طوارئ بشركة جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء لتأمين تغذية لجان الاقتراع ب 3 محافظات    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في قنا    اسعار مواد البناء بمحافظة أسوان اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في قنا    ضربة مزدوجة لترامب، القضاء الأمريكي يسقط التهم عن كومي وليتيتيا جيمس    وصول بعثة المصري إلى أديس أبابا "ترانزيت" قبل التوجه إلى ندولا الزامبية (صور)    طقس اليوم الثلاثاء| استمرار الاضطراب الجوي.. والأرصاد تحذر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    خالد عمر: إضعاف الإخوان سيفتح الباب لوقف الحرب في السودان    حملة ليلية مكبرة بشوارع مدينة الغردقة لمتابعة الانضباط ورفع الإشغالات (صور)    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    رئيس رابطة تجار السيارات: أزمة سيارات ذوي الهمم تحتاج إلى إعادة نظر.. والله ما يستاهلوا اللي حصل    بعد التحذيرات الأمريكية، فنزويلا تهدد شركات الطيران الدولية بسحب التصاريح خلال 48 ساعة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    الآثاريون العرب يدعون لتحرك عاجل لحماية تراث غزة وتوثيق الأضرار الميدانية    معرض مونيريه بالاكاديمية المصرية للفنون بروما | صور    "درش" يشعل سباق رمضان 2026... ومصطفى شعبان يعود بدور صادم يغيّر قواعد الدراما    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني شرقي مدينة غزة    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا العام أكثر قوة وشراسة.. واللقاح ضروري للغاية    صلاحيات رئاسية دون الرجوع للكونجرس، سر المادة التي لجأ إليها ترامب لتصنيف الإخوان "إرهابية"    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    وزارة الصحة تحذر من إساءة استخدام المضادات الحيوية لهذا السبب    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    10 حقائق مذهلة عن ثوران بركان هايلي غوبي.. البركان الذي استيقظ بعد 10 آلاف عام    أمميون يدعون للضغط على إسرائيل وحظر تسليحها بسبب خرقها وقف إطلاق النار فى غزة    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحزان خاصة.. وهموم عامة

أحاول قدر المستطاع أن أولى رسائل القراء ما تستحقه من اهتمام. ولأن الكاتب لا يكتب لمجرد «الفضفضة»، وإنما يفترض أن تكون لديه رسالة يريد لها أن تصل إلى جهة ما، فمن الطبيعى أن توفر تعليقات القراء فرصة للتواصل بين الكاتب وقارئه. وكم كنت أود لو كان باستطاعتى الرد على كل رسالة، بشكل مباشر وحتى بصفة شخصية إن لزم الأمر، لكن ذلك يبدو أمرا صعب المنال.
وقد أثارت مقالتى المعنونة: «كيف دخلت مصر القفص؟!»، التى نشرت فى هذا المكان منذ أسبوعين، ردود أفعال متباينة. فقد اتصل بى تليفونيا أحد الرموز الفكرية المصرية التى أكن لها تقديرا خاصا، ليبدى احتجاجه، وطالبنى بتقديم اعتذار للشعب المصرى لأن المقال صوره وكأنه «شوية فراخ»!. وكان طبيعيا أن أوضح له أننى لم أقصد هذا المعنى مطلقا، وأن معظم القراء الذين علقوا على المقال لم يستنتجوا منه ما ذهب هو إليه.
على صعيد آخر، كنت قد تساءلت، فى نهاية مقالى المشار إليه، عن أسباب ما نحن فيه، وعما إذا كان يتعين علينا أن نلوم أنفسنا أم نلوم الرئيس مبارك، ووعدت بأن أحاول الإجابة عن هذه التساؤلات فى سلسلة مقالات تالية.
ولأننى انشغلت خلال الأسبوعين الماضيين بالكتابة عن قضايا أخرى، فقد أبدى أحد القراء استغرابه متسائلا عن الأسباب التى حالت دون متابعتى للموضوع والتى لا تخرج، فى رأيه، عن واحد من احتمالين، الأول: ضغوط مورست على رئيس تحرير «المصرى اليوم» من داخل مؤسسته الصحفية، والثانى: ضغوط أمنية مورست علىَّ شخصيا.
ورغم شعورى بالامتنان تجاه قارئ يبدو حريصا على متابعة مقالاتى باهتمام، فإنه أخطأ التقدير وثبت أن هواجسه ليس لها أساس. فلا الأستاذ مجدى الجلاد طلب منى وقف أو تغيير الموضوع، ولم أتعرض شخصيا لضغوط من أى نوع.
