مباشر من عرفات.. الحجاج المصريون بخير وفى انتظار النفرة للمزدلفة.. فيديو    خطأ شائع عند شوي اللحوم على الفحم.. يسبب السرطان    بايدن يهنئ رامافوسا على الولاية الثانية لرئاسة جنوب أفريقيا    يورو 2024.. تشاكا أفضل لاعب فى مباراة سويسرا والمجر    اعرف موعد صلاة العيد 2024 في المغرب وساحات المساجد المختلفة    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    محمد صلاح يجتفل اليوم بعيد ميلاده .. تعرف على محطات الملك المصرى من البداية للنهاية    في ثالث مراحل تنقلاتهم داخل المشاعر.. الحُجاج يتأهبون للنفرة من عرفات إلى مزدلفة    ما هي قصة رمي الجمرات بين سيدنا إبراهيم والشيطان؟    طقس مطروح معتدل على الشواطئ مع أجواء صافية والحرارة العظمى 32 درجة.. فيديو    كريم عبد العزيز وأحمد فهمي وفيدرا ورزان مغربى أبرز ضيوف شرف ولاد رزق 3    فصائل فلسطينية: إسقاط مسيرة إسرائيلية خلال تنفيذها مهام استخباراتية بخان يونس    شاهد محمد رمضان يطرح أغنيته الجديدة «مافيش كده» (فيديو)    موعد أذان المغرب يوم عرفة 2024    ما حكم صيام يوم العيد؟.. احذر هذا الفعل    بمناسبة عيد الأضحى.. مستشفيات جامعة القاهرة تعلن حالة الطوارىء    حياة كريمة في أسوان.. قافلة طبية تقدم خدماتها ل821 مواطنا بقرية الإيمان    9 خطوات لتبريد المنزل بدون تكييف في الموجة الحارة    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    «الرصيف العائم» ينفصل عن الشاطئ للمرة الثانية!    وفد الكنيسة الكاثوليكية بشرم الشيخ يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    وزير الرياضة: فتح مراكز الشباب بالمجان أمام المواطنين خلال العيد    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    الغرف العربية: 3 تريليونات دولار مساهمة القطاع الخاص العربي في الناتج المحلي الإجمالي    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    ما أفضل وقت لاستجابة الدعاء في يوم عرفة؟.. «الإفتاء» تحددها    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما ونتنياهو ليسا استثناء في ذكرى نكبتنا: لتتفرغ الفصائل لإدارة معركة التحرير
نشر في مصر الجديدة يوم 26 - 05 - 2011


أوباما ونتنياهو
منذ خطاب أوباما وردود نتنياهو عليه وخطابه في الكونجرس أثناء زيارته الأخيرة لأمريكا ومعظم الساسة وكثير من الكتاب يستنكرون عليهما تصريحاتهما ورؤيتهما للحل النهائي وكأنهما استثناء من دون كل مَنْ سبقهم من الرؤساء الأمريكيين والصهاينة أو كأن رؤيتهما للتسوية جديدة على مسامعهم؟! ولكن لأناس اعتادوا على قراءة التاريخ ونسيان أو تناسي حقائقه أمام تعليق آمالهم على هذا وذاك شيء متوقع! وكذلك ليس جديداً ولا مستغرباً على كتاب ومحللين سياسيين ومفكرين امتهنوا الكتابة والتحليل والفكر للارتزاق وبيع الوهم للجماهير إرضاء إلى مَنْ يدفع من المرتبطين بالمشروع الصهيو-غربي الذين تنصبوا علينا من عقود رموز فكرية وسياسية تعتقد أنها وحدها مَنْ تفهم أو تدرك كنه وأبعاد الأحداث وهم جهلة لا يعرفون إلا مهنة الارتزاق والكذب باسم التحليل والفكر، وقد تكون الثورات العربية قد كشفت زيف الكثيرين منهم! لو كان ساستنا ومفكرينا درسوا تاريخنا وتاريخ الصراع وأحداثه دراسة واعية للفهم وليس لمجرد القراءة والمعرفة ذلك إن درسوه، ولو كانوا استخلصوا العبر والدروس منه كما يفعل الغرب والصهاينة ووضعوا