حوار الطرشان زهير ماجد أكبر دولة عربية لم تتمكن من تحقيق الحوار الفلسطيني - الفلسطيني .. بل إنها من أعلن عن تأجيله إلى أجل غير مسمى ومن القاهرة التي كانت دائما محط انظار الفلسطينيين. وبذلك أخفق المصريون حيث أخفق السعوديون في ترجمة اتفاق مكة الذي وقعه طرفا الصراع فتح وحماس فظل حبرا على ورق. الأسف المصري قد لا ينفع بعدما وجد الفلسطينيون أن خير الأمور هو فيما هو عليه الواقع القائم .. لكن ، من يضمن استمرار التهدئة دون العودة إلى الاقتتال الذي ينذر بعواقب وخيمة قد تمتد شرارتها ان هي حصلت إلى مناطق لم تعرفها ، وربما في الشتات ايضا حيث الغليان على أشده ، بانتظار من يفتح النار أولا. بات من الصعب اصلاح الاهتراء الواقع بين الحركتين الصامدتين اتجاه اللا أمل .. لا تهدأ حركة حماس في اعتبار شروطها واهمها الإفراج عن معتقليها في الضفة الغربية الوسيلة الوحيدة لإقامة الحوار ، وهو مطلب في غاية الغرابة ، لأنه في ظل الحوار يمكن تحقيق هذا الشرط بالتفاهمات التي قد تحصل .. لكن رد حركة " فتح " كان اكثر عنادا الاعتراف بأن ليس لديها معتقلون ، وهو أمر يغلق الباب ايضا ويحمل التفاهم افتراضات غير واقعية اقلها ، ان فتح ليس لديها أمل بالحوار وبما يعنيه في هذا التوقيت. أفلتت المسألة اذن من يد المصريين الذين تعبوا وحاولوا وامضوا المباحثات تلو الأخرى ان كان في القاهرة أو في غزة والضفة .. ظل طرفا الصراع الفلسطيني على وحي بالإمكانية التي تنبه كثيرون بأنها لن تحصل .. ففي الأجواء غير الملائمة والتصعيدية لا يمكن للحوار ان يبدأ ، واذا ما بدأ فهو لن يستقر على حال ، لأنه سوف ينتهي على الفور إلى نقطة اللا عودة كما هي الحال اليوم. بات من الواضح ان الطرفين ذاهبان إلى معركة ان لم تحصل اليوم فقد تحصل غدا أو بعده ، وفي نية كل منهما احداث ثغرة له ، ان كان لحماس في الضفة الغربية ، او ل" فتح " في غزة .. ومن أبسط قواعد هذا الرهان انه لا يخلو من همجية في التفكير توازي الهمجية التي يريد الطرفان اعتمادها فيما لو نشبت معركة .. وأية معركة مهما كانت صغيرة أو كبيرة ستأخذ بعدا دراميا لأنها لن تتوقف عند حد ، بل ستصب اسرائيل الزيت على النار لتكون هنالك حرب اهلية حقيقية أولياتها العمل على تغيير المواقع ، وثانيها الوصول إلى أهداف سياسية ، وبكل بساطة فإن المسألتين لن تحدثا ، فلا لفتح قدرة على احداث دفرسوار في غزة ، وربما ايضا لحماس في الضفة ، وسيظل هذا الستاتيكو قائما ضمن نزاع لا يمكن تقدير مداه اضافة إلى عبثيته. الحالة الفلسطينية تؤرق القاهرة لأنها باتت متفرجة كغيرها ، وهي لا تقبل بهذا التوصيف لأنها أكثر المتضريين فيما لو حدث ، ولن يكون امامها بالتالي أي علاج له بعدما يكون قد طوى مسافة من النزيف الدموي الذي تختلط فيه المبادئ بالمواقع بالأسس النضالية وبالرؤية المستقبلية للقضية الفلسطينية. لن تنكفئ القاهرة عن دورها في كل الأحوال ، لكن احباطها سيلزمها مجددا الضغط على الطرفين من اجل العودة إلى الحقيقة الثابتة وهي الحوار اولا وآخرا. عن صحيفة الوطن العمانية 11/11/2008