مشروع إسرائيل النووي , مشروع سلام !!؟؟ هل صرنا آمنون ... كطفل في سريره؟!
* محمد احمد الروسان
... فمن أجل أن تثبت الدولة العبرية وجودها فإنها تسعى دائماً وبثبات إلى تحقيق تفوق استراتيجي .... وهذا الكيان العبري لا يجد وسيلة لبقائه الاّ بتحوله بالكامل إلى ثكنة عسكرية , وبامتلاكه السلاح النووي , حيث ذهب إلى تطوير البرامج النووية التي تستخدم للأغراض العسكرية وصناعة القنابل الذرية , ففي العاشر من آب عام 1948 م وبعد قيام هذا الكيان العبري الطارئ على التاريخ والجغرافيا في المنطقة , أنشأت مؤسسة الطاقة الذرية الأسرائلية " ناجال سوريك " التابعة إلى وزارة الحرب الإسرائيلية , كما وضعت الخطط لبناء مفاعلات نووية ومسرعات ذرية وإنتاج الماء الثقيل والحصول على اليورانيوم المخصب , ولهذا التسليح العبري أبعاده الإستراتيجية .... إنها ليست مشكلة حدود أو سيادة , بل مشكلة بقاء مادي بكل ما في هذه الكلمة من معنى , وهي مسألة بقاء لا للشعب اليهودي في الأراضي المحتلة عام 1948 م فقط , بل للشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم .
*... والحديث عن السلاح و/ أو البرنامج النووي الإسرائيلي , يتم تجاهله تماماً وكأنّ هذا البرنامج و/ أو السلاح لا يشكل خطراً أو تهديداً أو تقويضاً للسلام والأمن في المنطقة التي تعد أكبر المناطق في العالم التهاباً وتوتراً بسبب الاحتلال العبري للأراضي العربية المحتلة / الجولان السوري , مزارع شبعا , قرية الغجر /, وكذلك الأرض الفلسطينيةالمحتلة / عام 1948 م وعام 1967 م .
*... وعلى الرغم من أنّ الولاياتالمتحدةالأمريكية تتبنى بنفسها منذ فترة مسألة حظر أسلحة الدمار الشامل , الاّ أنها رفضت منذ سنوات التصديق على معاهدة حظر إجراء التجارب النووية , بل أنّ واشنطن لم تتخذ موقفاً مناهضاً لامتلاك " إسرائيل " أسلحة الدمار الشامل , وتجاهلت المواقف العربية والدولية الحيّة , الرافضة للسلاح النووي " الإسرائيلي " , حيث تمتلك " إسرائيل " أخطر وأفتك الأسلحة النووية , ويهدد المنطقة العربية وغير العربية بأسرها , وقد رفضت أمريكا باستمرار الدخول في اتفاقية حظر إنتاج وتطوير الأسلحة النووية أمام سمع العالم وبصره وصم أذنيه عن ما يجري في مفاعل ديمونا .... وبما أنّ أسلحة الدمار الشامل " الإسرائيلية " تؤدي إلى اختلال التوازن العسكري في المنطقة , فمعنى هذا أنّ مقولات وعبارات السلام المقبل / السلام الوهم / , وخارطة الطريق الأمريكية / خارطة تصفية القضية الفلسطينية / والدولة الفلسطينية مجرد أوهام ستذهب أدراج الرياح في ظل خطط قادة هذا الكيان الطارئ على كل شيء .
*.... وتجدر الإشارة إلى أنّه في بدايات شهر شباط الماضي من هذا العام , حدثت عملية استشهادية مزدوجة في قرية ديمونا , جعلت الأجهزة الأمنية الأسرائلية وعلى رأسها ( الشاباك ) ,أن أصيبوا جميعاً بالصدمة , بفعل عملية استشهادية مزدوجة بطولية نوعية , خاصةً وأنها جاءت في قلب بلدة ديمونا , حيث تقع في أقصى جنوبفلسطينالمحتلة عام 1948 م , ويوجد\ بالقرب منها مفاعل ديمونا الإرهابي النووي , والتساؤل الذي طرحته (الشاباك ) على نفسها وما تزال هو : اليوم نجحوا في تخطي كل الإجراءات الأمنية المشدّدة في ديمونا وحولها وكانت العملية المزدوجة ناجحة بكل المقاييس ! ماذا لو وصلوا غداً و/ أو بعد غد إلى ديمونا نفسه / المفاعل / وفجّروه ؟!! إنها كارثة حقيقية على إسرائيل والمنطقة والعالم !