خططهم للتحرير والمقاومة والمفاوضات بناء على وعيهم به، واستحضارهم لحقائق الهجمة وأبعادها وتطور أحداث الصراع منذ نشأة الحركة الصهيونية على الأقل ما أوصلونا إلى هذا المنعطف الخطير في المفاوضات والمقاومة؛ ولكانوا أدركوا منذ عقود الصراع الأولى حقيقة ومعالم الحل النهائي الذي سيفرضه علينا العدو الصهيو-غربي إذا تركنا أنفسنا لأوهام الثقة بالصديقة بريطانيا أو أوروبا أو أمريكا ولم نبادر إلى الفعل العملي لإفشال مخططاتهم وعدم منحهم الوقت لتحقيق أهدافهم على الأرض وفرض سياسة الأمر الواقع علينا! في هذه الحلقة مَنْ يتأمل مشاريع التسوية الأولى التي طُرحت قبل وفي عام النكبة وكما سيأتي في الحلقات القادمة عن موضوع اللاجئين إضافة لهذه الحلقة سيجد أننا نحن الذين خدعنا أنفسنا ولم يخدعنا أحد لأن رؤيتهم للحل النهائي سبق لهم طرحها طوال عقود الصراع!
ثوراتنا تُجهض في العواصم العربية
إن تاريخ الأنظمة العربية مع الثورات الفلسطينية قد أثبت صحة مقولة: "إن الثورات الفلسطينية تُجهض دائماً في العواصم العربية". وهذا ما نخشاه لانتفاضة الأقصى/انتفاضة الأقصى الحالية. لذلك آثرت أن أقدم هذه الدراسة في هذه المرحلة بالذات كتجربة يمكن أن تستحضرها القيادات الفلسطينية المعنية#، وهي تُقدِم على مرحلة جديدة، حتى لا تقع فيما وقع فيه سابقيها وتكرر نفس الأخطاء وتعيد نفس التجربة.
حقيقة أنه لم يضر بحقوق الجماهير الفلسطينية إلا الزعماء والقادة العرب ومواقف بعض الدول العربية التي سرعان ما كانت تهرول على أعتاب الدول الكبرى لترضى عنها، والآن على أعتاب العدو الصهيوني*، وتقوم بدورها بالضغط على القيادة-لا الشعب-الفلسطينية للثقة بالصديقة (كذا). وتعمل هذه الدول جهدها لفرض الرؤية أو الحل المطلوب منها أن تجعل منه انتصاراً وقمة ما يمكن تحقيقه مدعية أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان. إن هذه القيادات والزعامات الواهنة هي آفة أمتنا لأنها لا تتعلم لا من ماضيها ولا حاضرها##.
وقد كانت بداية تجارب القضية المركزية للأمة معها عام 1936 بعد استشهاد القائد الشيخ عز الدين القسام، حيث أثبتت كل قوة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك-بريطانيا-عجزها عن القضاء على ثورة الجماهير الفلسطينية ضدها وضد اليهود معا في فلسطين. وفشلت كل أساليبها اللئيمة ومن خلفها اليهود في حمل العرب والمسلمين في فلسطين على وقف إضرابهم العام الذي استمر ستة أشهر-أطول إضراب في التاريخ- وشل كل مرافق الحياة. لقد كان العجز والفشل البريطاني واضح للعيان رغم السجون والإعدامات وتدمير القرى وفرض الضرائب وتشريد الأهالي من بيوتهم. لولا تدخل الزعماء العرب (عبد العزيز آل سعود، وغازي الأول ملك العراق، وعبد الله أمير شرق الأردن) الذين لم يترددوا في تنفيذ ما طلبته منهم الصديقة بريطانيا** وسافروا رأساً إلى فلسطين، ولم يعودوا إلى بلادهم إلا بعد أن حققوا رغبة صديقتهم "بريطانيا" بعد النداء الذي وجهوه إلى الجماهير الثائرة في فلسطين لوقف إضرابها وثورتها وذلك في الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الثاني سنة 1936. الذي جاء فيه تلك العبارة الشاهد على تكرار المأساة إلى اليوم دون إدراك أنه هو نفس الدور مع تغير الوجوه: "معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل. وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم"(1). جزاكم الله خيراً!.
