ترامب: تكلفة "القبة الذهبية" جزء صغير من 5.1 تريليون دولار عدت بها من الخليج    منذ فجر اليوم.. 98 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    إسرائيل ترد على دول الاتحاد الأوروبي: تُعانون من سوء فهم تام للواقع    موعد مباراة توتنهام ومانشستر يونايتد في نهائي الدوري الأوروبي والقنوات الناقلة    بسبب المخدرات.. شاب يقتل والده خنقًا ويحرق جثته في بني سويف    انفصال أحمد السقا رسميا عن زوجته مها الصغير    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    الدولار ب49.86 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 21-5-2025    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    محمد معروف المرشح الأبرز لإدارة نهائي كأس مصر    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، لغداء سريع وخفيف في الحر    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    170 مليون دولار من قادة العالم لدعم ميزانية "الصحة العالمية"    رسميًا الآن.. رابط تحميل كراسة شروط حجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025    رابط نتيجة الصف الثاني الإعدادي الأزهري 2025 بالاسم ورقم الجلوس فور ظهورها    تقدر ب2.5 مليون دولار.. اليوم أولى جلسات الطعن في قضية سرقة مجوهرات زوجة خالد يوسف    هبوط عيار 21 الآن بالمصنعية.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة    ترامب: بحث قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع فلاديمير بوتين    «أهدر كرزة مرموش».. تعليق مؤثر من جوارديولا في ليلة رحيل دي بروين    بعد شهر العسل.. أجواء حافلة بالمشاعر بين أحمد زاهر وابنته ليلى في العرض الخاص ل المشروع X"    رياضة ½ الليل| جوميز يشكو الزمالك.. رفض تظلم زيزو.. هدف مرموش الخيالي.. عودة لبيب    تقرير سعودي: نيوم يستهدف ضم إمام عاشور.. وتجهيز إغراء للأهلي    مجلس الصحفيين يجتمع اليوم لتشكيل اللجان وهيئة المكتب    شاب يقتل والده ويشعل النيران في جثته في بني سويف    6 إصابات في حريق شقة بالإسكندرية (صور)    حدث في منتصف الليل| الرئيس يتلقى اتصالا من رئيس الوزراء الباكستاني.. ومواجهة ساخنة بين مستريح السيارات وضحاياه    52 مليار دولار.. متحدث الحكومة: نسعى للاستفادة من الاستثمارات الصينية الضخمة    إيهود أولمرت يهاجم إسرائيل: حرب غزة الآن بلا هدف    ترامب يتهم مساعدي بايدن بالخيانة ويتوعدهم ب«أمر خطير»    تفسير حلم الذهاب للعمرة مع شخص أعرفه    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    وزير الشؤون النيابية عن الإيجار القديم: سيتم رفع الأجرة السكنية إلى 1000 جنيه حد أدنى في المدن و500 جنيه بالقرى    غرق طفل أثناء الاستحمام بترعة نجع حمادي في المراغة    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض في الأسواق اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    تحول في الحياة المهنية والمالية.. حظ برج الدلو اليوم 21 مايو    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    توقيع عقد تعاون جديد لشركة الأهلي لكرة القدم تحت سفح الأهرامات    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    رابطة الأندية: بيراميدز فرط في فرصة تأجيل مباراته أمام سيراميكا كليوباترا    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    نص محضر أبناء شريف الدجوي ضد بنات عمتهم منى بتهمة الاستيلاء على أموال الأسرة    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    المجلس الوطنى الفلسطينى يرحب بإعلان بريطانيا فرض عقوبات على مستوطنين    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    فيديو- أمين الفتوى: قوامة الرجل مرتبطة بالمسؤولية المالية حتى لو كانت الزوجة أغنى منه    وفد صيني يزور مستشفى قصر العيني للتعاون في مشروعات طبية.. صور    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضية الفلسطينية .. التباسات بلا حدود
نشر في محيط يوم 02 - 02 - 2008

القضية الفلسطينية .. التباسات بلا حدود
محمد خالد الأزعر
جوانب كثيرة من الحيثيات والرؤى المرتبطة بالقضية الفلسطينية، بالمعاني التاريخية والدينية الثقافية والسياسية والاجتماعية السكانية والقانونية، تثير الشهية للحديث عن الالتباس واللا وضوح. من يفتح هذا الباب سيعثر على مادة غنية، من جماعها وتراكمها نشأ التعقيد والامتداد المصاحب للقضية منذ إطلالتها الأولى.

وعليه، لا يكفي لشرح القضية الفلسطينية القول بأنها مجرد واحدة من قضايا «الاستعمار والتحرير» التقليدية. ذلك لأن غمار هذه القضية وسيرورتها تنطوي على ما يمنحها صفات الاستثناء والتفرد. وجزء من هذه الخاصة يرد إلى ما يكتنفها ويحيط بها من التباسات وسوء دراية بالتفاصيل التي تكمن الشياطين بالفعل في جوانب معينة منها.

