مرة أخرى تواصل بقايا ونفايات التيارات والتنظيمات المندثرة - التي لم يعد لها مكاناً مؤثراً على الخريطة السياسية المصرية والعربية - ممارسة المشهد الثابت والوحيد الذي تتقنه وهو حالة التحريض والاستعداء ضد التيار الإسلامي، و تجاوزت هذا المربع بالسير في الاتجاه الخاطئ والخطير وهو حالة الفتنة وإعلان الحرب التي يدعون إليها ضد حماس المجاهدة و سكان غزة المحاصرين منذ سنوات.
و على غرار الفتوى الأكذوبة التي أطلقت في إبريل الماضي ضد خطباء حماس" الشيخ عبد الحميد الكلاب" وما نسب إليه زوراً وبهتاناً من التحريض ضد جنودنا البواسل على الحدود مع غزة" جاء السيناريو الأكذوبة الذي توهمه الكيان الصهيوني وفريق سلطة عباس وتبنته جريدة الأهرام في افتتاحيتها الأربعاء 3\12\2008 متجاوزة كل المواثيق والأعراف المهنية والإنسانية "حين نقلت عن تلفزيون فلسطين التابع لحركة فتح أن حافلات حجاج وصلت إلى المعبر بملابس الحجاج، لتقف "الميليشيات" وتسيل الدماء على ملابس الإحرام" .
كما ادعى رئيس تحرير الأهرام "أن الحكومة الفلسطينية في غزة "عطلت ركنًا من أركان الإسلام عن طريق "عناصر حكومتها المنحلة"، وراح يطعن في شرعية حماس و يعطي دروسًا حول العلاقة بين الدين والسياسة وأنه لايجوز الخلط بينهما.
ولا يفوتني في هذا الصدد التحريضي الإشارة لما تناوله الدكتور عبد المنعم سعيد في نفس الجريدة "الأهرام 1\12\2008 " تحت عنوان"البحث عن العنوان الصحيح" محملاً حماس وحدها المسئولية عن الانقسام الداخلي والحصار وأزمة الحجاج وفتح المعابر بل والهجمات الصهيونية على القطاع ثم انتقل يحرض مصر والسعودية ضدها!
نتائج ودلالات :
** إصرار تيار الخصومة والعداء المحلي والإقليمي على زرع الألغام في كل الطرق التي تسير فيها حماس وتيار المقاومة لتحويل بوصلة القضية من تحرير الأرض إلى السجالات والخلافات الداخلية والتوترات الإقليمية.
** استمرار حالة غياب وضوح الرؤية في التعامل مع الملف الفلسطيني والخلط بين الوساطة والتدخل في الشأن الداخلي تارة والتعامل الدبلوماسي والأمني تارة أخرى
** حالة التوجس والارتياب المهيمنة على عقل وقلب بعض النخب تجاه التيارات ذات التوجه الإسلامي وفي مقدمتها حماس وحزب الله .
** تعدد الأجنحة داخل مؤسسة الحكم في مصر والسلطة في فلسطين ليس في الرؤى والسياسات بل في الولاءات والانتماءات.
** انحياز الجناح الصاعد والقادم (رجال المال والأعمال) إلى أجندة المشروع الصهيوأمريكي بعيداً عن الأجندة الوطنية والعربية.
** سطحية مفهوم الأمن القومي المصري لدى بعض الساسة والحكوميين والموالين خاصة عندما يتم التحريض والاستعداء ضد الشقيق العربي صاحب الحق لصالح العدو المحتل .
** حالة الإفلاس السياسي والعسكري والأمني التي يعانيها الكيان الصهيوني وسلطة عباس سواء بسواء فراحا يدسا المكائد وينشرا الأكاذيب أملاً أن يحرزا أهدافاً بأقدام الآخرين .
وأخيراً رغم تصاعد حملة الاستعداء والتحريض إلا أن الواقع يؤكد حتمية الحوار والمصالحة والتوافق في مناخ يسوده التفاوض الآمن وتكافؤ الفرص، بعيداً عن الشروط التعجيزية والمسبقة ، لأن الجميع يوقن أنه برغم اختلاف الأفكار والمناهج والأيدلوجيات إلا أن التفاهم هو الحل الوحيد،وأن إقصاء الآخر وفرض الرؤى والحلول الآحادية بات من المحال مهما كتبت جريدة الأهرام وأخواتها!