واليوم نفس العبارة أو مضمونها يتردد هنا وهناك، معتمدين على ثقتهم في الصديقة الجديدة-أمريكا- وكما تناسى السابقين أعمال وسياسة بريطانيا الساعية لخلق (الوطن القومي اليهودي) في فلسطين يتعامى أو يتناسى قادة وزعماء اليوم غايات وأهداف ومن قبلها مواقف وسياسة الصديقة أمريكا اليوم، ويحملون الجماهير الفلسطينية ومن ورائها الأمة كاملة على تجرع الحلول القاتلة بالقوة. وآخرها ما أكد عليه أو تراجع عنه في/بعده خطابه أوباما بتاريخ 21/5/2011 من تعهد بحفظ أمن العدو الصهيوني والحفاظ على نقاء يهودية الكيان الصهيوني وعدم العودة إلى حدود عام 1967 ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هُجروا منها عام 1948.
والآن سنعرض إلى أهم الحلول ومشاريع التسوية التي طُرحت قبل أن تتولى جامعة الدول العربية تقرير مصير الجماهير الفلسطينية سواء قبل النكبة أو بعدها إلى أن تم تشكيل منظمة الحرير الفلسطينية.
أول مشاريع التسوية
بعد وقف الثورة وحل الإضراب وعودة الحياة في فلسطين إلى طبيعتها أملاً في الصديقة بريطانيا النظر بعين العطف إلى حقوق الجماهير العربية والمسلمة في فلسطين سرعان ما عادت واشتعلت الثورة من جديد لأن الصديقة بريطانيا لم تفِ وعودها لحلفائها الزعماء العرب، وأرسلت الصديقة بريطانيا في يناير 1937 لجنة للتحقيق في الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورة عُرفت باسم لجنة (اللورد بيل). وقد صدر تقرير اللجنة في 7 يوليو/تموز 1937 وجاء صفعة قوية تتالت بعده الصفعات على الوجوه العربية إلى اليوم لتلك الثقة في الصديقة بريطانيا، وقد أوصى تقرير اللجنة بتقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق: عربية و(يهودية) ومنتدبة، مما أدى إلى عودة اشتغال الثورة، علماً أن رفاق الشيخ الشهيد عز الدين القسام لم يوقفوا أعمالهم العسكرية بعد النداء الذي وجهه الزعماء العرب السابق ذكره إدراكاً منهم لأبعاد الهجمة وعدم ثقتهم في بريطانيا أو القادة العرب*#. وليس موضوعنا الحديث عن تطور الأحداث العسكرية هنا ولكن نريد القول أننا لا نتعلم حتى من التاريخ القريب مع أن الأحداث تتكرر في سيناريو شبه ثابت وتؤكد على أن أبعاد الهجمة أخطر مما يتصور كثيرون، إنها تستهدف الأمة وكيانها ووجودها كله.
فمثلاً على صعيد أهمية الأردن لتأمين حدود كيان العدو الصهيوني الشرقية وكمفتاح للتغلغل الاقتصادي اليهودي في الدول العربية والإسلامية من ورائه، جاء في تقرير اللجنة التي أرسلتها بريطانيا لتعيين الحقائق الواردة في تقرير لجنة "بيل": "إن الرأي العسكري يدل على أنه يتعذر تقسيم بلاد صغيرة كفلسطين، وتكون لحدودها أي صفة عسكرية حقيقية، وأنه لا يوجد غربي نهر الأردن حد لأن يصلح أن يكون خطاً عسكرياً مرضياً، ولا يمكن اعتبار أي حد لأي نوع من أنواع التقسيم صالحاً لضمان السلامة الكافية"(2). وهذا فيه دليل على استيعاب الغرب لدرس الحرب الصليبية الأولى واستحضار وصية لويس التاسع وشروط الصليبيين على الملك الكامل لأجل قبول السلام أن يعطيهم حصني الكرك والشوبك إضافة إلى القدس! ووعي الهجمة هذا القرن بكل أبعاد الصراع الضرورية لما يتم تحقيقه من مكاسب، وكذلك وجدنا اليوم ما أن وقعت منظمة التحرير اتفاق أوسلو مع العدو الصهيوني حتى وقع الأردن اتفاقية سلام معه!.
