الدكتور أحمد المنشاوي يكتب: جامعة أسيوط الحكومية والأهلية... حضور متميز بمعرض «أخبار اليوم للتعليم العالي»    وظائف خالية اليوم الأربعاء.. فرص عمل بمختلف المحافظات    مدبولي يوجه بتكثيف جهود سداد مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع البترول    زلزال بقوة 6.19 ريختر يضرب تركيا    تفاصيل جلسة مجلس الأمن| مندوب فلسطين: هدف إسرائيل هو قتل شعبنا ومنع إقامة دولته    تشكيل غزل المحلة لمواجهة البنك الأهلي بالدوري    الاتهامات الموجهة للتيك توكر لوشا    وزير الثقافة يفتتح فعاليات مبادرة «القوة في شبابنا 2» بحوار مفتوح مع الشباب    توجيهات عاجلة.. تفاصيل أول اجتماع لوزير الصحة مع وكلاء الوزارة الجدد    الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش خلال يوليو غدا    المشدد 15 سنة لعاملين و3 سنوات لسائق سرقوا هاتفا تحت تهديد السلاح ببنها    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    خبيرة: الموضة الحقيقية هي ما يناسب شخصيتك وجسمك وثقافتك    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الزواج عبر الهاتف: لا ينعقد بدون الأركان الشرعية    أمين الفتوى: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    بتروجت يمنح الزمالك أولوية التعاقد مع حامد حمدان فى يناير بشروط    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يطلق استمارة المشاركة في مسابقات الدورة العاشرة    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة 33 للجنة المشتركة المصرية الأردنية    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    تأجيل محاكمة 29 متهما بالهيكل الإداري للإخوان    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    بعد توجيه السيسي بحل مشكله معاشات ماسبيرو.. "المسلماني": نشكر الرئيس    البورصة تربح 21.3 مليار جنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    إصابة 6 أشخاص بينهم طفلة بإطلاق نار جماعى فى بالتيمور الأمريكية    سعر الأسمنت اليوم الأحد 10- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    سعر ومواصفات السيارة سوإيست S07 في مصر    شاهد.. لحظة تحرك شاحنات المساعدات من مصر إلى قطاع غزة    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    تعثر الأهلي أمام مودرن يعيد التساؤلات.. هل يحتاج تدعيمات وريبيرو الأنسب؟    فلوريان فيرتز يتوّج بجائزة أفضل لاعب ألماني لعام 2025    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    التعليم العالى: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس فى إنتاج بروتينات علاجية    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    مصرف أبوظبي الإسلامي مصر يقرر زيادة رأس المال إلى 15 مليار جنيه    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    الأمن يكشف ملابسات فيديو اعتداء أب على نجله وإجباره على دخول شنطة سيارة بالشرقية    ميكروباص يصدم 9 أشخاص على طريق كورنيش الإسكندرية (صور)    مهرجان القلعة يعود في دورته ال33.. ليالٍ موسيقية بنكهة عربية وعالمية    إبعاد 6 أشخاص خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام بقرارات من الداخلية    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية خلال 2025    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الهلال السعودي يعلن رسميًا التعاقد مع الأوروجوياني داروين نونيز حتى 2028    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يسقط نظام آيات الله؟!

قرأت عشرات الكتب ومئات الأبحاث وحضرت العديد من الندوات ف محاولة لفهم اللغز الإيران.. واكتشفت أننا لا نعرف الكثير عن هذا البلد.. فإيران ليست مجرد مفاعلات نووية يجر بناؤها، مما يثير مخاوف دول الجوار والدول الت تتنافس عل قيادة العالم.. وه أيضا ليست مجرد تصريحات نارية يطلقها رئيسها أحمد نجاد فتثير العواصف حول بلاده.. وه كذلك ليست مجرد ثورة يجر تصديرها ولا مجرد مظاهرات ومواجهات عنيفة تتزايد.. باختصار إيران ليست الجنة الموعودة، كما أنها ليست الجحيم، إنها دولة كانت تواجه الضغوط الخارجية بتماسك داخل فريد.. والآن أصبحت تعان من أزمة استقرار داخل عنيفة، وبدأ العد التنازل لانهيار نظام آيات الله ف طهران مع بداية العام الجديد وفقا لبعض السيناريوهات!