وتقديرنا أن بعض هذه الالتباسات قديم متجذر وبعضها جديد مستحدث؛ بعضها جاء عن قصد وتدبر وسوء طوية وبعضها غير مقصود يمكن الوقوع فيه عفو الخاطر وبحسن نية؛ بعضها صنعته القوى الدولية وبعضها من إنتاج عربي وفلسطيني مبين.

نتأمل هنا نماذج من هذه الالتباسات وما اتصل بها من تعقيدات في مراحل مختلفة. ونبدأ بالتباسات عهد النشأة الأولى للقضية التي بلورتها رؤى وسياسات أطراف مختلفة، دولية وصهيونية وعربية وفلسطينية، على نحو أسس للتفرد الذي توسم به هذه القضية، وقاد إلى أخطاء جسيمة في تصرفات بعض هؤلاء الأطراف.

ومن الأمثلة التي تعن للمتابع في هذا الإطار:

1 الرؤية القائلة بإمكانية حل المشكلة اليهودية الأوروبية في فلسطين، وأن إنشاء كيان يهودي في هذه البقعة سوف يحقق لليهود أمانيهم «القومية» ويضمن للقوة الأوروبية التي تتبناه مصالحها في العالم العربي والشرق عموماً.

لقد ربطت هذه الرؤية بين أحانين بعض اليهود الروحية نحو فلسطين والقدس، وبين فكرة القومية والقوميات التي كانت قد يفعت في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وبين النوازع الاستعمارية الأوروبية الفوارة تجاه عوالم الآخرين.

هذا مع العلم بأن اليهود لا يتوفرون على خصائص الأمم والقوميات كما حددها الفكر السياسي الأوروبي ذاته (كاللغة والتاريخ والتجربة الاجتماعية والاقتصادية المشتركة..). وكان ذلك الربط من الالتباسات المصنوعة التي أعادت للذهن خلط الإبعاد المادية المصلحية بالابعاد الدينية إبان غزوة الفرنجة لفلسطين والمشرق العربي قبل قرون.

ولا أدل على انتماء هذه الرؤية للالتباسات التاريخية الممتدة والمروعة من أن المشروع الصهيوني وكيانه إسرائيل لم يضمن ائتلاف يهود العالم ولا هو تكفل بتحقيق الأمن لمن وفد منهم إلى فلسطين.

وتقول الشواهد بأن اليهود الذين أغوتهم هذه الرؤية الملتبسة هم أقرب إلى ملح الأرض من يهود أوروبا وآسيا والعالم العربي وإفريقيا. هذا على حين تعيش قطاعات أخرى يهودية مترفة في كنف المجتمعات الغربية بمأمن من الأخطار التي ما انفك الكيان الصهيوني يعانيها منذ قيامه.

ومن وجهة نظر تستحق الاهتمام فإن الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين لم يتمكن من حل المشكلة اليهودية الأوروبية بالكامل. فبين الحين والآخر يتصاعد النداء الإسرائيلي إلى يهود فرنسا مثلا بضرورة «الهجرة لإسرائيل» منعاً لإشكالات تحيط بوجودهم هناك.

ثم إن دعوى إسرائيل بتمثيل يهود العالم أينما كانوا ومنحهم حق الجنسية الإسرائيلية بسهولة، يثيران قضية ولائهم لمجتمعاتهم ودولهم الأم.. وهما من مظاهر الالتباس في قضية الهوية والولاء بالنسبة لهم.

ولأن الشعب الفلسطيني لم يسلم كلياً بحق اليهود في كيان لهم بفلسطين ومازال يطالب بملكيتها وعروبتها، فإننا بصدد مظهر آخر للالتباس أمام بعض قوى المجتمع الدولي محوره السؤال: لمن كانت فلسطين بالأمس ولمن هي اليوم ولمن ستكون مستقبلاً؟.

2 الرؤية القائلة بأن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.. وهذه من بواكير الدعاوى والمقولات التي أشعلت التباسات لدى قوى كثيرة، بما في ذلك قطاعات يهودية. فقد روجت الصهيونية السياسية لصورة تبدو فيها فلسطين أرضاً مهملة قاحلة موحشة تسرح فيها الثعالب والثعابين وتحلق في سمائها الغربان؛ تتوق لمن يتولى إعمارها وفلاحتها وإدخالها في رحاب الحضارة والتقدم.

غير أنه بمرور الوقت وبزيارات بعض المهتمين من أهل الفكر والسياسة لفلسطين، ظهرت حقيقتها كأرض مملوكة لشعب ينتمي لأمة عربية إسلامية لها قدم وباع في العمران والحضارة الإنسانية برمتها.