وقد سبق أن بدأت بريطانيا تدرس كيفية تأمين حدود آمنة للكيان الغريب "الإسفين" من خطر الدول المحيطة به وذلك بعد صدور قرار عصبة الأمم بالوصاية البريطانية على فلسطين من أجل تهيئة الأوضاع لتنفيذ مقررات تقرير "كامبل بنرمان" وتحقيق الفصل بين شطري الوطن الإسلامي وزرع القومية الغربية في قلب الأمة النابض، الذي تكفل به وعد بلفور، فعقدت مؤتمر في القاهرة لدرس موضوع (إمبراطورية الشرق الأوسط) حضره كبار الاستعماريين البريطانيين المشتغلين في شئون البلاد العربية وبعد بحث الموضوع رأى المؤتمرون ضرورة الاحتفاظ بالحماية البريطانية في مصر وتأسيس إمارة شرق الأردن لتكون سوراً بدفع خطر البادية عن فلسطين التي هي خط الاستعمار البريطاني لتثبيت قدمه فيها بواسطة قضية الوطن اليهودي.
وتزامناً مع تصاعد سياسة العدو الصهيوني في تكريس وتوسعة مغتصبات (غلاف القدس) وخاصة المغتصبة المقامة على أرض جبل أبو غنيم (مغتصبة معاليه أدوميم) لربط أراضيها بالقدس وضمها إليها تمهيداً لضمها وغيرها من الكتل الاغتصابية الكبرى للأراضي المحتلة عام 1948 عند أي حل نهائي، كما وعد جورج دبليو بوش الإرهابي شارون رئيس وزراء العدو الصهيوني في خطاب الضمانات (وعد بلفور الجديد) الذي منحه له في 14 نيسان/إبريل 2004 نُذكر بالنقطة التالية لأهميتها:
أما عن بناء المغتصبات وتصاعد وتيرتها يوماً بعد يوم رغم توقيع معاهدة ما يسمى (السلام) بين منظمة التحرير والعدو الصهيوني وذلك في محاولة لكسب أكبر مساحة ممكنة من الأرض قبل مفاوضات الحل النهائي، فقد أدرك قادة العصابات الصهيونية منذ صدور قرار التقسيم عام 1937: "أن مشروع تقسيم فلسطين الذي تقدمت به السلطات البريطانية، وطريقة تقسيم البلد التي تمت بموجبه، تمّا بطريقة الهدف منها ضم معظم المناطق التي تحتوي على (مستوطنات) يهودية إلى (الدولة اليهودية) المقترحة، ولذلك وضعت خطة جديدة اتجهت لإقامة (المستوطنات) في قلب المناطق العربية، وفي أماكن لم يصلها (الاستيطان الصهيوني) حتى ذلك الوقت، وذلك لمنع تقسيم فلسطين أو تقسيمها على الأقل، بشكل يمكّن اليهود من الحصول على أكبر جزء منها. ولهذا باشرت مؤسسات (الاستيطان الصهيوني) تنفيذ هذه الخطة استناداً على اعتبارات إستراتيجية أصلاً ودون الاهتمام بشكل زائد بالنواحي الاقتصادية، فأقامت خلال سني الثورة وما بعدها حوالي 50 (مستوطنة) ... في أماكن كانت خالية نسبياً، حتى ذلك الوقت ... ومن الجدير بالذكر أن المؤسسات الصهيونية عادت ولجأت إلى إقامة (المستوطنات) اليهودية بهذا الشكل في أكثر من مناسبة فيما بعد. لوضع معارضيها أمام الأمر الواقع، فأقامت انطلاقاً من هذه الاعتبارات (المستوطنات) في النقب عام 1947 لمنع تغيير قرار التقسيم. واستمرت في إتباع هذه السياسة بعد إقامة (إسرائيل)"(3) **#.
