد العربي في اجتماع وزراء الخارجية بعد أن اسقطوا الوهم؟؟ جاء في قرارهم يوم 27/1/2008 ثلاث فقرات هامة هي: "1- طالبوا الأطراف المعنية باستئناف العمل بالترتيبات المتفق عليها دولياً لضمان اعادة تشغيل كافة معابر قطاع غزة مع الترحيب بإعلان السلطة الفلسطينية استعدادها لتحمل مسؤولية كافة معابر قطاع غزة مجدداً. 2- التأكيد على أهمية اضطلاع الجهات المسيطرة على القطاع (المقصود حركة حماس) بدورها لتأمين حدوث ذلك (أي استلام حكومة سلام فياض مسؤولية المعابر). 3- أيد الوزراء دعوة الرئيس المصري حسني مبارك للأطراف الفلسطينية الى استئناف الحوار الوطني برعاية مصرية ودعوة الفصائل الفلسطينية الى سرعة انهاء الخلافات بينها واستئناف الحوار الداخلي على أسس تكفل صيانة الوحدة الوطنية الفلسطينية وتحافظ على الثوابت والمصالح العليا للشعب الفلسطيني، بما يتيح عودة السلطة الشرعية الى ممارسة دورها في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن". قرار وزراء خارجية البلدان العربية هذا، يضاف الى قرارات دورتي أعمالهم السابقتين الأولى في 20/6/2007 والثانية يوم 4/9/2007، والمتضمنة مطالبتهم بعودة الأمور والأوضاع في قطاع غزة الى ما كانت عليه قبل الانقلاب يوم 14/6/2007 والاحتكام للشرعية وأنظمتها وقوانينها وتقاليد العمل الوطني الفلسطيني التي تشير الى رفض منطق القوة والحسم العسكري في معالجة الخلافات السياسية والركون الى منطق الشراكة وتغليب المصالح الوطنية على المصالح الفئوية الحزبية والعقائدية. حركة حماس لن تقبل نتائج قرارات وزراء خارجية البلدان العربية الثلاثة (استئناف العمل باتفاقية المعابر، وتأمين تسهيل ذلك للسلطة الوطنية، وعودة الشرعية الى ممارسة دورها ومسؤولياتها في قطاع غزة) لأنها ثلاث ضربات مرة واحدة موجعة للانقلاب وطموحات الانقلابيين، ولذلك ستسعى لعرقلة كافة الخطوات الاجرائية ومنع انسيابها وتعطيل تنفيذها وقد عبرت عن ذلك علنا وصراحة بلا مواربة أو تزويق، وهذا سيؤدي الى زيادة التوتر الداخلي ونقل المعركة الى الداخل الفلسطيني وبأدوات محلية تصادمية، وهذا ما يجب أن تتحاشاه مؤسسات السلطة الوطنية وتتجنبه بسعة الصدر وطول البال وبنفس طويل. يجب أن تبقى ابواب الحوار مشرعة، والتمسك بمبادرة الرئيس أبو مازن المعلنة يوم الانطلاقة في 1/1/2008، وتفعيل المبادرة الثلاثية للشعبية والديمقراطية والجهاد الاسلامي وتحويلها الى مبادرة اوسع تضم كافة الفصائل والشخصيات ومؤسسات المجتمع والنقابات والفعاليات، يجب تطويق الفعل الانقلابي وعزله وادانته جنباً الى جنب مع فتح قنوات التراجع وتسهيل العودة الى الشرعية والاحتكام مرة أخرى الى صناديق الاقتراع على قاعدة قوانين التمثيل النسبي، من أجل لملمة الوضع الفلسطيني وتحصينه داخلياً لمواصلة الكفاح الجماهيري والجماعي في مواجهة الاحتلال الذي ما زال رافضاً لأسس التسوية السياسية ومضامينها. عن صحيفة الايام الفلسطينية 3/2/2008