*... والى جانب مفاعل ديمونا , تمتلك إسرائيل مفاعل نووي آخر في قلب فلسطينالمحتلة عام 1948 م " إسرائيل الآن " على الساحل المتوسطي اسمه مفاعل ( سوريك ) النووي , الذي قدّمه الرئيس الأمريكي دوايت ايزنهاور عام 1955 م , حيث يظهر للعيان من مفاعل سوريك هو : المنشأة المخصصة لمشروعات لا علاقة لها بالقنبلة الذرية / كتطوير منظومة الرؤية الليلية و/ أو الكاميرات النووية , كما يجري العلماء في سوريك أبحاثاً حول وسائل ضبط المقاومين الأستشهادين , من خلال أجهزة يمكنها رؤية ما تحت الملابس .
* ... فهذه الدولة العبرية الطارئة على الجغرافيا والتاريخ , وان كانت تمارس سياسة الغموض النووي في برنامجها النووي العسكري الإرهابي , فإنها بالمقابل لا تخفي مشروعاتها للأسلحة التي يستخدمها القنّاصة بحيث تتيح قياس سرعة الريح من خلال التصويب نحو الهدف , بالإضافة إلى ليزر آخر يحدد المسافة .
* ..وتبلغ قوّة هذا المفاعل خمسة ميغاوات , حيث وضع قلب المفاعل تحت تسعة أمتار من الماء المنزوع منه المعدن الأزرق الباهت البالغ الشفافية , حيث ظاهر هذا المفاعل يقوم بأبحاث تطبيقية لتطوير منتجات تكنولوجية رفيعة المستوى , وسوريك هذا يماثل ويتساوق في الهدف والغاية مع مفاعل ديمونا , على اعتبار أنّه يقوم في تطوير الأسلحة النووية , وان كان يعد المفاعل الوحيد في العالم الذي لا يضم دائرة للفيزياء النووية .
*... فمجمع سوريك مسؤول مسؤولية كاملة عن الأبحاث وتطوير الأسلحة النووية وتصنيعها أيضاً وبشكل ملفت لأجهزة استخبارات عالمية تعمل في الشرق الأوسط باعتباره ساحة صراع , ويعد مفاعل ديمونا , المفاعل الأول في إسرائيل وموجود في صحراء النقب وقد بني بمساعدة من الفرنسيين أواخر الخمسينات وقوته مابين 40 إلى 150 ميغاوات وينتج البلوتونيوم المخصص للاستخدام العسكري , حيث أحاطت إسرائيل , نشاطاتها النووية بالغموض , حيث رفضت / وما زالت / تأكيد و/ أو نفي امتلاكها السلاح الذري الإرهابي , وكذلك ترفض توقيع معاهدة الحد من الانتشار النووي وزيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مفاعل ديمونا والى أمكنة خاصة في مجمع سوريك النووي على الساحل المتوسطي في الأراضي المحتلة عام 1948 م , بفعل مساندة الولاياتالمتحدةالأمريكية , هذه المساندة التي هي نتاج سياسات ازدواجية في التعامل مع الملفات النووية الأخرى , وخاصةً المفاعل النووي الإسرائيلي الإرهابي العسكري .