ثاني مشاريع التسوية ***
أما مشروع التسوية الثاني فتمثل في قرار التقسيم 181 الصادر عام 1947 والذي بموجبه أقيم كيان العدو الصهيوني عام 1948، واستطاع أن يغتصب الجزء الأكبر من الأراضي التي كانت من حق الدولة العربية حسب قرار التقسيم نفسه، وما يهمنا ذكره هنا ليتناسب وسياق الهجمة أنه عندما قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين المسلمين واليهود "وأثناء مناقشة حدود الدولتين المقترحتين، اقتراح الوفد الأمريكي منح القسم الأكبر من صحراء النقب للعرب، للتعويض عن بعض التعديلات التي أدخلت حول مسألة تقسيم يافا والقطاع الغربي من الجليل الأعلى وغيرها"(4) ما أثار حفيظة زعماء العصابات الصهيونية، لأن ذلك يعتبر غباء وجهل من الوفد الأمريكي بأبعاد المؤامرة ضد الأمة والوطن وأن بقاء صحراء النقب بأيدي العرب لن يحقق الهدف اليهودي-الغربي من غرس الكيان الصهيوني في فلسطين كإسفين وخنجر في قلب الأمة! وقد اعترف حاييم وايزمان زعيم الحركة الصهيونية آنذاك "أنه كان قادماً لإقناع ترومان بأن يكون التقسيم في النقب على أساس خط عمودي بين العرب واليهود فوجد ترومان أكثر منه حرصاً على تسليم النقب كله لليهود"(5).
هذا على صعيد الأمم المتحدة أما على صعيد الأرض في النقب فقد قامت المؤسسات اليهودية ببناء (50 مغتصبة) جديدة في النقب وغيرها، لمنع تغيير قرار التقسيم، وقد استمر اليهود في إتباع هذه السياسة بعد إقامة كيان العدو الصهيوني إلى يومنا هذا. وهذا ما يجعلنا نقول بكل ثقة أن العدو الصهيوني لن يُفرط بالقدس التي يؤكد رؤساء وزرائه على اختلاف اتجاهاتهم منذ احتلالها عام 1967 أنها العاصمة الموحدة والأبدية لكيان العدو الصهيوني وأنها لن تعود إلى العرب أبداً.
وصدر قرار التقسيم 1947 حسب الأماني اليهودية وعادت الحرب والمعارك من جديد لمنع تنفيذ هذا القرار بعد أن رفضه العرب وقررت الجامعة العربية إدخال جيوشها للحفاظ على الأراضي العربية ومنع احتلال العصابات اليهودية لأراضٍ جديدة، وفي الحقيقة كان دخولها لتسليم الأراضي العربية لليهود ومباركة قيام كيان العدو الصهيوني في قلب الأمة والوطن، ومع تصاعد حالة الحرب في فلسطين بين المسلمين واليهود تحميهم بريطانيا والعالم أجمع قررت بريطانيا سحب قواتها من فلسطين يوم 15 مايو/أيار 1948، وفي الوقت نفسه قررت العصابات الصهيونية إعلان قيام كيان العدو الصهيوني مساء يوم 14 مايو/أيار 1948.
ثالث مشاريع التسوية
ومع اشتداد المعارك أرسلت الأمم المتحدة مندوباً لدراسة الأوضاع المتردية في فلسطين ورفع توصياته في تقرير يعرض على مجلس الأمن وكان الوسيط الدولي هو الكونت (فولك برنادوت) السويدي الأصل، وبعد إطلاعه على الأوضاع على الأرض واستماعه لآراء أطراف الصراع العربية واليهودية رفع مشروعه إلى الأمين العام للأمم المتحدة الذي قام بنشره في 20 أيلول/سبتمبر 1948، وقد كان أبرز ما جاء فيه وأدى إلى اغتياله يوم 17/10/1948 على يد العصابات الصهيونية ويتعارض مع المخطط اليهودي-الصليبي ضد الأمة والوطن، أنه:
* أوصى بضم النقب كله إلى الأراضي العربية بما فيه مدينتا المجدل والفالوجة.
* أوصى بضم مدينة القدس إلى العرب مع إعطاء اليهود حرية العمل بشؤون البلدية مع ضمان الوصول إلى الأماكن المقدسة.