فالمسألة تبدو أبسط من ذلك بكثير، لأن قرارى بتناول موضوعات أخرى على مدى الأسبوعين الماضيين كان مدفوعا فقط بالرغبة فى مواكبة أحداث مستجدة قدرت أنها لا تحتمل الانتظار.
فموضوع أنفلونزا الخنازير فرض نفسه لأن البعض حاول، من وجهة نظرى، توظيفه لخدمة أجندة طائفية بدت لى شديدة الخطورة. وقرار أوباما اختيار مصر منصة إطلاق لخطابه المنتظر إلى العالم الإسلامى أثار اعتراضات، حتى من جانب شخصيات محسوبة على الفكر القومى، وجدتها غير موفقة وتحتاج إلى تعليق.
وربما يصاب صديقى القارئ بدهشة أكبر إن بحت له بأننى كنت أنوى استئناف ما توقفت عنده منذ أسبوعين، وبدأت أتهيأ بالفعل لكتابة مقال هذا الأسبوع حول مسؤولية الرئيس مبارك عما وصلت إليه الأوضاع فى مصر، والتى تبدو لى ولكثيرين غيرى أسوأ بكثير مما تحاول الأوساط الرسمية أن توحى به.
غير أننى ما إن شرعت فى كتابة السطور الأولى حتى أعلن نبأ وفاة حفيد الرئيس مبارك. ورغم شدة حرصى فى الماضى على عدم التعرض للرئيس أو أسرته بأى انتقادات شخصية والتزامى الكامل بالتركيز على نقد السياسات المتبعة، بما فى ذلك تلك التى نعتقد أنها تفتح الطريق نحو «توريث السلطة»، فإننى أحسست فور سماع النبأ الحزين أن اللحظة لم تعد مناسبة لطرق الموضوع الذى شرعت فى تناوله، وأن أصول اللياقة تفرض علينا أن نتعاطف وجدانيا مع الرئيس وأسرته فى هذه اللحظة الصعبة.
ولأننى «جد» وأحس بحجم الحزن الذى يمكن أن يسكن القلب عند فراق حفيد فى سن محمد علاء مبارك، فلا يسعنى سوى مشاركة الرئيس مبارك وأسرته المكلومة أحزانهما الكبيرة لمصابهما الجلل، راجيا الله العلى القدير أن يلهمهم جميعا الصبر، وأن يعينهم على تجاوز هذه المحنة الكبيرة. ولا يخالجنى أى شك فى أن الشعب المصرى على اختلاف انتماءاته ومواقفه السياسية يقف موحد المشاعر إلى جانب الرئيس وأسرته، مواسيا ومتضامنا. ورغم تسليمنا بأنه لا راد لقضاء الله وقدره، فإن الجميع يدرك كم هى صعبة لحظة فراق الأحبة!
ولأنه ليس بمقدور الأحزان أن توقف عجلة الحياة، فمن الضرورى ألا تنسينا شجوننا الخاصة، مهما كانت أحجامها ومبرراتها، همومنا وقضايانا العامة. لذا وجب علينا أن ننتبه فى الوقت نفسه إلى خطورة ما يجرى فى المنطقة فى لحظة تبدو لى شديدة الحساسية وتحمل معها تحديات جسام قد تعصف بمستقبل المنطقة وتضع مصيرها كله فى مهب الريح.
ومن الواضح لكل ذى عينين أن العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية وصلت الآن إلى مفترق طرق، وبدأت تدخل الآن منعطفا جديدا، مما يفرض على العالم العربى أن يتابع ما يجرى فى دهاليزها بدقة حتى لا تحل تناقضاتها الراهنة على حسابه وضد مصالحه.
تقلقنى كثيرا فى هذه اللحظة نغمة نشاز لكنها تتصاعد على ما يبدو بخطى ثابتة، فهناك حديث مُلحٍ عن «تحالف إسرائيلى - عربى» فى مواجهة «خطر إيرانى مشترك»، تسعى الولايات المتحدة لاستثماره وتوظبفه لصالح الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية للصراع العربى - الإسرائيلى بالطرق السلمية.
ورغم إدرك الجميع أن نتنياهو لا يؤمن إطلاقا بأى تسوية تفضى إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، ويبدو على أتم استعداد لاتخاذ كل ما هو ضرورى لقطع الطريق أمام «حل الدولتين»، ويسعى للحيلولة بكل الوسائل الممكنة دون تهيئة الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية لإنضاج مثل هذا الحل.. فإنه من الواضح الآن، أن نتنياهو بدأ يتنبه، بذكائه المعهود، إلى مسألة مهمة، وهى أن بوسعه استغلال وتوظيف الملابسات الراهنة لصالح مشروعه الخاص للتسوية.