الأحداث تؤكد أن المعارضة الداخلية الإيرانية وجدت لتبق عل عكس ما توقعه قادة نظام آيات الله ف طهران الذين رأوا أن تلك المظاهرات ليست إلا فقاعات سرعان ما تزول.. ولكن الأحداث الت جرت بعد ذلك أثبتت خطأ تلك التوقعات لأن المعارضة الشعبية الإيرانية أكدت أنها سيل جارف ومتزايد.. وأنها تتجاوز ف ثوريتها حت قادتها سواء حسين موسو أو محمد خاتم أو مهد كروب.
الأهم أن هدف المعارضين لم يعد كما كان ف يونيو الماض مجرد تعديل نتائج الانتخابات للإطاحة بأحمد نجاد وتنصيب موسو رئيسا للدولة بدلا منه، بل أصبح هدف المعارضة الإيرانية الآن الإطاحة بخامنئ نفسه ليس فقط كمرشد أعل للثورة، بل أيضا كول فقيه يأمر فيطاع، والدليل عل ذلك أن شعار الله أكبر ..الموت للديكتاتور، كان يقصد به ف يونيو الماض أحمد نجاد، وف مظاهرات الأيام القليلة الماضية ردده المتظاهرون ف ميادين فانال ومحسن وانقلاب وتجريش بالعاصمة طهران وف مدن قم وتبريز وأصفهان وغيرها من المدن الإيرانية، أصبح يقصد به خامنئ نفسه!
وجاء العنف المبالغ فيه الذ مارسه النظام الإيران تجاه هذه المظاهرات معبرا عن القلق الذ يشعر به نظام آيات الله من احتمال تحول حركة المعارضة الشعبية الراهنة إل كرة ثلج متدحرجة قد تجرف ف طريقها ف النهاية كل قادة ورموز السلطة الإيرانية الحالية، وهو ما نفاه أحمد نجاد نفسه قائلا: إن أعداء إيران عاجزون عن الإضرار بها من الداخل.. لقد خططوا لسيناريو واسع ومعقد، لكنهم لا يعلمون أن الأمة المستعدة للتضحية بالنفس فداء لشخصياتها الدينية ستدمر كل محاولاتهم الشيطانية.
هكذا عبرت تصريحات أحمد نجاد عن قلق قادة نظام آيات الله أكثر مما عكست ارتياحهم لتماسك الجبهة الداخلية، ويلاحظ هنا أن المتظاهرين الإيرانيين اقتربوا بحذر شديد من المساس بالرموز الدينية، وكانت مطالبتهم بتغيير المرشد الأعل خجولة، ويرجع ذلك إل أن كل قادة المعارضة الإيرانية من مؤسس النظام القائم سواء محمد خاتم أو حسين موسو أو مهد كروب أو هاشم رافسنجان إذا حسبناه من المعارضة، أو الراحل منذ أسابيع آية الله حسين منتظر، وكان الأخير يفخر بأنه منظر مقولة ولاية الفقيه وكتابه ف هذا الموضوع مازال من أهم المراجع، ولكن إبعاده عن منصب المرشد الأعل واختيار خامنئ بدلا منه جعله ف المعارضة، فكان من قادتها بسبب مكانته الدينية وليس بسبب أطروحاته الإصلاحية.
وهكذا يمكن تفسير ما يحدث ف إيران عل أنه بدأ بانقسام ف السلطة انتقل إل الشارع فتحول إل مظاهرات ومصادمات دامية متزايدة، ومشكلة المعارضة التي تتظاهر ف الشوارع أنها مازالت بدون برنامج يوحدها ف مواجهة نظام آيات الله الذ أصبح معزولا عن شعبه تماما مثل شاه إيران ف أيامه الأخيرة، المشكلة أن المعارضة الإيرانية اليوم ليست إلا خليطا من الرافضين لنظام آيات الله، منهم رجال دين مؤمنون بولاية الفقيه أبعدوا عن مراكز القرار فتحولوا إل المعارضة، ومنهم الملحدون والملكيون ومنهم عناصر من مجاهد خلق أو القوميون الآريون المرتبطون بالخارج، ومنهم السنة الإيرانيون المضطهدون وبعض تجار البازار المتضررين من الأوضاع القائمة، وعبر عن هذا الخليط شعارات متباينة رفعها المتظاهرون ف الشوارع الإيرانية الأيام الماضية منها لا دين مع السياسة، نحن آريون، لا غزة ولا لبنان أهب روح لإيران، الله أكبر.. الموت للديكتاتور، وهكذا تتعدد الهتافات والشعارات بتعدد توجهات المتظاهرين الذين لا يجمعهم برنامج واحد يعبر عنه زعيم واحد، وكان ف الماض هو الخومين ولا يجسده اليوم لا موسو ولا كروب، وهذا لا يعن الاستخفاف بهذه المظاهرات لأنها تعبر عن حدوث انقسام داخل نظام آيات الله ف طهران، وهو انقسام قد يبدو بسيطا ف هذه المرحلة، لكنه قد يتطور إل ما هو أخطر، ويؤكد هذه الخطورة جرأة الشباب الذ يقود المعارضة ف الشارع وه الت تذكرنا بجرأة شباب الثورة الخومينية عام ,1979 وهو ما شجع بعض المحللين إل القول أن قيادة الأحداث تنتقل تدريجيا إل الشارع الإيران الذ يفتقر إل قيادة موحدة مماثلة لقيادة الخومين ف نهاية السبعينيات.