* كما أكد على حق الأبرياء الذين شردوا من بيوتهم بسبب الحرب وعمليات الإرهاب العودة إلى ديارهم، وأن تُدفع تعويضات عن الممتلكات لغير الراغبين في العودة(6).
وما كاد ينشر هذا المشروع حتى رفضه العرب واليهود وقامت العصابات الصهيونية باغتيال في شرق القدس على مرأى ومسمع من العالم وهو الوسيط الدولي وممثل الأمم المتحدة ولم يتخذ أي إجراء ضد العصابات الصهيونية أو ضد كيانها المغتصِب لوطننا. وذلك يؤكد التقاء المصالح اليهودية العالمية مع المصالح الصليبية العالمية في فلسطين والوطن كله، ويؤكد أن "كيان العدو الصهيوني هو الجزء المركزي في الهجمة الغربية والمشروع الغربي الصليبي وأن غرسه في قلب الوطن جاء لضمان حالة الهيمنة الغربية وتكريس التبعية والإلحاق.
التاريخ 26/5/2011
# القيادات الفلسطينية المعنية هنا هي حماس.
* نقصد التسابق العربي الآن على إقامة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية.... والتطبيع مع العدو الصهيوني، في الوقت الذي أثبت ويثبت فيه العدو الصهيوني عدائه لما يسمونه (السلام) ويرتكب أبشع الجرائم اليومية ضد الجماهير الفلسطينية، ويغتصب مزيداً من الأراضي الفلسطينية.
## إن هذه القيادات والزعامات الواهنة هي آفة امتنا لأنها لا تتعلم لا من عدوها ولا من ماضيها ولا حتى حاضرها" قصدت بها القيادات العربية البائسة منها وقيادات حماس التي تعيش في بعض العواصم العربية وما يترتب على ذلك من رهن للقرار الفلسطيني لتلك العواصم!.
** لم يتعلموا من سلفهم الحسين بن علي وثورته على الدولة العثمانية، ومساعدته للحلفاء ضدهم من أجل الحصول على استقلال البلاد العربية، فكان الجزاء له على ذلك من قبل حلفائه الإنجليز الاحتلال القسري باسم الانتداب. وسلخ فلسطين من جسد الأمة والوطن ليقام عليها كيان العدو الصهيوني.
1- صالح مسعود أبو يصير: جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن، رسالة ماجستير، بيروت، دار الفتح، القاهرة، 1970، ص225.
*# وذكر عدم وقف قيادات القسام للمقاومة موجهة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين ترفعا شعار القسام: "هذا جهاد: نصر .. أو استشهاد" وهو منهما براء!.
2- محمد مصباح حمدان: الاستعمار والصهيونية العالمية، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 1967، ص194.
3- جريس، صبري، "السياسة الصهيونية والمجتمع اليهودي في فلسطين خلال الانتداب البريطاني 1918-1948"، في كتاب: القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيونية، الجزء الأول، اتحاد الجامعات العربية،مطابع جامعة الموصل، ص398.
**# نفس الأمر ولكن بشكل مختلف اسمه تبادل الأراضي سيحتفظ العدو الصهيوني بالمغتصبات الكبرى في الضفة الغربية والقدس ولن تكون جزء من أراضي الدولة الفلسطينية إن أُقيمت في الأراضي المحتلة عام 1967، وهو ما يؤكد عليه كل الرؤساء الأمريكيين وبعض الأوروبيين من عدم العودة إلى حدود عام 1967!.
*** هناك مشاريع أخرى قدمت قبل هذا المشروع ولكننا سنقف مع أهم المشاريع وخاصة التي فيها دلالات على أبعاد المؤامرة وجذورها التاريخية وآثارها المستقبلية.
4- قدري، قيس مراد، الصهيونية وأثرها على السياسة الأمريكية 1939-1948، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، 1402ه، 1982م، ط1، ص194.
5- أبو بصير، مرجع سابق، ص317.
6- الموسوعة الفلسطينية، هيئة الموسوعة الفلسطينية- دمشق، ص.ب 8084، الطبعة الأولى، 1984. ص188 سمير أيوب: وثائق أساسية في الصراع العربي الصهيوني، الجزء الرابع، صامد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، يناير 1984، ص181.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.