اسلام واحد.. لا (اسلامات) ابراهيم العجلوني اختلاف ''صور فَهْم'' الاسلام لا يعني بحال ان ثمة ''اسلامات'' مختلفة. فالقرآن واحد عند السنة والشيعة والاباضية والزيدية والمعتزلة، والحديث الصحيح مصدر رئيس من مصادر التشريع عند هؤلاء جميعاً.. وقبلة المسلمين واحدة. وثمة قواعد للاجتهاد تكاد تكون متشاكلة عندهم كلهم ايضاً. وثمة اصول للفقه ذات خطوط عريضة يلتقي عندها الجميع، ولا يعني اختلاف الزمان والمكان ان هذا الاسلام الواحد قد اصبح ''اسلامات''؛ فتلك دعوى عريضة تولى كيدها المستشرقون وتلامذتهم توطئة لمحو الشعور الاسلامي بوحدة قضايا الوجود والمصير، وتمكينا للاستعمار في العالم الاسلامي، وتفرقة بين المسلمين - الذين هم اكبر قوة مقاومة لهذا الاستعمار - وتوهينا.. ان بعض من يدعون الى ''اسلامات'' متعددة، يدعون في الوقت الى ''متوسطية واحدة'' او الى ''شرق اوسط جديد'' او الى ''وحدة ابناء ابراهيم'' او الى ''عولمة'' تلغي الثقافات وتعبر حدود الدول، فأي منطق هذا الذي يملى على المسلمين ان يحققوا ''اسلامات''(!) متباينة في الوقت الذي ينبغي فيه عليهم ان يتماهوا مع الآخرين المختلفين لغة وديناً وثقافة، او ان يكونوا - في حقيقة الأمر - تابعين لهم، لا يعصون لهم امراً، ويسعون سعيهم الحثيث في رضاهم والتماس اعترافهم بهم. ان ''اسلام'' ابي ذر هو نفسه اسلام ابن سينا، واسلام محي الدين بن عربي؛ واسلام الأشاعرة هو نفسه اسلام المتصوفة واسلام الظاهرية. وان اسلام العلماء هو نفسه اسلام العامة. واذا كان من فارق بين أي من هؤلاء، افراداً وفرقاً، فهو اختلاف ''صور الفهم''، ولا يختلف الامر عن اختلاف الاذواق والافهام في مواجهة مشهد كوني واحد، او لوحة فنية واحدة، او نص ادبي واحد.. ان كل اولئك مقتربات من ''حقيقة واحدة'' هي هذا ''الاسلام الواحد'' الذي نجده في الكتاب والسنة، وليس وراء الحق الا الضلال. ثم ان في المسلمين من لا يتقن قراءة حزب ''من القرآن الكريم، ولا يعلم منه الا اوهاماً وامانيّ، وفيهم من ضُرب بينه وبين استنباط الدلالات حجاب، وفيهم من يأخذ بالاسلام اخذ الاعرابي الذي لا يحب ان يتعمق الامور، فهل نقول: ان لكل من هذه الفئات ''اسلاما'' خاصاً به، وانهم اتباع ''اسلامات'' لا اسلام واحد؟. كما ان احداً له مسكة من عقل لا يمكن ان ينكر خصوصية المجتمع المصري وخصوصية كل من مجتمعات المسلمين في اليمن والحجاز والهند والصين وبريطانيا والمانيا والولايات المتحدة، وايران وتركيا.. ان هذه الخصوصيات التي تحكمها الجغرافيا، واللغة والتاريخ، والاعراف والتجارب، لا تجعل من ''الاسلام'' الذي حفظه الله في القرآن الكريم والسُنّة المطّهرة اسلامات لا تجانس بينها، ويكاد يتربص بعضها ببعض (كما يخطط اعداء الاسلام) الدوائر.. انهم يحملوننا بوسائل شتى من ترهيب وترغيب على ان نتنكر للاخوّة الاسلامية التي هي الدائرة الاولى من دوائر الرحم الانسانية الجامعة التي يؤكدها الاسلام، ونحن - بحمد الله - لا نتمثل لهذا الكيد العظيم ونستمسك - على عكس ما يريدون - بهذه الاخوّة الوثيقة ايما استمساك، ونعتصم بها، ونقدم الشواهد الصادقة يوماً بعد يوم على ذلك، ولو كره المجرمون.. وما نحسب انه سيأتي يوم على العربي المسلم يرى فيه الاميركي المستعمر والبريطاني الغازي، والصهيوني المحتل، والفرنسي المتجبر، وكل معتد اثيم آخر؛ اقرب اليه من الايراني والتركي والماليزي من ابناء ''الاسلام الواحد'' الذي جاء رحمة للعالمين.. ذلك كِبْرٌ ما هم ببالغيه حتى يكون شروق الشمس من مغربها.. وثمة مبشرات على دخول الناس (من جميع الأمم) في دين الله افواجاً.. والحمد لله رب العالمين.. عن صحيفة الرأي الاردنية 28/1/2008