قبل زيارة السيد الرئيس ممدوح طه مع مطلع العام الميلادي الجديد وبداية العام الهجري الجديد، كان من المفروض أن يكون الاحتفال بهما رافدا جديدا لرفد الأجواء العربية الإسلامية والمسيحية خصوصا ولشحن الأجواء العالمية عموما المسيحية واليهودية بالمعاني الإنسانية الكبرى لقيم الحق والعدل والسلام التي بشر بها الأنبياء جميعا الذين نحتفل بهم.
وليس بما يجري الآن من الاعتداءات الإسرائيلية بمحركات أميركية لترسيخ الظلم والقهر والقتل ضد الشعب الفلسطيني، بدوافع استعمارية وعنصرية وإرهابية. وقبل الزيارة الوداعية الأخيرة للرئيس الأميركي بوش قبل الإحالة للتقاعد إلى المنطقة في مهمة صعبة للتسوية الفلسطينية الإسرائيلية، وحاملا رسالة غير منطقية للشعوب العربية،
والتي سيبدأها بزيارة «الدولة العبرية اليهودية» التي أكد قبل «أنابوليس» أنه مستعد بما يملك، وبما تملك حليفته الاستراتيجية إسرائيل من أسلحة نووية، لإشعال الحرب العالمية الثالثة إذا تعرض أمنها للتهديد.
والى بعض الدول العربية التي يسميها بالمعتدلة حين تتوافق مع بعض سياساته، وبالمتطرفة حين لا تتوافق مع السياسات العدوانية التوسعية الإسرائيلية، ليقنعهم بغض الطرف عن المخاطر النووية العسكرية الصهيونية القائمة
وبفتح العيون على المخاطر النووية الإيرانية السلمية المحتملة، وليقول لهم بعد أن أصبح الملف في يده الأميركية الضامنة الاستراتيجية للدولة الصهيونية، الاحتلال كفعل ليس إرهابا إنما المقاومة المشروعة كرد فعل هي الإرهاب بعينه.
تبدو الصورة العربية العامة بالأقمار الصناعية الأميركية أشبه بصورة من الجو بطائرات الاستطلاع الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية، حيث تختلط في الصورة العربية مساحات الضوء المحدودة والظل الممدودة،
مثلما تختلط الصورة الفلسطينية المنقسمة بمستعمرات الاستيطان الصهيونية، وبتوسعات الجدران العنصرية، وبمجازر العدوان اليومية تنفيذا لخطة «دايتون» الأميركية ضد المقاومة الفلسطينية لفرض الأمر الواقع بالقوة على الدول العربية.
الصورة الإسرائيلية باحتلالها للأرض العربية وبمجازرها اليومية ضد المدن والمخيمات الفلسطينية، وحصارها اللا إنساني لمليون ونصف فلسطيني في غزة واعتداءاتها على المقدسات الإسلامية في القدسالمحتلة، ورفضها لأبسط شروط السلام، واستمرارها في سفك المزيد من دماء النساء والشيوخ والأطفال.. مجرمة.
والصورة الفلسطينية بانقساماتها المرسومة بين فتح وحماس، وبين حكومة غزة وسلطة رام الله دون إرادة وطنية ومقاومة واحدة يبنيها حوار وطني فلسطيني شامل بين جميع القوى والفصائل لإعادة بناء منظمة التحرير، وبقبولها طرفا فيها للحوار مع الأعداء دون شروط ورفضها للحوار مع الأشقاء إلا بشروط.. مزعجة.
والصورة العربية باختلافاتها الموهومة بين الاعتدال والتطرف، وبسماحها بتسليم ملفات قضيتها في «أنابوليس «للرئاسة الأميركية لا الدولية، وبطي مبادرة السلام العربية والقبول بأولوية خارطة الطريق الأميركية، وبفشلها في ملء فراغ منطقتها أو تدعيم الجسور مع جوارها، وبالامتناع عن معاقبة أعدائها وحلفاء أعدائها، وتخوفها من الانتصار لأشقائها لحساب غيرها، وترددها في مكافأة أصدقائها.. مقلقة.
والصورة الأميركية الفاقدة للمصداقية وللأهلية للإشراف على إقامة سلام أو تسوية سياسية عادلة، بانحيازها المكشوف لمشروع الاحتلال الصهيوني في فلسطين ولبنان والجولان، وباحتلالها غير المشروع للعراق، وبأطماعها وتدخلاتها في السودان
وعدوانها الصليبي في الصومال، وبمخططاتها الشرق أوسطية التقسيمية، وخداعها المفضوح للعرب والمسلمين بصمتها عن الخطر النووي الإسرائيلي ومحاولاتها الفاشلة بالترويج لمخاطر افتراضية عربية أو إسلامية.. متواطئة.
بينما الصورة الدولية بتجاهلها لتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتصلة باعتبارها المرجعية الوحيدة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وصمتها عن إدانة العدوان الإسرائيلي وعدم الضغط على إسرائيل لنزع أسلحتها النووية ولوقف اعتداءاتها اليومية ومجافاتها لمبادئ حقوق الإنسان.. متخاذلة!
هذه الصور كلها تحتاج منا لإعادة قراءة وإلى موقف عربي أكثر وحدة وقوة وأكثر وضوحا ونحن نستقبل الرئيس الأميركي، فما لم ننتصر لقضايانا فلن ينتصر لها أحد وما لم نحترم أنفسنا فلن يحترمنا أحد. عن صحيفة الوطن القطرية 6/1/2008