وقد شهد بذلك بعض أوائل الصهاينة ذاتهم. لقد أنشأت الصهيونية بزعمها المذكور التباسا بين القائلين بضرورة إعمار فلسطين بالعنصر اليهودي «النشط»، وبين القائلين بأن فلسطين عامرة بأهلها.

ومع أن احتدام الصراع على أرض فلسطين ومن حولها أدى إلى تقادم هذا الالتباس،إلا أن ثمة من لا يزالون أسرى التخرصات الصهيونية والاعتقاد بأن فلسطين هي مجرد «أرض التوراة» التي أعاد اليهود سكناها وإعمارها رغماً عن إرادة «العرب المتخلفين»!.

3 الحيرة بين الرابطة الإسلامية والأواصر القومية.. ففي نهاية العهد العثماني؛ وقت اشتداد الصراع على مصير الدولة العلية وميراثها، تَمَاَيز العرب عموماً، ومنهم الفلسطينيون، بين من أرادوا استمرار الخضوع للأستانة مع حكم لا مركزي، وبين من رغبوا في الخلاص كلياً من حكمها تحت شعارات قومية.

وكان من بين دفوع هؤلاء وهؤلاء العمل على صيانة عروبة فلسطين من الخطر الصهيوني ومطامع اليهود المحلقة. فمنهم من استأنس بظلال الدولة العثمانية ومنهم من تطلع إلى الاستقلال بمساعدة الغرب لهذا الغرض.

وقد تلاشى هذا الالتباس جزئياً بغلبة الشعور القومي والاستماع إلى نداءات الحلفاء البريطانيين والفرنسيين إبان الحرب العالمية الأولى. غير ان الالتباس عاد بقوة بعد نهاية الحرب ووقوع المشرق العربي وفلسطين تحت الاحتلال الأنجلوفرنسي.

وكان السؤال في ذلك الحين هل تدخل فلسطين أم لا في وعد الدولة العربية المستقلة الممنوح من بريطانيا للشريف حسين زعيم الثورة العربية الكبرى. وبعدما قضى التحالف الاستعماري على آمال الاستقلال العربي وأوقع العراق والشام تحت الحماية والانتداب، عاد الالتباس مرة أخرى حول ما ان كانت فلسطين تستحق الاستقلال تحت السيادة العربية أم انها ستخضع لتصريح بلفور لليهود بمنحهم وطناً قومياً فيها عام 1917؟!.

ولعله من المدهش في هذا السياق أن تقع السياسة البريطانية جزئياً في دائرة الالتباس ذات حين بين الحربين.. ذلك أن الحركة الصهيونية فسرت التصريح البريطاني على إنه يضمن قيام دولة يهودية خالصة في فلسطين، بينما فسره ساسة بريطانيون منصفون نسبيا بأنه لم يعن غير إعطاء اليهود وطنا لا يصل لمرتبة الدولة، وأن هناك سكانا غير يهود ينبغي أخذ مصالحهم بعين الاعتبار بنص التصريح وصك الانتداب.

4 الحيرة في تحديد العدو.. وأصل ذلك أن الكفاح الفلسطيني مر في ثلاثينات القرن الماضي وأربعيناته بحالة من الالتباس في تحديد العدو الأساسي: هل هي الحركة الصهيونية وتنظيماتها المختلفة التي راحت تنتشر في فلسطين، أم هو الانتداب البريطاني وقواته الذي يسهل قيام الوطن القومي اليهودي في البلاد وسيطرة القوى اليهودية عليها؟.

وهنا نلحظ الدور المتميز للشيخ عزالدين القسام الذي بادر إلى أمرين: أولهما تحديد العدو بالطرفين المتحالفين الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية، حاسما بذلك الالتباس الموصول بقضية على من يلقي الفلسطينيون باللائمة وضد من يناضلون؟.

وثانيهما، التوسل بالكفاح المسلح طريقا للتحرر والاستقلال من هذا التحالف البغيض، محاولاً بذلك حسم الجدل بشأن آليات النضال وأدواته. ويصح الاعتقاد بهذا الخصوص أن الطرف الفلسطيني لم ينفرد في حيرته والتباس الأمر عليه، فالقوى العربية بالجوار شاركته في ذلك.

إذ ناشد الزعماء العرب أشقاءهم وأبناءهم الثائرين عام 1936 بأن يعلقوا إضرابهم الكبير الشهير ويوقفوا ثورتهم بناء على الثقة في وعود «الصديقة بريطانيا». كان الزعماء إذاً يثقون في السياسة البريطانية، بما يعنى أن الدور البريطاني قد التبس عليهم وقتذاك، وهو ما رأى فيه البعض خطأ في التقدير فيما تصور آخرون أنه تواطؤ مع هذا الدور.
عن صحيفة البيان الاماراتية
2/2/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.