أغرب ما ف هذا الأمر أن الخوف من الاضطرابات الداخلية كان دائما الدافع الأهم لتشدد آيات الله ف طهران.. فوجود خطر خارج يحيط بالجمهورية الإسلامية.. وتضخيم هذا الخطر هو ما يدعم تماسك الجبهة الداخلية ف تصور تلاميذ الخومين.. لذلك احترفوا سياسات حافة الهاوية وتصدير الثورة.. وحولوا مشروعهم النوو إل حلم شعب.. ولكنله أد إل أزمة اقتصادية يعان منها المواطن العاد الذ خرج ف المظاهرات الأيام الماضية ضد الرئيس أحمد نجاد وآيات الله الذين يدعمونه، ومن المتوقع أن يزداد الأمر تعقيدا إذا ما فرضت عقوبات دولية إضافية عل إيران، وهو أمر متوقع أن يحدث ف نهاية الشهر الحال.. وصنع آيات الله ف طهران حلم الإمبراطورية الفارسية وسعوا إل تنفيذه ووزعوا مبالغ طائلة من أموال الشعب الإيران عل قادة حماس ف فلسطين وقادة حزب الله ف لبنان والحوثيين ف اليمن.. واستخدم قادة طهران أموال الشعب الإيران ف لعب أدوار غامضة ف العراق والسودان وأفغانستان وغيرها.
ويبدو أن الأزمة الداخلية الإيرانية لن تجد طريقها إل الحل لأسباب متعددة، منها استعلاء نظام آيات الله عل التعامل الموضوع مع أسباب الأزمة بعقلانية، واعتبار أن الشباب المتظاهرين أقلية معزولة خدعتها أبواق الدعاية المسمومة، ووقعت ف حبائل المستكبرين والمنافقين.. وأن الشعارات تحركهم مستخدمة سلاح الإنترنت.. وأن العاصفة الت يتسل بها الغرب أو يراهن عليها ليست إلا زوبعة ف فنجان.. والحقيقة أن المسألة أبعد من ذلك وأعمق، ويزيد من تعقيد الأزمة اكتفاء نظام آيات الله بدفع أجهزة الأمن للتعامل مع المعارضة الشعبية بعنف مبالغ فيه وهو ما يعقد الأمور ولا يحلها.. وقد أد هذا العنف حت الآن إل قتل 15 شخصا وإصابة المئات واعتقال نحو 20 شخصية معارضة منهم إبراهيم يزد - وزير الخارجية الأسبق ورئيس حركة تحرير إيران - وعل رضا بهتش.. وقربان بهزانيان نجاد.. ومحمد باقريان وهم مستشارون للمرشح الإصلاح عل مير موسو.. كما اعتقل مدير مؤسسة باران التابعة للرئيس محمد خاتم مع مساعده.. ومنذ أيام وف حوار مع مجلة دير شبيجل الألمانية حذر عل منتظر - نجل رجل الدين الإيران حسين عل منتظر - من عواقب كارثية عل بلاده ف حالة اعتقال موسو أو اختفائه.