* ... إن خطورة مفاعل ديمونا النووي تكمن , أنّه يقع في منطقة بحكم موقعها وتاريخها الزلزالي , فانّ تعرضها لزلزال وارد وغير مستبعد , وهذا إن حدث سوف يؤدي إلى تصدّع هائل في جدران مفاعل ديمونا النووي , وقد أشار الخبير مردخاي فعنونو والذي أعتقل في السجون الإسرائيلية لمدة 18 عاماً بعد أن كشف للعالم امتلاك الدولة العبرية / الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة والعالم / لهذا المفاعل النووي , أكد فعنونو أنّ تعرض المنطقة لهزّة أرضية قوية من شأنه أن تؤدي إلى شروخ وتصدعات في جدران المفاعل , وسوف يؤدي ذلك إلى تعرّض المنطقة والعالم إلى كارثة نووية أكبر بكثير من الكارثة النووية التي حصلت في مدينة تشرنوبيل , حيث مباني ومنشآت المفاعل والذي أقامه الكيان العبري / الطارئ على الجغرافيا والتاريخ / قبل أكثر من خمسين عاماً تعاني حالياً من شقوق بفعل الهزّات الأرضية المتتالية , وأنّ مباني المفاعل لم تعد صالحة وآمنة وفق المعايير والمقاييس العلمية العالمية , وعليه لم تعد الدول العربية وشعوبها آمنة كطفل في سريره .
* ... وهنا لا بدّ من الإشارة إلى ما دار من كواليس في أروقة المؤتمر الثاني والخمسين للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فينا أواخر شهر أيلول الماضي , من قبل الجانب العربي والإسلامي , حيث أصر هذا الجانب الدولي على طرح مشروع قرار يطالب بإخضاع المشروع النووي الإسرائيلي / الإرهابي / للتفتيش الدولي , كما يطالب الدولة العبرية بالتوقيع على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية .
*.. والمفارقة السياسية ذات الاستدارات الأمنية العجيبة - والتي يجب على القادة العرب والمسلمين التوقف عندها مراراً وتكراراً - تمحورت في موقف موحد لتلك الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا , حيث وقفت بكل حزم ضد المشروع العربي الإسلامي , ومارست واشنطن أصناف مختلفة من الضغوط على الجانب العربي والإسلامي لسحب المشروع .
*... تاريخياً , واشنطن استطاعت وقبل أكثر من خمسة عشر عاماً , أن تنزع بند القدرات النووية الإسرائيلية من جدول أعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية - وما زال حتّى يومنا هذا - في كل مؤتمراتها العامة السنوية , وذلك حمايةً لمشروع البرنامج النووي الإسرائيلي الإرهابي , ومسألة المطالبة العربية والإسلامية بإدراج هذا الأمر على جدول أعمال الوكالة في أي مؤتمر سنوي صار أمراً متعذراً ميئوس منه , بفعل موقف الغرب الحازم أمام هكذا مشاريع قرارات نحو مشروع البرنامج النووي الإسرائيلي الإرهابي .
*... وبهذا الموقف الغربي – الأمريكي , يقف الغرب بكل صلافة وتبجح وازدراء لحماية إسرائيل وبرنامجها النووي الإرهابي ومنع المجموعة الدولية من ممارسة أي دور رقابي على الدولة العبرية , وعلية سمحت أمريكا لنفسها اعتبار المشروع النووي الإسرائيلي , مشروع سلام , وأي مشروع عربي أو حتّى إسلامي آخر سلمي في المنطقة مشروع حرب وإرهاب , يا لها من مفارقات مبكية مضحكة تثير الجنون في النفس والعقل. *... فمن حقنا كعرب ومسلمين أولاً , أن نتسآل عن جدوى وجود الأممالمتحدة ؟ ..... حيث غدت الدول تتخذ قرار الاعتداء على بعضها البعض خارج الإجماع الدولي , كما فعلت واشنطن مع العراق , وكما فعلت إسرائيل مع سوريا في العام الماضي .... وأيضاً ما جدوى وجود الوكالة الدولية للطاقة الذرية بنفس الوقت , إذا كانت الدولة العبرية مستثناه بامتياز من قراراتها التي تنظم التفتيش والرقابة والحد من انتشار السلاح النووي .
*... إنّ الحديث المعسول الدائم والناجز عن منطقة شرق أوسطية خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط من قبل الأطراف كلها بما فيها العربية والإسلامية والغربية سيظل بل معنى وقيمة ومفعول , ما لم يتم تجريد الدولة العبرية / الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة / من أسلحتها النووية الإرهابية الرادعة الفتّاكة , حيث يعتبر السلاح النووي سلاح ردع ودفاع لا سلاح هجوم .