ابو بكر خلاف لم تكن اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل مثار للسخط الشعبي بمصر فقط بل على الجانب الآخر فإن هناك من يرى ان تل أبيب خسرت بإضعافها استثمارات التنقيب عن البترول داخل اسرائيل من اجل التمتع بمميزات العرض المصري المغري والرائع حسب رأي محللين إسرائيليين.
ورغم ان القوي الشعبية ممثلة في السفير الدكتور ابراهيم يسري مساعد وزير الخارجية المصري الاسبق قد حصل علي حكم من القضاء الاداري يلزم الحكومة المصرية :
ب "اعادة النظر في سعر تصدير الغاز لاسرائيل (سعر التصدير دولار ونصف للطن المتري في حين ان سعره العالمي احد عشر دولارا ونصف الدولار اي اقل من تكلفة استخراجه ) وان تكون الاولوية للوفاء باحتياجات السوق المحلي قبل ابرام اي اتفاقيات جديدة ".
الا ان الحكومة لم تعدل السعر بما يحرم المصريين يوميا مبلغ 70 مليون دولار فرق السعر بين الموجود بالاتفاقية وبين سعر الغاز في السوق العالمي في الوقت الذي ينتحر فيه الشباب المصري لعدم وجود فرص للعمل والزواج والسكن فقد اشارتقرير للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء إلي وقوع 104 الف محاولة انتحار عام 2009.
ولم تكتف الحكومة بذلك بل قامت بابرام اتفاقيتين جديدتين لتصدير الغاز لاسرائيل بكميات كبيرة ولمدة عشرين عاما مما اثار حالة من الدهشة والعجب بين المراقبين خاصة واننا نستورد باقي احتياجاتنا من الغاز من الجزائر والسعودية.
وهو ماتكشف خلال ازمة مباراة كرة القدم بين الجزائر ومصر حيث اعلنت الجزائر عن وقف شحنات الغاز إلي مصر كرد فعل علي تداعيات تلك المباراة.
وقد كان هذا الاعلان من جانب الجزائر مفاجأة شديدة الوقع لانه لم يكن احد في مصر يتصور اننا نستورد الغاز للوفاء باحتياجات السوق المحلي و في نفس الوقت نعطي لاسرائيل الغاز المصري شبه مجاني وبعقود طويلة الاجل.
ورأي المراقبون أن الحكومة بذلك تفرط في ثروتنا من الغاز التي هل ملك كل المصريين والاجيال القادمة وليست ملك وزير البترول او الحكومة الذين يتصرفون في شيء لايملكونه !!.
ولقد ترجمت لكم في الجزء التالي من هذا المقال ما نشرته صحيفة عبرية بتاريخ 8 من يناير 2011 حول مكاسب إسرائيل الاقتصادية والإستراتيجية من اتفاقية الغاز الطبيعي مع مصر .
واعتقد أن هدف الصحيفة العبرية من النشر هو طمأنة الداخل الإسرائيلي وتعريفه بمزايا صفقات الغاز المصرية ، والرد على المشككين في كونها تضر باستثمارات إسرائيل أو اقتصادها .
ولعل التحليل الإخباري الذي نشره موقع صحيفة The marker الاقتصادية الإسرائيلية آثرت ان أضعه دون تدخل مني يكشف المزيد من الابعاد حول العلاقات المصرية الاسرائيلية التي تثير الدهشة والعجب
يقول التحليل :"كما هو معلوم فإن إمداد اسرائيل بالنفط والغاز من جانب مصر هو جزء من معاهدة السلام بين الطرفين . كما ان وفاء مصر بالتزامها بتوفير النفط والغاز لإسرائيل لم تشبه شائبة على مدى عقود ،.. وكان المصريون أول مورد للغاز لشركة الكهرباء الإسرائيلية".
وعدد التقرير مزايا التعاقد المصري بقوله:"العقود المصرية رائعة جدا جدا. فمن حيث السعر فهو منخفض جدا وهو ما ادى لارباح كبيرة بالمليارات حققتها شركات الكهرباء التي تعتمد على الغاز كوقود لمحركاتها مقارنة بالأسعار الباهظة التي كانت الشركات الإسرائيلية تقدمها لها ".
وأكد كاتب التقرير "أن إمداد مصر لإسرائيل بالغاز هو أمر بالغ الأهمية اقتصاديا واستراتيجيا، فمن الناحية الاقتصادية أتاح لإسرائيل مواجهة الممارسات الاحتكارية لشركات التوريد الداخلية وخلق المنافسة فيما بينها وهو مايمنع زيادة الأسعار، كما حد من التكاليف بشكل كبير في أسعار الطاقة والكهرباء".
وتابع "ومن الناحية الإستراتيجية فهو تقدير بالغ لجودة العلاقات مع مصر. كما أن معاهدة السلام مع مصر تساوي اكثر من المليارات التي قد تخسرها شركات تعمل بالحقول المكتشفة للغاز على السواحل الإسرائيلية.
كما ان المورد المصري مضمون وموثوق به ، في حالة الحاجة لزيادة احتياطيات إسرائيل من الغاز التي يمكن ادخارها للاجيال القادمة وعدم تبديده بالاستهلاك ".
وأضاف "كما هو معروف، لوزير البنية التحتية الغافل عن مصلحة بلاده الحقيقية، فان هناك خطورة وقلق دائم من الاعتماد على المورد المحلي وحده اذ ان الغاز المتدفق من السواحل الإسرائيلية يأتي من خلال أنبوب واحد.
وإذا حدث لاقدر الله انسداد بالأنابيب أو تعرض الحفار لهجوم ، ستكون إسرائيل خسرت اتفاقيتها مع مصر وخسرت موردها المحلي الوحيد وأصبحت في وضع يرثى له .
وكان وزير البنية التحتية عوزي لانداو وجه الشهر الماضي رسالة عاجلة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حذر فيها من خطورة توسيع عقود استيراد الغاز من مصر لان هذا من شأنه حرق الشركات الإسرائيلية المحلية العاملة بهذا المجال والتسبب في انهيارها .
كما أشار إلى تلقي وزارة البنية التحتية الإسرائيلية فيضانا من رسائل إلكترونية "بدون توقيع" تكيل السباب "للجنة شيشنيسكي" المنوطة بتحديد الضرائب على منتجات البترول.
بزعم إضرار قراراتها باستثمارات إسرائيلية في مجال الغاز الطبيعي وفرض ضرائب إضافية في ظل إعفاء واردات الغاز المصرية من الضرائب .
وأقامت الشركات الإسرائيلية المتضررة حملة على موقع الكتروني بعنوان "ازرق و ابيض" ( إشارة الى علم اسرائيل) .
واختتم التقرير بهذه الكلمات" مما سبق يتبين ان الوزير لاندو لايدرك المصالح الحقيقية لإسرائيل ،لأنه بمقارنة المزايا الاستراتيجية والاقتصادية للاستمرار في الحصول علي الغاز المصري من عدمه فإن كفة اسرائيل هي الارجح ومن الخطأ اعتبارمصر عدوا " انتهى .
*إعلامي ومترجم باحث بالشئون الإسرائيلية أمين صندوق المترجمين واللغويين المصريين [email protected]