الأخطر من كل هذا أن أهم أسباب الأزمة الداخلية يكمن ف الأساس الذ بن عليه نظام الحكم ف إيران - وهو أمر يصعب التعامل معه - فمثلا التجربة الديمقراطية الإيرانية أثبتت أن المعارضة تستطيع أن تفوز ف انتخابات رئاسية وبرلمانية كما حدث مع محمد خاتم، وينته الأمر بهذه المعارضة أن تتول السلطة، لكنها تكتشف أنها لا تملك شيئا لأن سلطاتها مصادرة سلفا.. وبرامجها الإصلاحية تموت بفعل سيطرة نظام ولاية الفقيه عل الشئون الدينية.. وللأمانة حاول النظام الإيران ف نهاية التسعينيات من القرن الماض حل هذه المعضلة الديمقراطية من خلال نقل السلطات السياسية تدريجيا إل الهيئات المنتخبة شعبيا مع الإبقاء عل سلطة الفقهاء، لكن ف الشئون الدينية فقط.. ولكن جاء الغزو الأمريك للعراق وتوقف كل شء واتجه النظام الإسلام ف طهران إل الحفاظ عل بقائه وإلغاء أ تحرك ف اتجاه الإصلاحات الديمقراطية، وبدأ صعود سلطات الحرس الثور الأيديولوج والأجهزة الأمنية الملتصقة به عل حساب مؤسسات الدولة الأخر، بما ف ذلك مؤسسة ولاية الفقيه.. وهكذا بدأت الديمقراطية الإيرانية ف النزيف بلا علاج، وهو ما قد يؤد ف هذا العام إل كارثة يصعب علاجها سلما.
ويحل هذه الأيام عام جديد عل إيران، وه أكثر ضعفا وتمزقاً ف الداخل، بالإضافة إل تزايد التهديدات الخارجية الت تحيط بها من الخارج.. فمع يناير الحال تنته المهلة الزمنية الت حددها كل من الرئيسين ساركوز وأوباما لطهران من أجل الرد عل عرض الحوار مع القو الكبر حول ملفها النوو.. الرئيس الإيران أحمد نجاد استبق الموعد المحدد ورفض فكرة المهلة الزمنية وسخر من السياسة الأمريكية والغربية تجاه بلاده قائلا: حت لو غضبتم لن تجر إيران محادثات معكم بشأن المسألة النووية.. ولكنه من ناحية أخر أعلن قبول بلاده بتركيا بدلا من روسيا كموقع لمبادلة المواد النووية الإيرانية بأخر منزوعة القدرة عل صنع سلاح نوو.. وهو ما يناقض تصريحا أدل به نجاد ف الثان من ديسمبر الماض قال فيه:إن إيران تقترب مع الوقت من المستو المطلوب لصناعة الأسلحة النووية.. الأهم أن العام الجديد يبدأ حاملا معه نذر فرض عقوبات اقتصادية جديدة ومشددة عل إيران وهو ما سوف يؤد إل تفاقم أزمتها الاقتصادية بعد فرض حظر عل مبيعاتها البترولية الت تعد من أهم مصادر الدخل للبلاد مع مقاطعة الشركات التابعة للحرس الثور ومحاصرة الشركات الخاصة والاستثمارية والمتعاملين معها وتهديدهم بتعرضهم لمقاطعة أمريكية لو واصلوا تعاملهم السر مع إيران... هذه الخطة الأمريكية تبدو وكأنها عقوبات اقتصادية إلا أنها ف الحقيقة تعن عقوبات أمنية وتدخلا ف العلاقات بين النظام الإيران ومعارضيه ف الداخل، فالمعروف أن الحرس الثور الإيران يهيمن عل جميع شركات الاتصال والبث الفضائ والمعلومات، وهذا الوضع يتيح للحرس الثور قمع ومراقبة ومحاولة إخراس المعارضة الإيرانية، وإذا فقد الحرس الثور هذا التحكم قلت قدرته عل مواجهة المعارضة الداخلية المتزايدة وإصرار الإدارة الأمريكية عل فرض عقوبات اقتصادية عل إيران بهذا الشكل يشير إل أن دوائر صنع القرار الأمريكية أصبحت أكثر اقتناعا بقدرة المعارضة الشعبية عل تغيير الأوضاع ف إيران.. ومن هنا تأت فكرة العقوبات الاقتصادية المشددة عل إيران لتتوافق مع سياسة الرئيس أوباما الذ يعلن دائما أنه يحاول البعد عن الحلول العسكرية لمعالجة الأزمات ولكنها أيضا لا تتعارض مع الخيار العسكر الذ لم يتم استبعاده تماما من الحسابات الأمريكية والإسرائيلية، والدليل عل ذلك أن الدوائر العسكرية ف واشنطن كانت قد أعلنت عن تعزيز الدفاعات الأمريكية بأسلحة اعتراضية لديها القدرة عل إسقاط الصواريخ الإيرانية ونشر هذه التعزيزات ف ألاسكا وه أقرب نقطة أمريكية لإيران وف القواعد البحرية الأمريكية شرق المتوسط.. والأهم من ذلك أن السياسات الغربية الت تقودها واشنطن لحصار إيران نجحت ف إحداث تحول حاد ف علاقات روسيا الداعمة لطهران.. وهو ما أد إل تأخير إنهاء وتشغيل مفاعل بوشهر النوو وكان من المفترض أن يتم ذلك قبل نهاية العام الماض ولكنه تأجل إل العام الجديد.. بالإضافة إل تغيير موقف موسكو من مسألة العقوبات الدولية عل إيران من الرفض التام إل قبول الأمر، بل وتأييده إل جانب عدم حصول إيران عل صفقة منظومة الصواريخ S-300 وهو ما يعتبر ضربة عسكرية لجهود إيران الرامية إل بناء شبكة دفاعية لحماية مواقعها الحيوية.. وصاحب التحول الروس تغيير كبير ف مواقف الصين من إيران الت كانت تعتمد إل حد كبير عل دعم موسكو وبكين.. ولكن هذا الدعم يتراجع الآن.