فهو يدرك تمام الإدراك أن إدارة أوباما تبدو عاقدة العزم على الدخول فى مفاوضات مع إيران. ورغم أن فرص نجاح مثل هذه المفاوضات ليست مؤكدة وتبدو محدودة، فإنه لا يريد ترك أى شىء للمصادفة، ويسعى بكل ما أوتى من قوة لإفشالها.
فنجاح المفاوضات الأمريكية - الإيرانية المتوقعة يفتح الطريق أمام صفقة قد تسمح لإيران بامتلاك ناصية «العلم النووى»، وليس بالضرورة السلاح النووى، وهو ما يشكل من وجهة نظر نتنياهو مخاطر شديدة بالنسبة لأمن إسرائيل.. لا يبدو مستعدا للتسليم بها والاستسلام لها تحت أى ظرف من الظروف.
غير أن نتنياهو يدرك فى الوقت نفسه أنه لن يكون بوسعه مطالبة الولايات المتحدة بالتصدى لإيران ومنعها من الاستمرار فى عمليات التخصيب، حتى ولو تطلب الأمر توجيه ضربة عسكرية مسلحة لمنشآتها النووية، مع استمراره فى الوقت نفسه فى تبنى موقف متعنت من قضية التسوية، يظهر إسرائيل بعدم احترام تعهداتها السابقة وتعاملها باستعلاء واحتقار مع يد عربية لاتزال ممدودة بمبادرة سلام.
حاول نتنياهو قبل سفره للولايات المتحدة أن يقنع حلفاءه الأمريكيين والأوروبيين والعرب «المعتدلين»، بأن إيران خطر مشترك بات على الجميع أن يهبّوا لمواجهته، لكنه لم يدرك إلا مؤخرا - خاصة بعد لقائه الأخير مع أوباما فى البيت الأبيض - أن عليه أن يغير من لغة خطابه ومن مواقفه، فقد تحدث أوباما فى هذا اللقاء، وبطريقة لم يألفها أى رئيس وزراء إسرائيلى من قبل، عن التزام إدارته بحل الدولتين، وبضرورة وقف إسرائيل للمستوطنات.
ورغم أن نتنياهو بدا صامدا ومتماسكا ومراوغا كعادته ولم يلتزم بشىء، خلال زيارته للولايات المتحدة، فإنه أدرك بمجرد عودته من هناك وقراءته لردود فعل الصحافة الإسرائيلية، أنه لا يستطيع أن يواصل اللغة الخشبية نفسها.
أكاد أقطع أن العالم كله سيسمع من نتنياهو على مدى الأسابيع القليلة المقبلة كلاما معسولا حول استعداده للتفاوض مع الفلسطينيين (إذا قبلوا بإسرائيل دولة يهودية) واستعداده للتفاوض مع عرب آخرين (يقصد سوريا ولبنان طبعا)، لكن دون شروط مسبقة هذه المرة.
ويدرك أى دارس مبتدئ للصراع العربى، الإسرائيلى أن نتنياهو يريد من السلطة الفلسطينية أن تقبل، من حيث المبدأ، بحق إسرائيل فى طرد أكثر من مليون عربى لم يغادروا بلادهم لمجرد أن يقبل هو بالتفاوض معها، وأنه يريد من سوريا ولبنان أن تتفاوضا معه من نقطة الصفر، وليس من النقطة التى كانت قد وصلت إليها المفاوضات السابقة والتى أسفرت عن «وديعة رابين».
لذا أشعر بخطورة ما يجرى فى المنطقة فى هذه اللحظة، وعلى قناعة تامة بأن الموقف التفاوضى الصحيح يقتضى من العرب ليس فقط أن يمتنعوا عن تشكيل تحالف معاد لإيران بل أن يفتحوا حوارا يمهد لتحالف محتمل معها فى مواجهة خطر فعلى وحقيقى مشترك، وليس مجرد خطر محتمل، تمثله إسرائيل!
وأظن أن التحالف مع إيران فى هذه المرحلة، وليس ضدها، هو الذى يمكن أن يشكل أداة ضغط حقيقية من أجل العثور على تسوية تستجيب للحد الأدنى من المطالب العربية. فهل يمكن أن يخترق شعاع ضوء نفوساً تبدو من فرط الحزن على فقيدها أكثر شفافية، يهديها إلى طريق النجاة؟. ليس هذا على الله بكثير ولنقل معا: اللهم آمين!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.