حاول رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس أن يبدأ في مناورة سياسية جديدة فيما يتعلق بإعلانه عدم رغبته في الترشح لانتخابات رئاسية؛ حيث يشير الكثيرون إلى أن حديث عباس عن مثل هذه "الفقاعات الإعلامية" لا تعبِّر عن توجُّهاته الداخلية، بل إنها جاءت كنوع من لفت النظر إليه، خاصة بعد مرحلة الفشل الذريع الذي مني به النهج التفاوضي الذي يقوده مع العدو الصهيوني. خطاب عباس غامض وغير مقنع القيادي في حركة "حماس" محمد نزال اعتبر خطاب عباس غامضًا وغير مقنع، وقال إن الأيام ستكشف حقيقة قراره عدم خوض الانتخابات، مضيفًا في تصريحٍ صحفيٍّ له أن هذه "ليست المرة الأولى التي يهدِّد فيها عباس بالاستقالة؛ فقد هدَّد قبل خمس سنوات بالاستقالة، ودائمًا ما يطرحها كنوع من التهديد". وذكر نزال أن إستراتيجية عباس هي التي أوصلت الشعب الفلسطيني إلى طريق مسدود وأفشلت كل الطرق للوصول إلى المصالحة، رغم أن حركة "حماس" لا تزال تسعى إلى تحقيقها. "مركزية فتح" تغطي على تصريحات عباس وبُعيْد إعلان عباس عن عدم ترشحه لانتخابات الرئاسة، قالت اللجنة المركزية لحركة "فتح" إنها تتمسَّك ب"الرئيس" الفلسطيني محمود عباس كمرشح وحيد لها في انتخابات الرئاسة المقبلة؛ حيث جاء ذلك في بيان صحفي للجنة مساء الخميس (5-11)، أكد أن القرار اتخذ بالإجماع، معتبرًا أن عباس "هو القادر على العبور بشعبنا في هذه المرحلة بثوابتنا الوطنية لاستكمال مشروعنا الوطني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس". من جانبه أكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ومفوضها للعلاقات الخارجية نبيل شعت في تصريحٍ له؛ أن الحركة متمسكة بعباس وتدعم مواقفه السياسية، مشددًا على أن الوضع السياسي بات صعبًا في ظل استمرار "إسرائيل" في "الاستيطان" وتنامي عدد "المستوطنين" في الضفة الغربية. وأكد أن "فتح" لن تبحث عن بديل لعباس؛ لأن الحديث عن بديل له "يعني القبول بأن يأتي من يقبل بتقديم التنازلات التي رفض الرئيس عباس تقديمها إزاء حقوقنا الوطنية". وكان أمين سر اللجنة التنفيذية ل"منظمة التحرير الفلسطينية" ياسر عبد ربه قد قال قبل خطاب عباس إن فصائل المنظمة أكدت عدم رضاها عن توجُّه الرئيس الفلسطيني إلى عدم الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة. وشدد على أن المنظمة تجدد ثقتها في عباس. دعم أمريكي لعباس أما ما يتعلق بالموقف الأمريكي من عباس، فعبَّر عنه المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي "روبرت غيبس" الذي قال: "إن واشنطن تتطلع إلى مواصلة العمل مع الرئيس الفلسطيني". كما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إنها تتطلع إلى العمل مع الرئيس الفلسطيني "بأية صفة جديدة". وأضافت أنه "أكد التزامه الشخصي بعمل ما في وسعه لتحقيق حل الدولتين للصراع "الإسرائيلي" - الفلسطيني، وأتطلع إلى العمل مع "الرئيس" عباس بأية صفة جديدة". واجتمعت كلينتون مع عباس مطلع الأسبوع، وقالت إنهما بحثا مستقبله السياسي، لكنها لم تعط أي تفاصيل. حاجة إلى قائد يحترم المقاومة المواطن أحمد من غزة علق على خطاب عباس قائلاً: "بالفعل نحن بحاجة إلى قائد يحترم المقاومة الفلسطينية، ويحترم تضحيات المقاومين والمجاهدين الذين يبذلون أرواحهم من أجل الوطن"، وأضاف: "نحن كأبناء للشعب الفلسطيني جرَّبنا عباس، ولم يكن جديرًا بهذا المنصب.. كان يجب عليه أن يستقيل قبل أن يصفيَ القضية الفلسطينية". واختتم أحمد حديثه قائلا: "رغبة عباس في عدم الترشح لانتخابات رئاسية لا أعتقد أنها رغبة صادقة، بل إنها جاءت من أجل لفت الأنظار إليه بعد الفضيحة المدوية التي مني بها، سواء على صعيد فشل نهجه التفاوضي مع العدو الصهيوني أو بعد فضيحة سحب "تقرير غولدستون" والتي ظهر خلالها تساوقه الكامل مع الاحتلال الصهيوني الذي شن حربًا قاسية على غزة بمشاركة مباشرة أو غير مباشرة من عباس وزمرته". إعلان عن فشل نهج التسوية من جهتها وصفت حركة "حماس" خطاب عباس بأنه "بمثابة إعلان صريح وواضح عن فشل برنامج التسوية ونهجها ووصوله إلى طريق مسدود، وهو ما أكدته حركة "حماس" باستمرار"، مؤكدة في بيان صدر عنها أن "المطلوب الآن هو تغيير النهج السياسي الفاشل الذي قاده ولا يزال محمود عباس وفريق التسوية، وعدم الإصرار على هذا النهج المدمر للقضية الوطنية، مبينة أن "مواجهة حالة الانحياز الأمريكي الصارخ إلى "إسرائيل" على حساب حقوقنا الوطنية يتطلب الذهاب إلى إعادة بناء الموقف الوطني بناءً على اعتباراتنا ومصالحنا الوطنية، لا بناءً على شروط "الرباعية الدولية" وإملاءات الصهاينة". وشددت "حماس" على أن "المسؤولية الوطنية تتطلب مصارحة الشعب الفلسطيني بأن خيار التسوية تمخض عن سراب ووهم كبيرين"، داعية إلى عدم إضاعة المزيد من الوقت وراءه، وإلى "إعادة الاعتبار إلى خيار المقاومة والصمود، والتمسك بالحقوق والثوابت الوطنية، ووقف كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال، ووقف ملاحقة "أجهزة عباس الأمنية" المقاومةَ الفلسطينيةَ في الضفة الغربية، وإعادة بناء "منظمة التحرير الفلسطينية" حسب ما تم التوافق عليه في حوارات القاهرة، وإيجاد مرجعية وطنية تمثل كل القوى والفصائل الفلسطينية تكون معنية بإدارة القرار الفلسطيني ورعاية المصالح العليا لشعبنا". القضية الفلسطينية أهم من كل الأشخاص وأوضحت "حماس" أنه "ليست القضية المهمَّة أن يترشَّح محمود عباس للانتخابات الرئاسية أو لا؛ فهذا شأن يخصه.. القضية كانت وستبقى أهم من كل الأشخاص والقيادات". وطالبت الحركة في بيانها "محمود عباس والإخوة في حركة "فتح)" بالتوجه الصادق نحو إعادة بناء البيت الفلسطيني وترتيبه، وإنجاح المصالحة الوطنية، وعدم وضع العقبات أمامها، والذهاب إلى انتخابات في إطار التوافق الوطني الفلسطيني لا بقرار فردي من عباس؛ بحيث تكون هذه الانتخابات جزءًا من عملية المصالحة لا بديلاً لها".