اللوبي الإيراني وفتوى الشيخ شلتوت * الاستاذ جمال سلطان1 جمال سلطان
نشط اللوبي الإيراني في مصر هذا الأسبوع لاحتواء فضيحة الخلية الأمنية ، وظهرت في البداية المقالات التي تهون من دلالة تكوين حزب الله الشيعي اللبناني الموالي لإيران خلية مسلحة في مصر ، بل دافعت عن ذلك بوصفه دعما للمقاومة ، ثم لما تسربت بعض الأخبار عن أبعاد جديدة للخلية وأن وجود تشكيل مسلح لتنظيم أجنبي معادي لمصر على أرضها يجعل مصر عرضة لأي أعمال مسلحة مفاجئة ومروعة إذا أرادت "إيران" الثأر من مصر على خلفية أي نزاع سياسي مستقبلي أو حتى إذا وقعت أي مواجهة عسكرية مع الأمريكيين وأن حكاية دعم المقاومة هي الواجهة أو القناع ، هنا بدأ التراجع. ثم نشط اللوبي الإيراني بعد ذلك في الحديث التقليدي عن مسألة الخلاف بين السنة والشيعة وأنه خلاف فرعي وأن التقريب بين المذاهب مطلب شرعي ، ثم فجأة تذكروا ما قالوا أنه فتوى الشيخ شلتوت شيخ الأزهر الأسبق المنسوبة إليه والتي قال فيها بأن المذهب الإثنا عشري يجوز التعبد به شرعا ، وهو الكلام الذي سنتوقف عنده ببعض التوضيح ، غير أن اللافت أن اللوبي الإيراني وأصواته هم أكثر من تجرأوا على شيوخ الأزهر وأهانوهم وحقروا من فتاويهم ، ولكن عندما يوافق هواهم قول أحد شيوخ الأزهر يتحولون إلى مقلدين متبعين متبتلين متمسحين في الأزهر وشيخ الأزهر . أحد هؤلاء ممن يروج لفتوى شلتوت على مدار سنوات ، ولا يخلو كتاب له ولا حديث عن المسألة الشيعية إلا واستحضرها ، هو نفسه الذي وصف فتوى شيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق ، رحمه الله ، في مسألة الختان ، بأنها جريمة في حق الإسلام ، إنه لم يقل أنه أخطأ وكفى ، بل وصف كلامه بالجريمة ، وبالتالي فصاحب الفتوى "شيخ الأزهر" مجرم عند صاحبنا ، لأن فتواه لا توافق هواه ، وأن شيخ الأزهر الآن ليس مرجعية مطلقة ، وأن كلامه يؤخذ منه ويرد ، وأنه ليس حجة على الأمة ، إلى آخر هذا الكلام الجميل المنمق . لكن عندما تأتي إلى "تصريحات" صحفية للشيخ شلتوت لها ملابساتها السياسية وقتها ، طار بها واعتبر أنه المرجع في قضية الموقف من الشيعة ، وأنها فتوى من إمام أكبر مؤسسة سنية فلا بد من احترامها ، ولا يجوز تخطيها أو تخطئتها ، وكأن الشيخ شلتوت أصبح واحدا من الأئمة المعصومين. وقد ساءني أن تقوم صحيفة مصرية بسرقة جهد الصديق الباحث الدؤوب الشيخ عصام تليمه ، الذي نقب عن تصريحات الشيخ شلتوت ، ونشر بحثا عنها في موقع "إسلام أون لاين" كما نشر معها صورة لصفحات مجلة رسالة الإسلام التي نشرت هذه التصريحات ، فسرقت الصحيفة جهده وادعت أنها هي التي وقفت على الفتوى ووصلت إلى مستندها ، ولم تشر من قريب أو بعيد لجهد الباحث الذي أعلن عنها ونشرها قبل نشرها في الصحيفة بثلاثة أيام . والمهم في قصة فتوى الشيخ شلتوت ، أن هناك علماء أفذاذ انتقدوا تصريحاته وعروها من الناحية العلمية وكشفوا عن عوارها وأن الرجل كان مدفوعا بعاطفة البحث عن وحدة الأمة أيام هوجة الوحدة دون نظر وتمحيص وتحقيق ، لم يلتفتوا إلى هؤلاء ، كما لم يلتفتوا إلى فتاوى للشيخ شلتوت نفسه التي هاجم فيها أصول الشيعة ووصفها بأنها لا يمكن أن تكون من أصول الإسلام ولا من دين الإسلام . كل ذلك تجاهلوه وأهالوا عليه التراب ، لكي يوحوا للناس بأن الأزهر يقبل بالمذهب الشيعي ويدعو إلى التعبد به ، دون أن يوضحوا للناس كيف يتعبد مسلم سني بالمتعة ، أو بسب أبي بكر وعمر ، أو بشتيمة أم المؤمنين ، وكيف يتعبد بالأئمة المعصومين والذين يعلمون الغيب بحيث لو أنكرهم كان كافرا خارجا عن ملة الإسلام كما هو مستقر في أصول الشيعة ، كل هذا وغيره تجاهلوه ، فقط قال الشيخ شلتوت ، وكفى ... يتبع