وف إسرائيل أعلن نتانياهو عن رغبته ف تشكيل ائتلاف حكوم موسع ينضم إليه حزب كاديما - أكبر الأحزاب الإسرائيلية - ومعروف أن إسرائيل لا تلجأ إل تشكيل الحكومات الائتلافية الموسعة إلا عندما تستعد لعمل كبير.. وقد يكون هذا العمل فرض أمرا واقعا يمس المستوطنات أو القدس أو شن هجوم عسكر عل إيران أو أحد توابعها.
أو التوصل إل اتفاق سلام.. أو أن الأمر يتعلق بإيران. وهنا نذكر التصريحات الت أدل بها نائب وزير الخارجية الإسرائيل لصحيفة هاآرتس - الأسبوع الماض - دان أيالون وجاء فيها ليس أكيدا أن النظام الإيران سيكون موجودا بعد عام.
ومعروف أن إسرائيل تتمن أن تتاح لها الفرصة لضرب إيران.. وعموما هناك سيناريوهات عسكرية ف هذا المجال تشير إل ترجيح أن تعط واشنطن موافقتها لإسرائيل عل ضرب إيران قبل انسحاب القوات الأمريكية تماما من العراق ف 31 أغسطس القادم حت تقطع الطريق أمام إيران وحلفائها بالمنطقة من الدخول العسكر وسد الفراغ الذ سينشأ بعد خروج قواتها من العراق.. وهكذا يبدأ العد التنازل لضرب إيران وقلب نظام حكمها من الداخل مع بداية العام الجديد.. ولكن ساعة التنفيذ ف يد النظام الإيران ويمكنه إيقافها لو نجح ف تلاف التهديدات الخارجية ونجح ف استيعاب المعارضة ف الداخل.
الغريب أن متابعة سلوك قادة نظام آيات الله ف طهران تشير إل تصعيد المواجهة مع المعارضة الشعبية ف الداخل.. مع ممارسة سياسات استفزازية ف مواجهة دوائر الخطر الت تحيط بإيران من الخارج.. ثم تتراجع سريعا عن هذا الاستفزاز.. فمثلا أعلنت العراق أن القوات الإيرانية احتلت حقل فكة رقم 4 بالقرب من مدينة العمارة..
وهذا الحقل يمثل جزءا من ثلاثة حقول يقدر مخزونها ب 5,1 مليار برميل.. وهو ما نفته بعض الدوائر الإيرانية.. أنها أعلنت إيران عن بناء عشر محطات لتخصيب اليورانيوم ثم أعلن أحد العلماء الإيرانيين أن الأمر كله لايعدو مجرد تهديد.. وكشفت إيران عن منشأة نووية سرية لأول مرة، مما أثار ضجة وسخطا دوليين واتضح بعد التفتيش عليها بمعرفة خبراء الوكالة الدولية للطاقة أنها تعمل ف إطار نشاطات سلمية وغير مقلقة.
الغريب أنه برغم أن تحديد ساعة انهيار نظام آيات الله ف طهران أصبحت مرهونة بسلوك قادة هذا النظام.. إلا أنهم يتحركون ف اتجاه تسريع حدوث هذا الانهيار وليس وقفه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.