يؤكد الواقع الفلسطيني والعربي من خلال شواهد باتت معلومة من الممارسة بالضرورة أن ثمة مخطط معد ومرتب بل ومعتمد من كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية يهدف لإقصاء بل حذف حماس وكل فصائل المقاومة المسلحة والسلمية وإبقاء عباس وسلطته الوهمية لسبب واضح هو خطورة المقاومة على المشروع الصهيوأمريكي بل وعلى أنظمة الاستبداد العربية دون استثناء، لأنها – المقاومة - أيقظت الضمير الوطني وبعثت الأمل النفسي واستعادة الوعي الفكري المفقود منذ عقود ، وما مبادرات الحوار والتهدئة والمصالحة وغيرها من الفاعليات ديكورية الشكل فارغة المضمون صفرية النتائج إلا تكتيكات تفرضها طبيعة المرحلة ،ولاعتبارات كثيرة أهمها أن تيار المقاومة رقماً فاعلاً وحاضراً لا يمكن تجاوزه .
السيناريو المقترح هو إجراء ما يسمى بالحسم السياسي بمعنى" تجاوز زمرة عباس والتنسيق مع باقي الفصائل والتيارات الفلسطينية في الداخل والخارج حرصا على مشاركة الجميع بنسب وزنية تكافئ الثقل الشعبي أو التمثيل النيابي أو أية معايير يتوافق عليها الفلسطينيون والحرص على تضامن التيار الوطني في حركة فتح الرافض للتيار الأمني والتيار النفعي الفتحاوي الذي يتعامل مع القضية بمفهوم تجاري بحت ، بمعنى أكثر تحديداً كما أشار المناضل الوطني الدكتور عبد الحليم قنديل "تشكيل حكومة ائتلاف فلسطيني جامع في غزة، تضم كل فصائل السياسة والمقاومة ، وتعلن إنهاء الارتباط بالتزامات أوسلو، وتلزم أطرافها بالدفاع المسلح عن التراب المحرر في غزة، واستكمال السيادة عليها، والشروع في "انتفاضة ثالثة" بالضفة والقدس، والدعوة إلى مؤتمر شامل للفلسطينيين في الوطن والشتات، واختيار مجلس وطني يعيد بناء منظمة التحرير الفلسطينية، واعتبار حكومة الائتلاف الوطني بمقرها المؤقت في غزة فرعاً من منظمة التحرير الجديدة الجامعة، وعزل زمرة عباس المستبدة بأقدار "حركة فتح" النتائج المتوقعة.
قد يستغرب البعض هذا التصور نظراً للتداعيات المتوقعة ولكنها لن تكون أكثر قسوة وظلمة ومرارة مما عليه الواقع الحالي ولن يكون هناك أكثر من مزيد من الحصار القائم بالفعل واستكمال مسلسل التحريض والتهديد من كل الاتجاهات، خاصة التيار الأمني والتجاري في فتح مع بعض الفلتان والاضرابات التي اعتادها الفلسطنيون وهجوم منتظر من التيار العلماني العربي خاصة مصر والذي لم يكف يوماً عن ممارسة هواياته في التحريض والتجريح والتخويف من خطورة حماس على الأمن القومي المصري وبالتالي حشر الإخوان حشراً لتصفية الحسابات، وأيضاً وكالعادة استنكار عربي رسمي مفقود القيمة والتأثير.
ويرى البعض أن هذه الخطوة ستكون بمثابة وضع العصا في العجلة ليقف الجميع أمام إرادة وخيار الشعب الفلسطيني بل ستلجأ زمرة عباس والكيان الصهيوني لحالة من الاستجداء أملاً أن يكونا شركاء في الترتيب الجديد وعوامل مساعدة مع صعوبة التصور إلا أن هناك جملة من الفرص المتاحة لنجاحه أهمها جاهزية المناخ المحلي حيث حالات الفساد و الفشل والإخفاق المتكرر لسلطة عباس على المستوى السياسي والإداري والأمني والتي أكدت أنها تعمل بنفس نسق الكيان الصهيوني في حذف المقاومة فضلاً عن الانشقاقات المتوقعة داخلها في الفترة القريبة القادمة.
وعلي المستوي الإقليمي حيث الأزمات المالية والسياسية بل والعقدية للكيان الصهيوني"راجع تصريحات أولمرت وشمعون بيريز" ، والأوضاع السياسية والمعيشية المتردية لدول الجوار ومرحلة التوريث أو انتقال السلطة المنتشرة داخل الأنظمة الجمهورية والملكية العربية .
وبالتوازي مع كل ما سبق الزخم الشعبي العربي والإسلامي المتعاطف وبشدة مع تيار الممانعة والمقاومة الفعلية أياً كان لونها السياسي والفكري بسبب حالة اليأس والإحباط التي تسود الشعوب من أنظمة مشكوك في إمكاناتها بل وولائها ! المهم وفي جميع الأحوال أن تكون الخسائر المتوقعة في أضيق الحدود والتي ستكون مهما بلغت أقل من الواقع المأزوم والمفروض .
إشارة: لم أقصد بالحسم العسكري التعبير المغلوط والشائع والمسمى أحياناً بالانقلاب العسكري لحماس، ولكن تعبير اقتضاه عنوان المقال