إنه يحكم لبنان من قبره محمد خالد العالم مصنوع من الحكايات لا من الذرّة (موريل بوكايزر) إلى أن يتم انتخاب العماد ميشال سليمان الماروني رئيساً للجمهورية فإن الإسباني الكاثوليكي بيكاسو يحكم لبنان من قبره.. إن رائد السوريالية في العالم لن يجد أفضل من لبنان ليكوّن جمهوريته المنشودة. ففي بلد تعداد سكانه ثلاثة ملايين ونصف المليون لا عجب أن يكون هناك 4 ملايين حزب لبناني. قبل ألف عام قال شاعر العربية الأكبر المتنبي: وكَمْ في مِصْرَ مِنَ المضحكات ولكنه ضحكٌ كالبُكا لعل لبنان الحالي هو الأجدر بهذا الوصف: هناك سباق نحو جمهورية تتبع ولاية الفقيه: ولاية الفقيه الشيعي (حسن نصرالله)، ولاية الفقيه السني (سعد الحريري)، ولاية الفقيه المسيحي (ميشال عون). الموقف من المقاومة: مع المقاومة وضد حزب الله، مع حزب الله في الجنوب وضده في بيروت، مع لبنانية حزب الله وضد مذهبيته، مع حسن نصرالله وضد حزب الله، مع أمريكا و"إسرائيل" لتصفية المقاومة في لبنان وفلسطين، سلاح المقاومة سلاح غدر.. كلا إنه سلاح تحرير، مع حزب الله اللبناني، وضد حزب الله الإيراني، حزب الله انقلابي، بوصلة سلاح المقاومة تشير جنوباً. ساحة لبنان: الصراع الأساسي في لبنان هو صراع إقليمي ودولي تشكل القوى المحلية وقوده وحطبه متمثلاً في فريقين ومشروعين: مشروع أمريكي “إسرائيلي" ضد مشروع سوري إيراني. فريق الأقلية النيابية يتهم “14 آذار" بأنه عميل المشروع الأول، وفريق الأغلبية النيابية يتهم “8 آذار" بأنه عميل المشروع الثاني. وفي لبنان الأقلية تساوي الأغلبية، إذ يقول فريق الأقلية (8 آذار) “الحكومة تملك الأغلبية النيابية، ونحن نملك الأغلبية الشعبية". وحتى تاريخه استطاعت المعارضة أن تمنع انتخاب رئيس الجمهورية رغم موافقة الطرفين عليه، ورغم موافقة جميع دول الجامعة العربية عليه أيضاً. السبب أن سوريا وإيران تشعران بأنهما انتصرتا على المشروع الأمريكي حتى الآن، فهما تطرحان عبر الجنرال ميشال عون شروطاً إضافية على قاعدة غالب ومغلوب، وهذا المشهد لا يليق بدولتين كبيرتين مثل سوريا وإيران إذ تختبئان وراء الجنرال. هذه هي السوريالية السياسية اللبنانية: (أقلية راعبة وأغلبية مرعوبة). تعريب أم تدويل: يلعب عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية دوراً مركزياً في حل الأزمة اللبنانية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب. وأقر جميع وزراء الخارجية العرب مشروعاً إيجابياً بضرورة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية من دون تأخير. وطلبت الدبلوماسية السعودية الهادئة على لسان وزير خارجيتها من سوريا الضغط على حلفائها في لبنان لتسهيل انتخاب الرئيس. وزير خارجية فرنسا قام برحلات مكوكية للبنان من أجل تسهيل وحل الأزمة لدرجة أنه قيل إن برنار كوشنير هو وزير خارجية لبنان. أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون يرسل النداء وخلف النداء مخاطباً اللبنانيين بضرورة التوافق على انتخاب الرئيس بأسرع وقت، عدا أمريكا وأوروبا وروسيا، إذ لم ينشغل العالم ببلد مثلما انشغل لبنان. ومع ذلك لا تزال الأشباح المجهولة تفجر وتغتال وتعطل انتخاب رئيس للجمهورية اتفقت عليه جميع الأطراف، ولم يعترض عليه أحد. في معرض نقده لخضوع الدولة العظمى أمريكا لسطوة ونفوذ الدولة الصغرى “إسرائيل" في الشرق الأوسط، استخدم كاتب إنجليزي مثلاً سياسياً يقول: “هل يهز الكلب ذيله.. أم أن الذيل يهز الكلب"؟ ألا ليت الفنان العظيم بابلو بيكاسو أبو السوريالية الذي يحكم لبنان من قبره يعطينا الجواب. عن صحيفة الخليج الاماراتية 28/1/2008